تقديم إدارة دار اقرأ
قد يتيه المرء في صحراء فيسير فيها ولا يعرف شمالها من جنوبها ولا شرقها من غربها. وقد يشتد عليه الأمر فلا يجد ماء ولا شرابًا ولا طعامًا، فيُصبح الهلاك محتمًا عليه من كل ناحية. فكم يتوق هذا المرء إلى أن يأوي إلى شجرة يتفيء تحت ظلالها عند اشتداد الحر ليدفع عن نفسه الهلاك وينتعش في جو لطيف ويشم رائحة الهواء العليل ويشرب من الماء الطاهر النظيف، حقيقة لا سرابًا.
فمَثَل الذي يقرأ القرآن والذي لا يقرأ القرآن ولا يتأمله ولا ينتفع به كمَثَل رجل يتفيء في ظلال شجرة وينتفع من محيطها، ورجل تائه في صحراء لا يرى نجاة في سيره. فهاهنا ظلال العرش برواية ورش، جعله الكاتب ترجمة لمؤلفه، لأن مَن قرأ رواية قرآن كرواية ورش وتعلَّمها وانتفع بها فهو يتفيء في ظلال العرش في ظلال رحمة الله، لأن القرآن ورواياته رحمة من الله قال تعالى: {وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك} [القصص: 86].
وهذا الكتاب يُشكِّل قيمة علمية في خدمة القرآن في رواية ورش عن نافع المعتبرة من الروايات المتواترة وخلاصة تجربة علمية في هذه الرواية المباركة عبر سني عمر الشيخ حسين عسيران رحمه الله عما تلقاه من شيخه الشيخ حسن دمشقية رحمه الله، وأضافت الحافظة الجامعة هدية الركبي بلمسة جمال على جمال فخرج الكتاب يتلألأ من بين ثنايا سلالة نورانية تلمع من بيروت وتضيء من مصر - حيث كان ورش - وتشرق من صاحب الرسالة من المدينة المنورة - حيث كان نافع - ويفيض النور من السماء - حيث جبرائيل عليه السلام {وأنزلنا اليكم نورًا مبينًا} [النساء: 174] – ومن رب العزة حيث يختص برحمته مَن يشاء.
والكتاب رقمه المؤلف لطلبة القرآن في رواية ورش ليرضعوا من لبانه ويتزودوا من ثماره ويغرفوا من بحاره، وهو أثارة من علم هذا الشيخ المبارك الذي آتاه الله البصيرة المتفتحة والذاكرة الواعية والذي أجمع مَن قرأ عليه القرآن بتضحيته وإخلاصه في تلقين القرآن على الوجه الذي نزل دون أن يأخذ مقابل تقري