انت المدفعية سلاح دفاعى فى ظل حكم المماليك حتى طومان باى، ولكن الجيش العثمانى بعد أن استعارها من مصر جعل منها سلاح هجومى يجر على عجل كما يبدو فى مقدمة هذه اللوحة(متحف قابى رقم 1609) ومن خلفها حملة البنادق والمشاة والفرسان، ومن خلفهم قيادات الجيش وحملة الأعلام وحامل ما يسمى باللواء الشريف (باللون الأخضر) وحامل البردة الشريفة (باللون الأصفر) ثم السلطان وحاشيته وخدمه.
ولاشك أن الانتصار العسكرى العثمانى على المماليك فى موقعة مرج دابق راجع إلى إستعمالهم لسلاح المدفعية والبارود . فى الوقت الذى أهمله المماليك فى حربهم مع العثمانيين بسبب فتوى دينيه لا تجيز المحاربة بين المسلمين بالاسلحة النارية ، و الدليل على ذلك أن المماليك هم أول من أستعمل المدفعية و البارود ، كما حدث فى موقعة عين جالوت عام 658 هـ . = 1260 م . إذ ان مادته الأساسية هى النطرون ــ ملح البارود ــ يوجد بكميات هائلة فى وادى النطرون غرب الدلتا ، وكان يستخدم فى المدافع أو المكحلة ، هذا إلى جانب اختراع مدافع النفط ، فكان المماليك لهم مسابك خالصة بهذه الآلات الحربية الحديثة ، عرفت عندهم بأسم : مسابك المدافع أو مسابك المكحلة ، كان يقع أحدها خلف القلعة. إلا أن إنتقال هذه الآلات الحربية المصرية إلى غيرهم جعلت غيرهم يهتمون بها أكثر من المماليك ، الذين أهملوا استخدامها وتعصبوا لأستخدام السيف والحصان كمظهر من مظاهر الفروسية وتركوا استخدام هذه الآلات للمصريين والعبيد .
ولعل العثمانيين بالذات ، دون غيرهم ، قد اهتموا بهذه الآلات الحربية والبارود وزادوا من اعدادها فى جيوشهم ، بحيث جعلوها اساس تسليح المشاه والفرسان ، واعتبروها سلاح هجومى ، واوجدوا له أورطه ( فرقة ) خاصة فى جيشهم عرفت بطوب جيلار Topdjalar ــ مفردها ــ طوب جى ــ . وعندما نطالع مخطوطنا (واقعة السلطان الغورى مع السلطان سليم لابن زنبل الرمال) الذى صدر بتحقيقى عن دار الكتب والوثائق القومية، نرى كيف كانت موقعة مرج دابق هى موقعة المدفعية النا