2. الحمد لله الذي خلقنا وميزنا بالعقل ولم يتركنا هملاً متميعين بل أرسل إلينا خير العالمين فدلنا على طريق المتميزين ورسمه لنا واضح مبين ، فمن أطاعه دخل جنة النعيم ، ومن عصاه فمصيره إلى الجحيم . مقدمة هذه الدعوة تظهر في تميز الإنسان عن بقية المخلوقات .. قال تعالى : ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر سورة الاسراء ( 70) هذه الدعوة تظهر في تميز دين الإسلام عن بقية الأديان . قال تعالى : ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبَلَ منه وهُوَ في الآخرة من الخاسِرين سورة آل عمران ( 85) هذه الدعوة تظهر في الأمر بتميز تصرفات الإنسان عن بقية التصرفات . نهى رسول الله : { عن نقرة الغراب ، وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب } . أخرجه الإمام أحمد هذه الدعوة تظهر في تميز انفعالاته عن بقية الانفعالات . قال تعالى : إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً سورة النساء ( 102) أي أن أهل الدين يتألمون كما يتألم غيرهم لكن انفعالهم له أسباب مختلفة ونتائج متميزة . هذه الدعوة أصلها ثابت في الكتاب والسنة : من المدعو ... ؟ ذلك الفرد الذي ما سمي فرد إلا لأنه تفرد عن غيره بصفاته . معنى التميز ... قال أهل اللغة : تميز الشيء ، أنفصل عن غيره وانعزل ، وضده تميع الشيء : ذاب وتسيل .
3. بماذا يتميز الإنسان ... ؟ واضح يعرف نفسه ونقطة تميزه يعرفه الآخرون مختبئ يعرف نفسه ونقطة تميزه لا يعرفه الآخرون أعـمى لا يعرف نفسه ولا نقطة تميزه يعرفه الآخرون غـير معـروف لا يعرف نفسه ولا نقطة تميزه لا يعرفه الآخرون فالفرد إما في أحيان كثيرة لا يعرف الإنسان نفسه ولا بماذا يتميز ؟ إن الناظر لعالم البشر يجد أخلاطاً متباينة واتجاهات مختلفة ، وأنماط متفاوتة ، لكن كلهم يشتركون في أنهم واقعون في التميع برغم أنهم باحثون عن التميز ..
4. ما طريق الوصول الى هذا التميز المأمول ... ؟ قال تعالى : وفي أنفسكم أفلا تبصرون الذاريات ( 21) اعرف نفسك تعرف نقطة تميزك مـا الإنسان ؟ الإنـســـان جســد روح عـقـل إن أهل الطب لم يصلوا إلى التقدم في طبهم إلا عندما عرفوا تركيب جسم الإنسان كذلك طالب التميز لن يصل إلى تميزه إلا إذا تعرف على طبيعة تكوينه وتركيب هذا التكوين ..
5. فطريق التميز يعتمد على ... طريقة تغذية العقل التغذية هي الإجابة على أسئلة ثلاث من اين أتيت ؟ إلى أين المصير ؟ ماذا يجب علي أن أفعل ؟ إذا تيقن من الاجابة تميز في استخدم طاقته إذا احتار في الاجابة تميع في استخدم طاقته بناءً على ما سبق انقسم الناس إلى متميز ومتميع .. كيف كان ذلك ؟ هذا ما سنعرضه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى ..
6. الحلقة الثانية كتبته الأستاذة : أناهيد بنت عيد السميري دعــوة للـتـمـيز
7.
8.
9.
10. تابع المسار حتى تقف على عـتبة التميز اعرف الطريق الله النبي دين الإسلام كمل نفسك إخـلاص دون زيادة ( لا تبتدع ) دون نقصان ( لا تعص ) كمل غيرك على علم وبصيرة افتح لهم طريق التميز وتذكر الأنبياء والمرسلين وعلماء هذه الأمة المميزين اصبر على الأذية في دعوتهم ادع إلى الدين اعـمل بـ تعّـلم عن فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ محمد ( 19 ) الصف ( 2 ) يوسف ( 108 ) قل هذه سبييلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ الأحقاف ( 35 ) عن أسماءه وصفاته بعد أن ظهرت لك ملامح شخصية المتميز على أرض الواقع وكذلك المتميع … ونتيجة هذه المقارنة - ويلوح سؤال - كيف يمكن الوصول إلى هذا التميز العقلي إذن ؟؟ لتتعلق به وترجوه وتخافه وتتوكل عليه عن سيرته وأقواله وأفعاله وسنته لتُتـبع عن الأمر والنهي لتستقيم بـ ما تدعو إليه حال المدعو وسائل الدعوة
13. مقدمة ان تميز العقل هو مفتاح تميز الإنسان ويلحق هذا التميز .. تميز الجسد والروح فكان حديثنا في الحلقة السابقة حول الطريق الذي تتميز به العقول فاوردنا برنامج عملي للوصول وطرحنا العلم كأول الحلول لمعرفة الطريق المأمول ثم العمل الموصول ثم الدعوة إلى الدين بالأصول ثم الصبر على الأذى متوقع الحصول ... وهذا المسار نتائجه واضحة جليه ... هذا شيخنا – رحمة الله عليه – الشيخ / محمد بن عثيمين ممن تعلم وعمل ودعى وصبر تميز عن غيره وتميز به غيره . وهذا التميز المذكور .. تبعه تميز في طرق استثمار الطاقات وفي ضبط الحاجات ( التي ذكرت في اللقاء السابق ) . فالحيوان له حاجات خاصة والإنسان له حاجات خاصة لكن الفرق هو التميز في طريقة الإشباع فقد تتفق بعض الحاجات كالأكل والشرب مثلاً لكن طريقة الإشباع هي التي تميز الإنسان .. الحيوان ، دونك هذا المفارقة ... حاجات الإنسان حاجات الحيوان في مقابل مجال المقارنة فالإنسان قادر على تأجيل إشباع حاجاته .. فيختار اللحظة المناسبة للإشباع .. ومن ذلك صومه تعبداً والامتناع عن الطعام والشراب من أجل العلاج وقت الاشباع أما الحيوان فإن حاجاته لها مبدأ ولها منتهى ، إذا شبع توقف عن البحث ، كما هو مشهور أن الأسد لو شبع لا يهاجم . ان الحيوان لا يهدأ ولا يسكن حتى تشبع حاجاته ولا يستطيع تأجيل اشباعها . الإنسان يفرق بين مصادر الإشباع فتكون هناك حدود من العفة أو الشرف والكرامة ، فيمتنع عن قبول إشباع هذه الحاجات من مصادردنية . إن الحيوان يمكن أن يشبعها بأي طريقة ومن أي مصدر بدون مبالاة بالعزة والكرامة . الإنسان حاجاته لها مبدأ ولا منتهى لها ، حتى لو كان الاستمرار في الإشباع مضر أو حتى لو كان هذا الشخص قد شبع . انتهاء الاشباع مصادر الاشباع
14. بعد أن ظهر لنا الفرق بين طرق الاشباع عند الإنسان والحيوان نود في حديثنا هذا أن نتلمس مظاهر وضوابط بحيث يظهر التميز في إشباع الحاجات ونبتعد من ثمَّ عن طريق التميع ... حالة المتميز في إشباعها حالة المتميع في إشباعها الحاجة ان المتميز يشبع هذه الحاجة بقوانين ثابتة تعلمها من الشريعة التى تميز عقله بها مثلاً منضبط بقوله تعالى : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قال : { ثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه } أما النوم فهو له تجديد للطاقة قال تعالى : وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا . قاطع للتعب يأخذ منه العبد ما يحتاجه في ليلة لا في نهاره على حد قوله تعالى : وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ثم يقوم مستغلاً هذه الساعات النفيسة للتقرب والتعبد قال تعالى : وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً . في مقابل أن المتميع يأكل ويشرب فوق حد الشبع ، ثم يبحث عن مخرج ، وليس أنظمة الرجيم المنتشرة إلا دليل على هذا التميع قال تعالى : يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ . وأما النوم ... فحدث ولا حرج ينام ملىء جفنية تاركاً الفرض عوضاً عن أن يقوم إلى نفل الجسدية الأمان فالعبد بطبعه متعلق .. والنفس لا تتعلق إلا بمن تعتقد أنه أعظم وأكمل ما تعلم .. تتعلق بمن يعتقد أنه قادر على منح الأمان وجلب السلام ، وهذا المتميز يعرف أنه محتاج للأمان ويعرف أيضاً طريقة الوصول للإشباع ، فيتعلق بالله طالباً للأمان واثقاً من العطاء قال تعالى : الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ . هذا المتميع يبحث عمن يتعلق به فيتعلق بمن لا يستحق التعلق به ويعظم من لا يستحق التعظيم يطلب عنده الأمان وفي الأزمات تظهر الحقائق الهشة للمتعلقات فلا يستجيب هذا المطلوب ، ولا أمان من المرهوب .. بل ألم فوق ألم ظلمات بعضها فوق بعض . قال تعالى : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ .
15. الاجتماعية الإنسان لا يمكن أن يعيش منفرد ، فلم يسمى إنساناً إلا لأنه يستأنس بمن حوله ويُكوَّن علاقة بمن يحيط به فهذا المتميز يَكون علاقته مع المجتمع على أساس واضح بينَّ ويوالي ويقَّرب على أساس ظاهر فلا يأكل طعامه إلا الأبرار أهل الأيمان والصلاح ويعادي على قدر البعد عن الدين والشرع . في مقابل أن هذا المتميع تتقلب أحواله .. فليس هناك قانون واضح لعلاقته مع الآخرين . فمرة يكون سبب العلاقة المال ، وربما يكون سبب العلاقة المصلحة من الجاه ، وربما يكون السبب شهوة في القلب ، أو شبهه في العقل قال تعالى : مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاَ . هذا المتميز .. يعلم أنه محتاج إلى التقدير والاحترام لكنه صادق غير مخادع لنفسه ، يعلم أن من لم يكرمه الله لا كرامة له . وأن من عباد الله من تناديه الملائكة في الأرض أن أحبه لحب الله له قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . الاحترام والتقدير لكن المتميع تختلف المقاييس عنده فربما يعتقد العبد أن الاحترام للمال ، فلا يبالي كيف اكتسبه المهم أن يظهر به ، أو ربما كان في نظره الاحترام هو الجاه فصاحب أصحاب الجاه وتذلل لهم طلب لظهوره معهم ، فاصبح هذا العبد مسلوب الارادة عبداً لما يعتقد أنه سبب للاحترام .. (( تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم )) . أما المتميع يلهث وراء الدنيا معتقداً أنها دار مستقر فكم معمر بيتاً يعتقد أنه أنجز بتعميره ويكون في هذا التعمير خراب لما بعده كم من حاصل على الشهادات حرص عليها وزيف فيها ظاناً أنه بهذا التزيف حقق ذاته لكنه لا يجد إلا سراب قال تعالى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ . يتحرك الانسان باحثاً عن عمل يحقق فيه ذاته ويقدم فيه لنفسه فيرى بذلك أنه قادر على تحقيق انجاز أي كان حجم هذا الانجاز فهذا المتميز يعلم أن الدنيا دار ممر وليست دار مستقر فيحقق نفسه بالعلم الصالح لينعم في دار المستقر . قال تعالى : فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ تحقيق الذات
16. وختاماً فإن التميز سلاح ضد ... أسوأ مخطط مسخر لحرب الإسلام وأسوأ مؤامرة على الأمة الإسلامية ، تبناها النظام العالمي الجديد في إطار نظرية الخلط بين الحق والباطل - العولمه – والصالح والطالح والسنة والبدعة ، والسني والبدعي .. من كتاب حراسة الفضيلة د . بكر أبو زيد إن التميز رد على ... أنكى مكيدة لتذويب الدين في نفوس المؤمنين وتحويل جماعة المسلمين إلى سائمة تسام ، وقطيع مهزوز اعتقاده غارق في شهواته ، مستغرق في ملذاته ، متبلد في إحساسه ، لا يعرف معروف ولا ينكر منكراً المرجع السابق التميز طريق الفلاح ... طريق النجاح في التكليف والخروج من الفتنة . والتميع طريق الخيبة ... طريق الفشل في التكليف والسقوط في الفتنة ، قال تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا .