SlideShare a Scribd company logo
1 of 12
Download to read offline
‫ميثل اإلمام الصادق(ع) يف تراثه العلمي واألخالقي‬
           ‫والفقهي والفكري واإلنساين، ظاهرة ثقافية يف مستوى‬
                      ‫ً‬        ‫ً‬
           ‫حركة اإلمامة ومسؤوليتها عن إغناء حياة الناس باإلسالم..‬
           ‫العالمة املرجع السيد حممد حسني فضل اهلل (قده)‬
                                                                    ‫‪www.b-iraq.com‬‬

           ‫تشرين األول 0102 م‬        ‫العدد 402‬                            ‫شهرية تصدر عن مركز الثقافة واإلعالم - بريوت‬




‫4‬


    ‫مواقع اإلنرتنت‬
    ‫وإفساد العالقات‬
      ‫االجتماعية‬
‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬
                                                                                                                                                             ‫2‬
                                             ‫مقابلة‬
        ‫العبودية أمام اهلل تؤكد احلرية اإلنسانية‬                                                                             ‫في البدء كانت الكلمة‬

                                            ‫| العالمة املرجع السيد حممد حسني فضل اهلل (قدس سره)‬
                                                                                                                                     ‫فضيحة بامتياز!‬
  ‫احلمد هلل رب العاملني، والصالة والسالم على سيدنا حممد وعلى آله الطيبني الطاهرين وأصحابه‬
                                                                                    ‫ِّ‬     ‫ُ‬
  ‫املنتجبني، وعلى مجيع أنبياء اهلل واملرسلني، السالم عليكم أيها األخوة املؤمنون واألخوات املؤمنات‬
                                                                                                                        ‫حطم العراقيون األرقام القياسية العاملية يف‬
                                                                                ‫ورمحة اهلل وبركاته.‬
  ‫إن قضية أن تكون إنسانًا هي قضية عقلك، عندما يتعمق لينطلق من خالل هذا العمق الفكري‬            ‫ّ‬                        ‫جمال تشكيل احلكومات، إذ مضى أكثر من مثانية‬
                                         ‫ّ‬
  ‫ليجول يف كل اآلفاق، فال يبقى هناك أفق ال ينفذ إليه العقل، ألن مسألة أن تكون عقال هي أن تكون‬
              ‫ً‬                                                                                                         ‫أيام بعد املأتني (802 يومًا) على االنتخابات ومل‬
  ‫حرًا، أما الذين يعيشون الزنازين على كل املستويات، فإهنم يعيشون اجلهل، وإن أعطوه بعض صفات‬
                                                          ‫ّ‬                                                             ‫يتم تشكيل هذه احلكومة، وإن أعلن التحالف‬
                                                                                                                                         ‫ْ‬
                                                                                             ‫العقل.‬
                                                                                                                                  ‫الوطين عن مرشحه لرئاسة احلكومة.‬
                                                                                                                        ‫ال نريد الدخول يف التفاصيل، ألهنا معروفة‬
                                                         ‫أن تنفذ إىل الداخل لتكون قلبًا، وعندما تكون قلبًا‬
                                                                                                                        ‫للعراقيني، ورمبا لغريهم أيضًا، ولكننا نتساءل‬
                                                         ‫تكون حبًا، ألن القلب ال يطيق احلقد حىت لو زحف‬
        ‫إن قضية أن تكون إنسانً هي‬
           ‫ا‬                   ‫ّ‬                         ‫احلقد ليحيط بكل خفقاته، ألن نبضة احلب تبقى‬   ‫ِّ‬                ‫عن سر هذا اإلمهال واالنفالت الذي يظهره‬  ‫ّ‬
         ‫قضية عقلك، عندما يتعمق‬
          ‫ّ‬                                              ‫تفرض نفسها على عمق القلب، تنفذ إىل الداخل‬                      ‫سياسيو العراق، خصوصًا الذين خسروا يف‬
                                                         ‫لتكون حركة تعطيها وجودًا مميزًا ميكن أن يبدع‬       ‫ً‬           ‫االنتخابات، وكأهنم يقولون (اقتلوين ومالكًا‬
         ‫لينطلق من خالل هذا العمق‬                        ‫وينتج... أن تنفذ إىل الداخل أن تكون أنت، ألن الذين‬
                                                                                                                        ‫معي) وكما هو املثل الشعيب (املبلل باملاي ما‬
                                                                                                                                       ‫ّ‬
        ‫الفكري ليجول يف كل اآلفاق‬                        ‫حيدقون باخلارج بلمعات العيون أو بالكلمات اليت تنافق‬       ‫ّ‬
                                                                                                                        ‫خياف من املطر)، وهم صادقون يف ذلك فماذا‬
                                                          ‫هنا وختادع هناك، هؤالء ال يعيشون معىن إنسانيتهم.‬
                                                                       ‫ّ‬
                                                         ‫أيها األحبة، قال البعض عن الدين إ ّنه وسيلة‬      ‫ّ‬      ‫ّ‬      ‫خيسرون، بعد أن خسروا مقاعدهم يف الربملان‬
‫بعض القوة، فال تكون موحدًا هلل تعاىل، ألن ربك هو‬
                          ‫ِّ‬                 ‫َّ‬          ‫الستعباد اإلنسان، ألنه حيبسه وميذهبه ويطيفه‬
                                                              ‫ّ‬                                                         ‫إىل درجة أن بعضهم مل جيين من األصوات ما‬
                              ‫اهلل وحده وال رب غريه.‬
                                      ‫ّ‬                  ‫وجيعله خيضع، حىت إن بعض املتفلسفني قال إن الدين‬
                                                                                                                        ‫يساوي عدد حراسه وعديد عائلته الصغرية،‬
‫لذلك عندما نقرأ القرآن، نقرأ اآلية اليت تأمر‬             ‫يوحي لإلنسان بالضعف، وذلك عندما يقول اإلنسان:‬
‫النيب واألمة أن يلتقوا مع أهل الكتاب على القاعدة‬         ‫«ال حول وال قوة إال باهلل»، فكأن اإلنسان ينفي احلول‬                                 ‫فضال عن عشريته وقبيلته!‬
                                                                                                                                                                  ‫ً‬
‫اليت تقول: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إىل كلمة سواء‬        ‫عن نفسه وينفي القوة عن نفسه، وقال البعض إن‬                     ‫ولكن مع ذلك، فإننا نقر هلؤالء اخلاسرين‬
                                                                                                                                           ‫ّ‬
‫بيننا وبينكم أال نعبد إال اهلل}، أن نوحد اهلل مجيعًا،‬
                ‫ِّ‬                      ‫ّ‬                ‫الدين يعلِّم اإلنسان الضعف والعجز واخلضوع، ولكن‬
                                                           ‫َّ‬                                                           ‫بالشطارة، وهي شطارة خاسر، إذ أمكنهم تأخري‬
‫{وال نشرك به شيئًا}، أل ّنك إذا مل تشرك باهلل شيئًا‬      ‫مشكلة هؤالء الناس الذين يتفلسفون عندما يتحدثون‬
                                                                    ‫َّ‬                                                  ‫تشكيل احلكومات إىل هذه املدة، واليت ال تزال‬
                                             ‫كنت حرًا.‬   ‫عن اهلل تعاىل، هي أهنم يرون أن اهلل تعاىل ِّل وجودًا‬
                                                                         ‫ميث‬
‫{وال يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون اهلل}(آل‬            ‫يف مقابل اإلنسان؛ فهناك اهلل وهناك اإلنسان، وهناك‬              ‫مفتوحة، وكأهنم يذهبون بالعراق إىل اجلحيم‬
‫عمران/46)، لنتحد على أنه ال رب يف الكون ألي بشر‬
                    ‫َّ‬                                   ‫احلرب بني اهلل وبني اإلنسان، وهناك العبودية بني اهلل‬           ‫ما دام شعبه مل ينتخبهم! وقد جنحوا يف تعويق‬
‫إال اهلل، وهبذا تستطيع أن تقف بكل عنفوانك أمام ما‬        ‫وبني اإلنسان...!! هؤالء مل يفهموا ولن يفهموا من‬                ‫بناء الدولة ومؤسساهتا الدستورية، مما يعين أن‬
‫يسمى بالدول الكربى أو بالدولتني العظميني اجلبارتني،‬
       ‫ّ‬                                                 ‫هو اإلنسان، {إين خالق بشر من طني* فإذا سويته‬
                                                                 ‫َّ‬                        ‫ٌ‬
                                                         ‫ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}(ص/17-‬
                                                                                                                        ‫اخلطر ال يزال قائمًا وبقوة يف هذا السيل وهو ال‬
‫أو اجلبار األوحد، لتشعر بأنه ليس جبارًا، اهلل تعاىل‬
‫هو اجلبار، وأنت تستطيع أن تسقط اجلبابرة، عندما‬   ‫ّ‬                                                               ‫27).‬   ‫يزال يعترض هذه املهمات، فمن فريق يلجأ إىل‬
                                                                                                                                   ‫ٍ‬
‫تفكر يف عناصر القوة عندك وعناصر الضعف عند‬                ‫وأنت أيها اإلنسان، هل متلك أن تنفصل عن اهلل‬          ‫ُّ‬        ‫السالح وقتل املدنيني للضغط على السياسيني،‬
‫اآلخرين، ألن اآلخرين ليسوا أربابًا، بل هم يعيشون‬         ‫فتكون شيئًا آخر، أو كيانًا آخر ووجودًا آخر، وروح‬               ‫إىل فريق يلجأ إىل إيقاف عجلة احلياة لغرض‬
                                  ‫نقاط الضعف أيضًا.‬      ‫اهلل يف داخل كل كيانك؟! أنت إنسان اهلل يف الوقت‬
                                                         ‫الذي أنت عبد اهلل، ولكن هناك فرق بني عبودية‬
                                                                                                                        ‫احلصول على مكاسب... فأين الضمري اإلنساين‬
‫مشكلتنا، أننا نستغرق يف نقاط القوة عند اآلخرين،‬
‫ولكننا ال نفكر يف نقاط القوة عندنا، ونستغرق يف‬
                       ‫ّ‬                                 ‫اإلنسان هلل وعبودية اإلنسان إلنسان آخر، ألن عبودية‬
                                                                         ‫ّ‬                                              ‫والوازع الديين، واجلميع يتغىن به، وفوق ذلك‬
‫نقاط الضعف عندنا فنسقط قبل أن ندخل املعركة.‬              ‫اإلنسان لإلنسان اآلخر تسقط إنسانيته، وجتعله شيئًا‬                                        ‫أين هي الوطنية إذن؟!‬
‫إننا عندما ندرس تطور اإلنسان يف الكون، سنرى أن‬
                                ‫ّ‬                        ‫كالالشيء، جتعله وجودًا كالالوجود، جتعل وجوده‬                   ‫لقد مرت هذه األشهر ومل تتشكل احلكومة،‬
                                                                                               ‫ً‬                                                             ‫ّ‬
‫الصغري اليوم سيكون كبريًا غدًا، وعندما نأخذ بأسباب‬       ‫صدى لآلخر، وحياته ظال له، وأن تكون عبدًا لإلنسان‬
                                                         ‫معناه أن ال تكون أنت، بل أن تكون اآلخر، ولكن أن‬
                                                                                                                        ‫مما يعين أن العراق ليس مهيأ بعد لنظام‬
‫القوة وأن الكبري اليوم سيكون صغريًا غدًا، وكمثال‬
‫على ذلك: كيف كانت أمريكا وكيف كانت بريطانيا؟‬             ‫تكون عبدًا هلل، أن تكون كهذا الوجود الذي أنت فيه،‬              ‫سياسي دميقراطي، وهو معىن يفرح أزالم‬
                                                                                                                                     ‫ُ‬
‫كيف كانت الصني وكيف كانت بريطانيا؟ كانت سيدة‬
    ‫ّ‬                                                    ‫أن تكون صنعة اهلل، أنت منه، من خلقه، هو الذي‬                   ‫النظام، وأيتامه، فكيف نسهم يف تكريسه يف‬
‫البحار وخرجت من البحار وأصبحت تبحث عن موقع‬               ‫أعطاك حريتك عندما أعطاك عبوديتك له، فإن‬
                                                           ‫ّ‬                 ‫َّ‬                                              ‫احلياة السياسية بعد هذه املعاناة الطويلة.‬
‫يف بر هنا وجبل هناك، أصبحت يف موقع ضعف حتاول‬             ‫عبوديتك هلل تعين أنك حتتضن معىن اهلل يف نفسك،‬
‫أن تأخذ القوة من اآلخرين، {وتلك األيام نداوهلا بني‬
                                          ‫َّ‬             ‫فتعبده لتؤكد معىن إنسانيتك يف شكر النعمة، وتطيعه‬
‫الناس}(آل عمران/041)، ليس هناك قوة خالدة‬                 ‫ألنك تعرف أنه هو سر الكون كلّه، وسر احلياة كلها،‬
                                                                              ‫ّ‬                     ‫ّ‬                       ‫بينات - العراق‬
                             ‫وليس هناك ضعف خالد.‬                                     ‫وطاعته هي أن تكون إنسان القيمة.‬
‫لذلك، علينا أن نبدأ من احلرية، أن ال نترك أية‬                                      ‫ً‬
                                                         ‫لذلك عبوديتك هلل ليست منفصلة عن حريتك، بل‬
‫فرصة لتأكيدها، فنبدأ من البيت، ألن البيت عندنا،‬          ‫إن معىن التوحيد يف معىن العبودية، هو أن تكون عبدًا‬
‫وخصوصًا يف الشرق، هو البيت الذي يصنع العبودية،‬           ‫هلل من حيث إ ّنك خلق اهلل وحر أمام العامل كله، ألنك‬
                                                                                         ‫ّ‬
‫فنجد أن املرأة مسلوبة احلرية يف حركتها، كذلك‬             ‫عندما تستعبد نفسك ألية قوة يف الكون، كأن تستعبد‬
                                                                                                 ‫َّ‬
‫األوالد ليس هلم حرية حىت لو دخلوا اجلامعة، يف أن‬         ‫نفسك للشمس، كما كان اآلخرون يستعبدون أنفسهم‬
‫يتكلّموا أمام األب، فاألب هو الديكتاتور، ال كلمة إال‬     ‫للكواكب ولكل الظواهر الكونية، فإنك ال تكون موحدًا‬
                                                              ‫ِّ‬                                         ‫ِّ‬
                              ‫كلمته، وال رأي إال رأيه.‬   ‫هلل، وأيضًا عندما تستعبد نفسك ألي إنسان ميلك‬
                                                                                ‫ِّ‬
‫3‬                                                                                                                                                      ‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬




                                                                                                                                                                                                   ‫هذا العدد‬
                                                                                            ‫‪ ‬السالح النووي يف امليزان الفقهي |ص4|‬




                                                                                                                                                                                                     ‫في‬
                                                                     ‫‪ ‬كتابات حول العالمة املرجع فضل اهلل (رض) |ص 7-9|‬


‫اآلخرين، أن ال ندمن كلمة السر، وهذا أمر استهلكناه‬                     ‫تكون هناك مراكز قوى، هناك مراكز قوى تعطي‬                      ‫وتنطلق هذه الديكتاتورية من األب إىل املسؤول‬
‫يف لبنان، أن ال ندمن الوحي النازل من هنا وهناك.‬                       ‫الفكرة واخلطة وتفسح املجال لآلخرين، أما مراكز‬                 ‫الصغري واملسؤول األوسط، مث تتحول إىل حاكم مث‬
                                                                                                                                                               ‫ّ‬
‫ال وحي إال وحي اهلل، هو الذي نقدسه، فلكل إنسان‬
                ‫ِّ‬          ‫ّ‬                                         ‫القوى اليت تقول أنا ال اآلخر، فإهنا مت ّل إسقاطًا‬
                                                                                   ‫ث‬                                                ‫إىل إمرباطور. من الذي يصنع العبودية يف داخلنا؟‬
‫وحيه املنطلق من عقله ومن حريته. نستطيع عندما‬                                                                               ‫لآلخر.‬   ‫إن طريقتنا يف التربية هي اليت تصنع العبودية‬
‫خنتلف أن نتحاور وأن نفرض هذا احلوار حىت على‬                           ‫علينا أن منلك احلرية السياسية، أن ال نرث‬                      ‫يف الداخل، يف الدين ليس هناك مقدس إال اهلل،‬
                                                                                                                                                    ‫َّ‬
‫الذين يريدون أن يسيطروا علينا، أن نقول هلم أقنعونا‬                    ‫أشخاصًا ألن آباءنا تركوهم لنا يف التركة، كما كان‬              ‫وليس هناك مقدس إال األنبياء الذين أعطاهم اهلل‬             ‫َّ‬
                 ‫نكن معكم، وليست القضية هي أن تصادرونا.‬               ‫يقول بعض الناس يف املاضي لولده أنا أورثك ألف‬                  ‫بعض القداسة واألولياء معهم، لكن هل حنن معنيون‬
‫مشكلتنا يف هذا الشرق أن كثريين ممن وظفوا‬
        ‫ّ‬                                                             ‫صوت، يعين ألف رأس غنم، والناس أيضًا يقولون‬                    ‫بتقديس اإلنسان غري املقدس؟ ملاذا نقدس احلاكم؟!‬
                                                                                                                                                       ‫ِّ‬                        ‫َّ‬
‫من خالل املخابرات الدولية ليكونوا ملوكًا ورؤساء‬                       ‫حنن رجال فالن ورجال فالن، اإلنسان ال يكون رجل‬                 ‫ملاذا نقدس الشخصيات الدينية؟! ملاذا نقدس‬
                                                                                                                                         ‫ِّ‬                                                            ‫ِّ‬
‫وأمراء ووزراء ورؤساء أحزاب، أهنم وظفوا من أجل‬
                         ‫ِّ‬                                                                           ‫أحد، اإلنسان يكون مع أحد.‬     ‫الشخصيات السياسية واالجتماعية؟! حنن ال نريد أن‬          ‫ّ‬             ‫ّ‬
‫أن يصادروا حرية اإلنسان. إننا نعرف عندما يهمس‬                         ‫أنا أقرأ يف هذه الرسالة ملن يضطهدون املرأة‬                    ‫نسقط أحدًا، ولكننا نريد أن نقول إن الذي يعبد اهلل‬
‫بعضنا لبعض وعندما حيذر بعضنا من بعض، أن‬                               ‫ويقولون إن املرأة بربع عقل ونصف عقل، أقرأ ما ورد‬ ‫ّ‬                                                                         ‫ال يعبد اإلنسان.‬
‫اإلنسان يف هذا الشرق، وخصوصًا يف الشرق العريب،‬                        ‫يف القرآن الكرمي عن ملكة سبأ، حيث قال تعاىل على‬               ‫ولذلك فلتسقط كل عبادة للشخصية، سواء كانت‬
                                                                                                                                                          ‫ّ‬              ‫ٍ‬             ‫ُّ‬
‫خيشى أن يضبط نفسه وهو يفكر حبرية، ألنه خياف‬                           ‫لسان اهلدهد: {وجدهتا وقومها يسجدون للشمس‬                      ‫شخصية دينية أو سياسية أو اجتماعية، لنحتفظ‬
‫أن يكون هناك جهاز لرصد الفكر مثل جهاز اكتشاف‬                          ‫من دون اهلل}(النمل/42)، فأرسل إليها النيب(ع)‬
                                                                                                               ‫ّ‬                    ‫حبريتنا، ألنك عندما تعبد شخصًا لن تكون حرًا.‬                                  ‫ّ‬
‫الكذب، ولذلك هو حياول أن يعطل فكره، وأن يقول‬
                               ‫ِّ‬                                     ‫الذي كان نبيًا وملكًا، أقرأ كتابًا فيه هتديد ودعوة،‬           ‫وحنن أيها األحبة أمام ما نواجه من حتديات كربى‬
‫لفكره امجد ألن اآلخرين ينتظرونك يف ألف زنزانة‬                         ‫فجمعت قومها {قالت يا أيها املأل أفتوين يف أمري‬                ‫على كل املستويات، علينا أن نعمق مسألة احلرية يف‬
                                                                                                                                                                 ‫ِّ‬                                         ‫ِّ‬
                                                          ‫وزنزانة.‬    ‫ما كنت قاطعة أمرًا حىت تشهدون}(النمل/23)، أي‬
                                                                                        ‫ّ‬                                           ‫كل أوضاعنا لنعمق حرية الفكر فينا، بعض الناس‬               ‫ّ‬                     ‫ِّ‬
‫أقول لكم إن هناك عاملًا مظلمًا يسقط حرية األمة،‬                       ‫صحيح أين ملكتكم لكن ال أفرض نفسي عليكم رغم‬                                               ‫ً‬
                                                                                                                                    ‫يعتربون حرية الفكر كفرًا وهرطقة وزندق ً، ولكننا‬
                                                                                                                                       ‫ّ‬       ‫ة‬                                                     ‫ّ‬
‫وحدهم وحدهم أبطال االنتفاضة يف فلسطني، وحده‬                           ‫أن يل تلك الصالحية، فأنا أطلب مشورتكم ورأيكم‬             ‫َّ‬   ‫عندما نعطي الفكر حريته من هذا اجلانب ونعطيه‬     ‫َّ‬
‫الشعب الفلسطيين، مهما حتدث اآلخرون عن بعض‬
                                     ‫َّ‬                               ‫وأطلب أن تستعرضوا أمامي عضالت عقولكم،‬                         ‫حرية من جانب آخر، فإن هذه احلرية من هذا اجلانب‬                 ‫ٍ‬           ‫ً‬
‫سلبيات الفلسطينيني يف اجلنوب وغري اجلنوب،‬                             ‫وأرادت رأيهم، فماذا قالوا؟ {قالوا حنن أولو قوة}،‬              ‫واحلرية من ذاك اجلانب تبدع فكرًا جديدًا، الضغط‬
‫وحدهم شعب استطاع أن يثبت لألمة معىن العنفوان،‬                         ‫نقاتل جيدًا، {وأولوا بأس شديد واألمر إليك فانظري‬              ‫على احلرية جيعل الفكر يسقط ويتضاءل، ولكن‬
‫أن يعطي نقاط ضوء هنا ونقاط ضوء هناك. حدثين‬                            ‫ماذا تأمرين}، فظلت تشعر باحلرية، ألهنا أرادت‬                  ‫عندما تعطي الفكر حريته وحتاوره وتناقشه وتنقده،‬
‫بعض أبطال االنتفاضة قريبًا عندما صرح بعض‬
                   ‫َّ‬                                                 ‫فكرًا وأعطوها استعراضًا للقوة، وبدأت تفكر وكانت‬
                                                                                                   ‫ّ‬                                             ‫عند ذلك ميكن لك أن تعطي فكرًا جديدًا.‬
‫مسؤويل االنتفاضة يف اهلجمة الوحشية األخرية على‬                        ‫صاحبة فكر: {قالت إن امللوك إذا دخلوا قرية أفسدوها‬             ‫إن الذين حيبسون األفكار يف سجوهنـم، هؤالء هم‬
‫مشال غزة، أ ّنه إذا تراجع اإلسرائيليون فيمكن أن نوقف‬    ‫َّ‬                                                 ‫ً‬
                                                                      ‫وجعلوا أعزة أهلها أذ ّلة وكذلك يفعلون* وإين مرسلة‬
                                                                                                                      ‫َّ‬            ‫املسؤولون عن جتميد األمة منذ مئات السنني حىت‬
‫صواريخ القسام، قال: جاءنا الكثريون من الشعب، هذا‬  ‫ّ‬                   ‫إليهم هبدي ٍة فناظرة مب يرجع املرسلون}(النمل/33-‬
                                                                                 ‫ّ‬                                       ‫ّ‬          ‫اآلن. بعض الناس يقولون إن احلرية الفكرية ميكن‬
‫الذي قتل من أهله وهذا الذي دمر بيته، قالوا إننا ال‬
                               ‫ِّ‬                                     ‫43)، أخذت تسأل هل هذا نيب أو ملك؟ وهل يريد‬                    ‫أن تسقط الدين، وأنا أتصور أن احلرية الفكرية هي‬
                                                                                                                                                                           ‫َّ‬
‫نقبل أن متتنعوا عن إطالق صواريخ القسام، البد لنا‬
                       ‫ّ‬                                              ‫أن حياور ويعطينا فكرًا ويدعونا إىل قضية، أم أنه‬               ‫اليت ميكن أن ترفع الدين، هي اليت تنقذ الدين من‬
‫من أن نتابع. هذا شعب يسقط الشهيد منه فيزداد‬                           ‫يريد أن يضطهدنا. وهكذا جاءت إىل سليمان(ع)، مث‬                 ‫اخلرافة، وتنقذه من التخلّف، ومن الفهم اخلاطئ.‬
‫عنفوانًا، فكل مقاومة يف عاملنا العريب تعين أن األمة‬                   ‫يف احلوار مع سليمان ماذا قالت، مل متش خلفه، بل‬                                  ‫ً‬
                                                                                                                                    ‫الذين فكروا دينيًا يف املاضي كانوا رجاال وحنن رجال،‬                   ‫ّ‬
‫مل متت، كل مقاومة فكرية، كل مقاومة سياسية، كل‬                           ‫{وأسلمت مع سليمان هلل رب العاملني}(النمل/44).‬
                                                                                    ‫ّ‬                 ‫ِّ‬                            ‫ما عندهم عندنا وما عندنا ليس عندهم، وحنن‬
                                          ‫مقاومة عسكرية...‬            ‫حنن عندما يكون لدينا يف املجتمع قيادات متلك‬                   ‫نعرف أن القرآن الكرمي أكد احلرية الفكرية يف خط‬
                                                                                                                                                                                 ‫ّ‬
                      ‫ً‬
‫لذلك فلنحضن هؤالء، لنكن مقاومة يف الفكر‬                                                                        ‫ً ًّ‬
                                                                      ‫فكرًا وحكمة وخطة وإخالصًا ونقتنع مبا عندها، نكون‬              ‫الدعوة فقال تعاىل: {وجادهلم باليت هي أحسن}‬
                      ‫ً‬
‫تواجه كل الظاملني واملستكربين، مقاومة حتاول أن‬       ‫َّ‬                               ‫ً‬
                                                                      ‫معها وليس خلفها، حىت أنا أعطيكم مثال؛ النيب(ص)‬                                                                              ‫(النحل/521).‬
‫تنتج عناصر القوة من داخل األمة، تنتج عناصر القوة‬
   ‫ّ‬                                         ‫ّ‬                        ‫يف العقيدة عندنا هو سيد ولد آدم، ومع ذلك، فإن‬                 ‫وحنن نقول أيها األحبة، إن هناك دائرتني حلوار‬
                                                                                                                                                                       ‫ّ‬
‫حىت نتواصى باحلق فال يسقط احلق بيننا، ونتواصى‬                         ‫اهلل تعاىل عندما يتحدث عن النيب(ص) ال يقول إ ّنه‬              ‫الفكر: فهناك دائرة الفكر يف طبيعة خصائصه،‬
‫بالصرب فال نسقط أمام اجلزع. تعجبين كلمة قاهلا‬                         ‫ميشي والناس خلفه، {حممد رسول اهلل والذين معه‬
                                                                                                     ‫ٌّ‬                             ‫وهناك دائرة الفكر يف األسلوب الذي تقدمه من خالله،‬
                                                                                                                                                       ‫ّ‬
‫رسول اهلل(ص) عندما أرسل شخصًا ورجع يجبن‬
    ‫ُ ّ‬                                                               ‫أشداء على الكفار رمحاء بينهم}. أن نكون مع القيادة‬             ‫{وقل لعبادي يقولوا اليت هي أحسن}(اإلسراء53)،‬
‫أصحابه وجيبنونه يف وقعة خيرب، وأرسل شخصًا ثانيًا‬ ‫ّ‬                    ‫ال خلفها، معها نقويها وتقوينا، ندعمها وتدعمنا،‬
                                                                                                    ‫ّ‬        ‫ّ‬                      ‫{ادفع باليت هي أحسن فإذا الذين بينك وبينه عداوة‬
‫ورجع جيبن أصحابه وجيبنونه، قال: «ألعطني الراية‬
             ‫َّ‬                         ‫ّ‬            ‫ّ‬                ‫القيادة اليت تتميز باملعىن القيادي هي القيادة اليت‬
                                                                                                                 ‫َّ‬                 ‫كأنه ويل محيم}(فصلت/43)، يف الفكر كن عنيفًا،‬          ‫ّ‬
     ‫ّ‬                        ‫ّ‬                ‫ً ُّ‬
‫غدًا رجال حيب اهلل ورسوله وحيبه اهلل ورسوله كرار‬                      ‫حتمي أتباعها من نفسها كما حتميهم من اآلخرين،‬                  ‫أعط الفكر عناصره وال تتنازل عن أي شيء فيه، ألن‬
                                                                                                                                     ‫ّ‬                      ‫ِّ‬                                                   ‫ِ‬
                                                    ‫غري فرار».‬        ‫وبذلك تستطيع األمة أن تنقد قياداهتا، وتستطيع أن‬               ‫الفكرة ختتزن عنفها يف معناها، أما األسلوب فهو‬
‫لنكن هذا الرجل، حىت نشجع أصحابنا ويشجعونا.‬
           ‫ّ‬                        ‫ِّ‬                                ‫تعترض عليها، وتستطيع أن تؤكد حريتها، وتستطيع‬
                                                                                               ‫ِّ‬                                   ‫الذي تقدم فيه الفكرة لتدخل القلب قبل أن تدخل‬
          ‫ولنتحدث عن الشجاعة وال نتحدث عن الضعف.‬
                                  ‫ّ‬                        ‫ّ‬                                      ‫أن تشاركها يف صنع املستقبل.‬       ‫العقل؛ أن نعيش أيها األحبة احلرية االجتماعية، أن‬
‫حنن ننتج الدموع وال ننتج البسمات، حنن ننتج‬                            ‫وعلى هذا األساس، فالبد لنا أمام كل هذه التيارات‬
                                                                                          ‫ِّ‬                                        ‫ال يضغط فريق اجتماعي على فريق اجتماعي آخر،‬
‫احلزن وال ننتج الفرح. تعالوا لننتج الفرح باحلرية‬                      ‫والتعقيدات السياسية اليت حتيط بنا، سواء يف الداخل‬             ‫أن ال تضغط القبلية العشائرية وما إىل ذلك مما توارث‬
       ‫وبالنصر وباحلياة والفرح باهلل سبحانه وتعاىل.**‬                 ‫على أساس التنوعات احلزبية أو التنوعات السياسية‬
                                                                                             ‫ّ‬                      ‫ّ‬               ‫فيه الناس املواقع، واستطاعوا أن يفرضوا القوة من‬
                                                                                                                                            ‫َّ‬
                                                                      ‫والشخصانية، أو على مستوى اخلارج إقليميًا أو دوليًا،‬           ‫دون أن ميلكوا عناصر القوة اإلنسانية. ليكن املجتمع‬
                                                                                                                                                                              ‫َّ‬
                                                                      ‫ال بد أن نعمل على أن ال نسقط أمام أحد، أن ال يكون‬      ‫ّ‬      ‫حرًا، ليقل كل واحد رأيه يف كل القضايا االجتماعية؛‬
                                                                                                                                                                    ‫ِّ‬
                                                                      ‫رأينا السياسي واالقتصادي واالجتماعي صدى آلراء‬                 ‫يف اجلمعيات، يف النقابات، يف النوادي، ال نريد أن‬
‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬
                                                                                                                                                                                ‫4‬
                                  ‫مواقع اإلنرتنت وإفساد العالقات االجتماعية‬
                                                                                                                                       ‫| العالمة الشيخ حسن الصفار‬

                                                                                                                      ‫مينت اهلل تعاىل على اإلنسان بأن زوده باألدوات‬
                                                                                                                      ‫والوسائل اليت يكسب هبا العلم واملعرفة، فاإلنسان‬
                                                                                                                      ‫يأيت إىل احلياة ال يعرف شيئًا عنها، بل ال يعرف شيئًا‬
                                                                                                                      ‫عن وجوده وذاته، وحينما تبدأ حاسة السمع والبصر‬
                                                                                                                      ‫بالعمل عند اإلنسان، وكذلك بقية احلواس تدرجييًا،‬
                                                                                                                      ‫يصبح قادرًا على كسب العلم واملعرفة. وحاستا السمع‬
                                                                                                                                     ‫ّ‬
                                                                                                                      ‫والبصر مها احلاستان الرئيستان يف كسب العلم‬
                                                                                                                      ‫واملعرفة واالنفتاح على احلياة. صحيح أن لبقية‬
                                                                                                                                        ‫ٌ‬
                                                                                                                      ‫احلواس كاللمس والشم دورًا، إال أن ذلك يبقى يف‬
                                                                                                                      ‫حميط حمدود، وتبقى املساحة األوسع من علم اإلنسان‬              ‫ٍ‬
                                                                                                                                                ‫ومعارفه عرب حاسيت السمع والبصر.‬
                                                                                                                      ‫لكن اإلنسان حباجة إىل مرجعية تقيم تلك املعلومات‬
                                                                                                                                              ‫ّ‬
                                                                                                                      ‫وحتكم عليها، بني الصحيح واخلطأ، تلك املرجعية هي‬
‫الفنت ونشـر املعلومات اليت تفسد العالقات بني هذا‬       ‫اإلنسان يستخدم عقله أم أنه أمحق، ومن ذلك ما ورد‬
                                                                                                                      ‫قوة اإلدراك والفهم املتمثلة يف العقل. ولو كان اإلنسان‬
‫الطرف وذاك عرب االنترنت وبأمساء مستعارة وومهية‬         ‫عن اإلمام الصادق أنه قال: «إذا أردت أن ختترب عقل‬
                                                                                                                      ‫يرى ويسمع دون أن يكون له عقل مييز به فإنه ال يصل‬
                        ‫ومبختلف الطرق واألساليب.‬       ‫الرجل يف جملس واحد فحدثه يف خالل حديثك مبا ال‬
                                                                                                                          ‫إىل املعرفة الصحيحة، وال يستفيد مما رأى ومسع.‬
‫وجتاه هذا الواقع ينبغي علينا أن نكون واعني ألن‬         ‫يكون فإن أنكره فهو عاقل وإن صدقه فهو أمحق». ويف‬
                                                                                                                      ‫فالعقل هو تلك القوة اليت يقوم وحيكم هبا اإلنسان‬
                                                                                                                                                  ‫ُ ّ‬
‫هناك من يستهدف إفساد العالقات يف جمتمعاتنا،‬            ‫رواية أخرى عنه أنه قال: «خذوا احلق من أهل الباطل،‬
                                                                                                                      ‫على مرئياته ومسموعاته. وكلما اجته اإلنسان إىل‬
‫فعلى مستوى األمة اإلسالمية هناك من يريد إيقاد‬          ‫وال تأخذوا الباطل من أهل احلق، كونوا نقاد الكالم،‬
                                                                       ‫ّ‬
                                                                                                                      ‫عقله كانت نظرته وحكمه على ما يرى ويسمع أصح‬
‫الفنت املذهبية، أحيانًا تكون األمساء واجلهات معروفة،‬   ‫فكم من ضاللة زخرفت بآية من كتاب اهلل». فاملقياس‬
                                                                                                                      ‫وأدق، أما إذا غفل عن عقله فإنه معرض للوقوع يف‬
‫وأحيانًا تكون مصادر جمهولة، وتنقل آراء مكذوبة ال‬       ‫هو مطابقة الكالم للحق أم ال، وليس املقياس من قال‬
                                                                                                                      ‫الضالل واخلطأ. من هنا يؤكد القرآن الكرمي على‬
‫أساس هلا من الصحة، وهنا على العقالء أن يكونوا‬          ‫هذا الكالم. فلو أن إنسانًا من أهل الباطل قال كالمًا‬
                                                                                                                      ‫وجود هذه املرجعية، ففي معظم اآليات القرآنية اليت‬
‫واعني خلطورة هذا التوجه الذي يهدف إلفساد العالقة‬
                             ‫ّ‬                         ‫يوافق العقل واملنطق فليس لنا إال أن نقبل كالمه،‬
                                                                                                                      ‫تذكر حاسيت السمع والبصر يردف ذكرمها بذكر‬
                                   ‫بني شرائح األمة.‬    ‫ألن «احلكمة ضالة املؤمن يأخذها أين وجدها». ولو‬
                                                                                                                      ‫العقل للداللة على دوره، وأن حاسيت السمع والبصر‬
‫وضمن املجتمع الواحد قد تتجه بعض الفئات‬                                   ‫ً‬
                                                       ‫أن إنسانًا من أهل احلق قال كالمًا باطال، ال يتوافق‬
                                                                                                                      ‫من دون العقل ال يقدمان لإلنسان الفائدة املطلوبة‬
                                                                                                                                                             ‫ّ‬
‫إلفساد العالقات الداخلية هلذا املجتمع إذا وجدت فيه‬     ‫مع املقاييس والقيم، لغفلته أو الشتباهه، أو ألي سبب‬
                                                                                                                      ‫اليت حيتاجها يف حياته. وقد ورد يف القرآن الكرمي‬
‫نشاطًا وحراكًا ال تستسيغه، سواء كانت هذه اجلهات‬
                    ‫ً‬                                                ‫آخر، فال ينبغي متابعته ومسايرته فيما قال.‬
                                                                                                                      ‫مخس آيات تذكر حاسيت السمع والبصر مث تردفهما‬
‫سياسية أو دينية متشددة. وهذا ما نالحظه جتاه‬
             ‫ُ‬                                         ‫حنن نعيش يف عصـر تبادل وتداول املعلومات،‬
                                                                                                                       ‫َ َُّ ْ َ َ ُ ْ ِ ْ ُ ُ ِ‬
                                                                                                                      ‫بذكر العقل، يقول تعاىل: ﴿واهلل َأخرجكم من بطون‬
‫املجتمع الشيعي الذي يشهدًا حراكًا وفاعلي ً، قد تزعج‬
     ‫ُ‬     ‫ة‬                                           ‫حبيث أصبحت الوسائل املعلوماتية متوفرة بشكل هائل‬
                                                                ‫ٍ‬           ‫ّ‬
‫بعض اجلهات األخرى لتجد نفسها بني أمرين: إما‬            ‫ورهيب جدًا، خصوصًا مع وجود شبكة اإلنترنت، إذ‬                    ‫ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
                                                                                                                      ‫أمهاتكم ال َتعلَمون شيئًا وجعل لَكم السمع واأل ْبصار‬     ‫ُ َّ َ ِ ُ ْ‬
                                                                                                                      ‫واألفئدة﴾، واألفئدة تعين العقول. ويقول تعاىل: ﴿‬         ‫َ َْ ِْ َ َ‬
‫القبول بالواقع املتقدم هلذا املجتمع، أو تسعى إلضعاف‬    ‫يوجد عليها أكثر من (681) مليون موقعًا حلد اآلن يف‬
                                                                                                                            ‫َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ِ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ‬
                                                                                                                      ‫وجعل لَكم السمع واأل ْبصار واألفئدة لَع َلّكم تشكرون﴾،‬
                ‫املجتمع وإشغاله باخلالفات الداخلية.‬           ‫ً‬
                                                       ‫خمتلف املجاالت وبشتى أصناف اللغات. إضافة إىل‬
                                                                                              ‫ّ‬
                                                                                                                      ‫ويف آية أخرى اهلل تعاىل يقول: ﴿وهو ا َلّذي َأ ْنش َأ لَكم‬
                                                                                                                       ‫َ ُُ‬             ‫ََُ ِ‬
‫وهنا يأيت دور الوعي عند الناس، ويأيت دور النخبة‬        ‫الفضائيات، واهلواتف النقالة، والصحف واملجالت،‬
                                                                                          ‫ّ‬
                                                                                                                                       ‫َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ِ َ َ َ ل ً َ ْ ُ ُ َ‬
                                                                                                                      ‫السمع واأل ْبصار واألفئدة قِيال ما َتشكرون﴾، يف آية‬
‫يف املجتمع، إذ ال ينبغي أن نقبل أي كالم ينشر يف‬        ‫ووسائل اإلعالم املختلفة. وهنا يرى اإلنسان نفسه‬
                                                                                                                      ‫ثالثة: ﴿ ُم سواه و َنفخ فيه من روحه وجعل لَكم السمع‬
                                                                                                                       ‫ث َّ َ َّ ُ َ َ َ ِ ِ ِ ْ ُ ِ ِ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ‬
‫االنترنت، خاصة إذا كان من جهات ومواقع مشبوهة،‬          ‫أمام سيل من املعلومات، لذا جيب أن يكون العقل‬       ‫ٍ‬
                                                                                                                                                ‫َ َْ َ َ َ َْ ْ ِ َ َ َل ً َ ْ ُ ُ َ‬
                                                                                                                      ‫واأل ْبصار واألفئدة قِيال ما َتشكرون﴾ ويف آية رابعة:‬
‫فقد تأسست مواقع مشبوهة تريد ختريب املجتمع‬              ‫يقظًا ال أن يكون اإلنسان مستسلمًا ملا يسمع ويرى،‬
‫وإجياد الفتنة، وقد حيمل بعضها عنوان الدفاع عن‬          ‫وخاصة حني تكون هذه املصادر املعلوماتية واخلربية‬                 ‫َ ُ ْ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
                                                                                                                      ‫﴿ ُل هو ا َلّذي َأ ْنش َأكم وجعل لَكم السمع واأل ْبصار‬
                                                                                                                                                                          ‫قْ ُ َ ِ‬
                                                                                                                                                          ‫َ َْ ْ ِ َ َ َل ً َ ْ ُ ُ َ‬
                                                                                                                      ‫واألفئدة قِيال ما َتشكرون﴾، يف آية خامسة: ﴿ولَقد‬
                                                                                                                       ‫َ َْ‬
‫املجتمع. فينبغي أن ال تغرينا العناوين، وأن نعرف‬        ‫ضمن أجواء يشك اإلنسان يف مصداقيتها، هنا يكون‬
                                                                            ‫ّ‬                                         ‫مكناهم فيما ِن مكناكم فيه وجع ْلنا لَهم سمعًا و َأ ْبصارًا‬
                                                                                                                            ‫َ َّ َّ ُ ْ ِ َ إ ْ َ َّ َّ ُ ْ ِ ِ َ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ‬
‫ماذا يف هذه املواقع، وماذا تريد، ويف أي مصب تصب‬        ‫أمر التأين أكثر إلزامًا، يقول تعاىل: ﴿يا َأُّيها ا َلّذين‬
                                                        ‫َ َ ِ َ‬                                                       ‫و َأفئد ً﴾. هذا التأكيد على ذكر األفئدة بعد السمع‬         ‫َ َِْة‬
                               ‫املواضيع اليت تنشرها.‬   ‫آمنوا ِن جاءكم فاسق بنب ٍأ فتبينوا َأن تصيبوا قومًا‬
                                                          ‫َ ُ إ ْ َ َ ُ ْ َ ِ ٌ ِ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ِ ُ َ ْ‬          ‫واألبصار يلفت نظر اإلنسان إىل عدم التعجل يف قبول‬
‫علينا أن نكون واعني، لنا أعداء يريدون ختريب‬                               ‫بجهالَة فتصبحوا علَى ما فع ْلتم َنادمني﴾.‬
                                                                              ‫ِ َ َ ٍ َُ ْ ِ ُ َ َ َ َ ُْ ِِ َ‬        ‫ما يرى أو يسمع، وإمنا عليه أن يرجع إىل عقله ليقوم‬
                                                                                                                         ‫ُ ّ‬
‫العالقات يف داخلنا، وهناك مغرضون يريدون إشغالنا‬        ‫وجتدر اإلشارة هنا إىل أن هذه املصادر املعلوماتية‬
                                                                                                                                                                       ‫تلك املعلومات.‬
‫ببعضنا بعضا، وعلى النخبة الواعية أن تذكر الناس‬
         ‫ّ‬                                             ‫يمكن اختراقها بسهولة، وترويج املعلومات السلبية‬             ‫ُ‬   ‫إضافة لذلك فإن هناك نصوصًا كثرية تؤكد على‬             ‫ً‬
‫هبذا األمر حىت ال تنجح مثل هذه املحاوالت املغرضة‬       ‫عربها، وبإدراكنا لوجود استهدافات من قبل اجلهات‬
                                                                                                                      ‫اإلنسان بأن ال يقبل كل ما يسمع، وإمنا عليه أن‬
‫على مستوى األمة وعلى مستوى املجتمعات يف داخل‬           ‫املعادية، فإن مسألة التأكد من صحة املعلومات حيمي‬
                                                                                 ‫ّ‬                                    ‫يفكر وأن يتأمل، بل إن بعض النصوص جتعل التأين‬
                                              ‫األمة.‬   ‫املجتمع من هذه االستهدافات. فقد أصبح واضحًا‬
                                                                                                                      ‫أو العجلة يف قبول املعلومات مقياسًا وداللة على أن‬
                                                       ‫وجود جهات تستخدم هذا التقدم التقين يف إثارة‬
‫5‬                                                                                                                             ‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬



                                            ‫السالح النووي يف امليزان الفقهي‬
‫األنشطة النووية مبا خيدم األهداف العسكرية، وكأن‬          ‫وذلك باعتبار أن الدولة اليت متتلك قنابل ذرية أو‬
                                                                                                ‫ّ‬                                             ‫| الشيخ حسني اخلشن‬
‫هذه التقنيات هي حق حصري لتلك الدول املستكربة‬             ‫هيدروجينية هي بطبيعة احلال دولة متفوقة على‬
‫أو اليت تدور يف فلكها، وال حيق لسائر الدول أن حتقق‬       ‫الدول األخرى، فإذا امتلك الطرف اآلخر قنبلة‬
           ‫التقدم أو تطور نفسها يف كافة املجاالت!‬                                                                    ‫ال يزال احلديث اجلديل قائمًا حول موقف‬
                                                         ‫مماثلة شكل ذلك ضغطًا على الطرف األول ما حيول‬  ‫ّ‬
                                                                                                                     ‫اإلسالم من صناعة األسلحة النووية واقتنائها،‬
‫إنه «منطق القوة» الذي ال يستند إىل شيء من‬                ‫دون استخدامه للسالح النووي، األمر الذي قد يدفع‬
                                                                                                                     ‫وحول شرعية استخدامها يف احلروب واملعارك،‬
‫املعايري األخالقية واملنطقية، والشرعية، وإن على‬
      ‫ّ‬                                                  ‫الطرفني إىل عقد االتفاقيات اليت متنع استخدام‬
                                                                                                                     ‫وفيما يأيت حناول مقاربة هذا املوضوع من‬
‫الشعوب احلرة واألبية أن ال تستكني هلذا املنطق بل‬                                                ‫األسلحة النووية.‬
                                                                                                                     ‫الزاوية الفقهية بغية استجالء املوقف الشرعي‬
‫عليها العمل اجلاد يف سبيل إسقاطه، لتحقق تقدمها‬           ‫والكالم اآلنف لتربير تصنيع السالح النووي وإن‬
                                                                                                                                        ‫إزاء هذه القضية احلساسة.‬
                               ‫وكل آماهلا املنشودة.‬      ‫كان مطابقًا للموازين الفقهية املعروفة إال أن يف‬
                                                               ‫ّ‬
                                                                                        ‫ً‬
                                                         ‫املقام حتفظًا أو تأمال ميكن تسجيله وهو: إن هذا‬
              ‫استخدام السالح النووي:‬                     ‫النمط من السالح الذي ميكن ألي خطأ بشري يف‬                             ‫التلوث باإلشعاع النووي:‬
‫باالنتقال إىل املرحلة الثانية من البحث وهي مرحلة‬         ‫إدارته أو ألي تصرف عدواين قد يرتكبه بعض األفراد‬           ‫يعترب التلوث باإلشعاع النووي أخطر أنواع التلوث‬
‫استخدام السالح النووي فإننا نستطيع القول يف ضوء‬          ‫املمسكني بزمامه أن يؤدي إىل نتائج كارثية قد تصل‬           ‫على اإلطالق، وقد ظهرت خطورة هذا النوع من‬
‫معرفتنا بأن احلرب يف اإلسالم هلا ضوابطها وقيودها‬         ‫إىل حد القضاء على الكوكب األرضي برمته وإفناء‬              ‫اإلشعاع بعدما تعرض اإلنسان إىل كارثتني نوويتني‬
                                                         ‫كل مظاهر احلياة عليه ويف احلد األدىن قد يؤدي‬              ‫كبريتني يف القرن العشرين متثلتا بإلقاء قنابل ذرية‬
‫وأخالقياهتا ووسائلها وأهدافها كما أن هلا زماهنا‬
                                                         ‫إىل إبادة املاليني من بين اإلنسان هل يسمح الشارع‬          ‫على مدينتني يف اليابان(سنة5491) وباالنفجار الذي‬
‫ومكاهنا: إن استخدام السالح النووي والقنابل الذرية‬
                                                                         ‫احلكيم بتصنيعه أو يأذن يف اقتنائه؟‬        ‫حدث يف مفاعل تشرنوبيل النووي (سنة6891).‬
    ‫يف املعارك أمر حمظور شرعًا لالعتبارات التالية:‬                                                                 ‫وقد اكتشف اإلنسان عمليًا مدى خطورة اإلشعاعات‬
                                                         ‫قد ال يبتعد الفقيه عن الصواب إذا جزم بأن‬
‫أوال: إن استخدام هذا السالح يف كثري من احلاالت‬  ‫ً‬        ‫الشارع ال يأذن بتصنيع هكذا أنواع من السالح، وأنه ال‬       ‫النووية على مجيع الكائنات احلية من إنسان وحيوان‬
‫يعترب من أبرز مصاديق اإلفساد يف األرض وإهالك‬                                                       ‫ً‬
                                                         ‫يكون مشموال إلطالقات إعداد القوة، ألن املالحظة‬            ‫ونباتات خمتلفة، فقد عاىن اليابانيون الذين تعرضوا‬
‫احلرث والنسل، وهو أمر حمرم بنص القرآن الكرمي،‬
                        ‫ّ‬                                ‫املتقدمة صاحلة إما لتقييد املطلقات املشار إليها أو‬        ‫لإلشعاعات النووية من املوت أو من األمراض اليت‬
‫وقد تطرقنا لذلك يف بعض املقاالت السابقة يف جريدة‬         ‫أهنا تشكل قرينة توجب انصراف اإلطالق املذكور إىل‬           ‫أصابت كل حواسهم وانتقلت بعدهم إىل أوالدهم وإىل‬
       ‫بينات بعنوان «ال تفسدوا يف األرض» فراجع.‬          ‫غري هذا النوع من السالح، على أ ّنا لو استفتينا العقل‬      ‫أحفادهم، كما دلت التجارب الكثرية اليت أجريت وما‬
‫ثانيًا: إن استخدام هذه األسلحة ال ينفك عن قتل‬            ‫الفطري والوجدان السليم بشأن تصنيع سالح من هذا‬             ‫زالت جترى يف منطقة تشرنوبيل واملناطق املحيطة‬
‫األبرياء من األطفال والنساء والشيوخ، وإبادة احليوانات‬    ‫القبيل أعين سالحًا قادرًا على تدمري الكرة األرضية‬         ‫هبا على تأثري خطري على كل أنواع الكائنات احلية‬
‫وحرق األشجار واملزروعات، وهذا مما ورد النهي عنه‬          ‫ومن عليها بلمحة بصر، ملا ترددنا يف احلكم باملنع‬           ‫مبا يف ذلك األشجار واحلشائش واألعشاب اليت ما‬
‫يف العديد من الروايات، ففي موثقة مسعدة بن صدقة‬           ‫منه ومعاقبة مصنعيه واملروجني له، ورفض انتشاره‬
                                                                                              ‫ّ‬                    ‫تزال تعاين حىت اليوم جراء انفجار املفاعل النووي».‬
                                                                                      ‫بل ضرورة التخلص منه.‬                  ‫(كتاب البيئة للدكتور نزار دندش ص:581).‬
‫عن أيب عبد اهلل(ع) قال: إن النيب(ص) كان إذا بعث‬
                                                         ‫لكننا نستدرك لنقول: أما وقد وقع املحذور ومت‬
                                                          ‫ّ‬                                                        ‫باتضاح خماطر اإلشعاع النووي وآثاره السلبية‬
‫أمريًا على سرية أمره بتقوى اهلل عز وجل يف خاصة‬
             ‫ّ‬
                                                         ‫تصنيع السالح املذكور ومتلكته أكثر من دولة من دول‬          ‫على كل الكائنات احلية، حناول أن نطل على املوقف‬
‫نفسه، مث يف أصحابه عامة، مث يقول: أغز بسم اهلل‬           ‫االستكبار العاملي وعلى رأسها الكيان الغاصب يف‬             ‫الشرعي اإلسالمي من القضية، وفيما أرى فإن‬
                                                                                                                    ‫ّ‬
‫ويف سبيل اهلل، قاتلوا من كفر باهلل وال تغدروا وال‬        ‫فلسطني ومتكنت بواسطته من االستطالة على األمة‬              ‫استجالء املوقف الفقهي من هذه املسألة ال بد أن يتم‬
                                                                                                                          ‫ّ‬
            ‫ً‬
‫تغلوا ومتثلوا، وال تقتلوا وليدًا وال متبتال يف شاهق‬      ‫اإلسالمية وعلى الشعوب املستضعفة وإرهاهبا وفرض‬                                        ‫عرب مرحلتني من البحث:‬
‫وال حترقوا النخل وال تغرقوه باملاء وال تقطعوا شجرة‬       ‫إرادهتا وشروطها عليها، فإن املوقف ـ ومبيزان الدين‬         ‫املرحلة األوىل: مرحلة تصنيع السالح املذكور‬
‫مثمرة وال حترقوا زرعًا، ألنكم ال تدرون لعلكم‬             ‫والعقل أيضًا ـ سوف خيتلف، ليغدو متلك هذا السالح‬                                                     ‫واقتنائه.‬
‫حتتاجون إليه، وال تعقروا من البهائم ما يؤكل حلمه‬         ‫مطلوبًا وضروريًا يف حماولة إلجياد الردع وتوازن‬            ‫املرحلة الثانية: مرحلة استخدامه، واالستخدام‬
            ‫إال ما بدا لكم من أكله..»(الكايف:5/92).‬ ‫ّ‬    ‫القوة، ألن من غري اجلائز أن تبقى األمة اإلسالمية‬          ‫تارة يكون هبدف جترييب صرف، كما تفعل الكثري من‬
‫ثالثًا: ورد يف اخلرب املعترب عن أيب عبداهلل(ع)‬           ‫يف موقع االبتزاز والترهيب أو يف حالة من الوهن‬             ‫الدول اليت جتري جتارب نووية يف أعماق البحار أو‬
‫قال: قال أمري املؤمنني(ع): «هنى رسول اهلل(ص)‬             ‫والضعف، فإن اهلل يريدها عزيزة قوية {وهلل العزة‬
                                                                            ‫ً‬                                      ‫يف الصحارى أو يف جوف األرض، وتارة أخرى يكون‬
                                                         ‫ولرسوله وللمؤمنني}(املنافقون:8)، وال يرضى هلا أن‬                                           ‫ذلك هبدف قتايل.‬
‫أن يلقى السم يف بالد املشركني»(الكايف:5/82،‬
                                                                                            ‫ً‬         ‫ً‬
                                                                         ‫تكون ذليلة ضعيفة مرهونة لآلخرين.‬
‫التهذيب6/341)، وظاهر النهي هو احلرمة، وبذلك‬                                                                                      ‫تصنيع السالح النووي:‬
                                                         ‫إننا هبذا الكالم ال نريد التشجيع على صناعة‬
‫أفىت غري واحد من الفقهاء، يقول ابن إدريس احللي‬                                            ‫ً‬                        ‫فيما يرتبط باملرحلة األوىل، أعين مرحلة التصنيع‬
                                                         ‫األسلحة النووية فضال عن انتشارها، بل إننا ندعو إىل‬
‫رمحه اهلل:»وجيوز قتل الكفار بسائر أنواع القتل‬            ‫التخلص منها والقضاء عليها، وأقصى أمانينا أن يأيت‬          ‫فقد يقال: إنه ليس مثة ما مينع شرعًا من تصنيع‬
‫وأسبابه إال بتغريق املساكن ورميهم بالنريان وإلقاء السم‬
                                           ‫ّ‬             ‫يوم على اإلنسان وقد خلت املخازن (خمازن اجليوش)‬            ‫السالح النووي أو اقتنائه، بل إنه قد يكون مطلوبًا‬
‫يف بالدهم، فإنه ال جيوز أن يلقى السم يف بالدهم...‬
                          ‫ُ‬                                    ‫من السالح النووي لتعيش البشرية بأمن وسالم.‬          ‫شرعًا، كونه يشكل أحد مصاديق إعداد القوة يف‬
‫به نطقت األخبار عن األئمة األطهار»(السرائر2/7)،‬                                                                    ‫مواجهة الظاملني املعتدين، وإعداد القوة كذلك‬
                                                                       ‫الصناعة النووية السلمية:‬                                                 ‫ً‬
                                                                                                                   ‫مطلوب شرعًا وعقال، قال تعاىل:{واعدوا هلم ما‬
‫وقد التزم السيد اخلوئي رمحه اهلل أيضًا حبرمة إلقاء‬
                                                         ‫هذا كله لو كانت الصناعة النووية هبدف األغراض‬              ‫استطعتم من قوة ومن رباط اخليل ترهبون به عدو‬
‫السم يف بالد املشركني أخذًا بظاهر النص املتقدم‬
                                                         ‫العسكرية القتالية، أما لو كانت هبدف سلمي وبداعي‬                                           ‫اهلل وعدوكم...}.‬
‫(منهاج الصاحلني1/373)، وبذلك يتضح ضعف القول‬
                                                         ‫حتقيق األغراض العلمية والصناعية فالظاهر أنه ال‬            ‫واآلية الشريفة تشري إىل مبدأ «قوة الردع» القاضي‬
‫بالكراهة كما عن بعض الفقهاء (التنقيح الرائع1/185،‬                                                                  ‫بأن إعداد القوة والتسلح ليس بالضرورة أن يكون‬
                                                         ‫شبهة يف شرعيتها، بل إن امتالك األمة اإلسالمية‬
‫جامع املقاصد3/583، خمتلف الشيعة4/293)، فإذا‬              ‫للتقنية النووية السلمية أمر مطلوب ومرغوب فيه،‬             ‫هبدف القتال واحلرب، بل هبدف إيقاف احلرب من‬
‫كان إلقاء السم يف بالد املشركني حمرمًا أفال يكون‬         ‫ألنه يفك ارهتاهنا لبعض الدول املستكربة اليت تعمل‬          ‫خالل توازن الردع أو الرعب الذي حتققه القوة، وهذا‬
‫استخدام ما هو أشد فتكًا وضررًا منه أعين السالح‬           ‫على احتكار مثل هذه التقنية ومتنع الدول اإلسالمية‬          ‫ما رمزت إليه عبارة {ترهبون به عدو اهلل وعدوكم}،‬
                  ‫النووي والذري حمرمًا بطريق أوىل؟‬
                                        ‫ّ‬                ‫من امتالكها حبجج واهية من قبيل التخوف من تطوير‬            ‫والسالح النووي يعترب من أهم وسائل الردع يف أيامنا،‬
Bayynat204
Bayynat204
Bayynat204
Bayynat204
Bayynat204
Bayynat204
Bayynat204

More Related Content

Viewers also liked

Hair stylist website
Hair stylist websiteHair stylist website
Hair stylist website
andrew2807
 
Lucia, ismael, laura power point
Lucia, ismael, laura power pointLucia, ismael, laura power point
Lucia, ismael, laura power point
mcalvo69
 
Excel lesson 8 and student survey
Excel lesson 8 and student surveyExcel lesson 8 and student survey
Excel lesson 8 and student survey
cxd051
 
Cualidades de las personas positivas
Cualidades de las personas positivasCualidades de las personas positivas
Cualidades de las personas positivas
RVARGASK
 

Viewers also liked (20)

Vernonia School District1
Vernonia School District1Vernonia School District1
Vernonia School District1
 
Vernonia School District
Vernonia School DistrictVernonia School District
Vernonia School District
 
Installing Tomcat on Ubuntu Instance
Installing Tomcat on Ubuntu InstanceInstalling Tomcat on Ubuntu Instance
Installing Tomcat on Ubuntu Instance
 
Virtual server on aws
Virtual server on awsVirtual server on aws
Virtual server on aws
 
Jsadfasiohg
JsadfasiohgJsadfasiohg
Jsadfasiohg
 
Installing Lamp Stack on Ubuntu Instance
Installing Lamp Stack on Ubuntu InstanceInstalling Lamp Stack on Ubuntu Instance
Installing Lamp Stack on Ubuntu Instance
 
Play Framework in EC2
Play Framework in EC2Play Framework in EC2
Play Framework in EC2
 
Up & running with jasmine
Up & running with jasmineUp & running with jasmine
Up & running with jasmine
 
Bucharesttop10
Bucharesttop10Bucharesttop10
Bucharesttop10
 
Bayynat197
Bayynat197Bayynat197
Bayynat197
 
Bayynat196
Bayynat196Bayynat196
Bayynat196
 
El cant de la Sibil·la: de Grècia a la prohibició i de la prohibició a la dec...
El cant de la Sibil·la: de Grècia a la prohibició i de la prohibició a la dec...El cant de la Sibil·la: de Grècia a la prohibició i de la prohibició a la dec...
El cant de la Sibil·la: de Grècia a la prohibició i de la prohibició a la dec...
 
Daicys
DaicysDaicys
Daicys
 
Hair stylist website
Hair stylist websiteHair stylist website
Hair stylist website
 
CMS Website Development
CMS Website DevelopmentCMS Website Development
CMS Website Development
 
Dayana eduard
Dayana eduardDayana eduard
Dayana eduard
 
Lucia, ismael, laura power point
Lucia, ismael, laura power pointLucia, ismael, laura power point
Lucia, ismael, laura power point
 
Mis quince gio
Mis quince gioMis quince gio
Mis quince gio
 
Excel lesson 8 and student survey
Excel lesson 8 and student surveyExcel lesson 8 and student survey
Excel lesson 8 and student survey
 
Cualidades de las personas positivas
Cualidades de las personas positivasCualidades de las personas positivas
Cualidades de las personas positivas
 

Similar to Bayynat204

صوت الكرامة 3
صوت الكرامة 3صوت الكرامة 3
صوت الكرامة 3
TOUNESELKARAMA
 
Muhadra 130120035632-phpapp02
Muhadra 130120035632-phpapp02Muhadra 130120035632-phpapp02
Muhadra 130120035632-phpapp02
Teacher
 
من هو المعاق حقيقة
من هو المعاق حقيقةمن هو المعاق حقيقة
من هو المعاق حقيقة
Abdullah Assaf
 
يوم القيامة بين الاثبات والانكار
يوم القيامة بين الاثبات والانكاريوم القيامة بين الاثبات والانكار
يوم القيامة بين الاثبات والانكار
khayr_albarya
 
صوت الكرامة 5
 صوت الكرامة 5 صوت الكرامة 5
صوت الكرامة 5
TOUNESELKARAMA
 
مطوية عن التعاون
مطوية عن التعاونمطوية عن التعاون
مطوية عن التعاون
Cheery Al-Hamood
 
تجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيم
تجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيمتجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيم
تجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيم
Jbir Lotfi
 

Similar to Bayynat204 (20)

ליונס צעירים כפר סבא
ליונס צעירים כפר סבאליונס צעירים כפר סבא
ליונס צעירים כפר סבא
 
آفة الوهم والشؤم.pdf
آفة الوهم والشؤم.pdfآفة الوهم والشؤم.pdf
آفة الوهم والشؤم.pdf
 
طريقنا الى القلوب
طريقنا الى القلوبطريقنا الى القلوب
طريقنا الى القلوب
 
صوت الكرامة 3
صوت الكرامة 3صوت الكرامة 3
صوت الكرامة 3
 
منتهى الطاعة في حفظ الجماعة.pdf
منتهى الطاعة في حفظ الجماعة.pdfمنتهى الطاعة في حفظ الجماعة.pdf
منتهى الطاعة في حفظ الجماعة.pdf
 
أهل الدين و أتباع التدين
أهل الدين و أتباع التدينأهل الدين و أتباع التدين
أهل الدين و أتباع التدين
 
How to Call Hindu To islam ?
How to Call Hindu To islam ? How to Call Hindu To islam ?
How to Call Hindu To islam ?
 
Muhadra 130120035632-phpapp02
Muhadra 130120035632-phpapp02Muhadra 130120035632-phpapp02
Muhadra 130120035632-phpapp02
 
لماذا نبتلى ؟
لماذا نبتلى ؟لماذا نبتلى ؟
لماذا نبتلى ؟
 
الى اي شيء ندعو الناس
الى اي شيء ندعو الناسالى اي شيء ندعو الناس
الى اي شيء ندعو الناس
 
من هو المعاق حقيقة
من هو المعاق حقيقةمن هو المعاق حقيقة
من هو المعاق حقيقة
 
يوم القيامة بين الاثبات والانكار
يوم القيامة بين الاثبات والانكاريوم القيامة بين الاثبات والانكار
يوم القيامة بين الاثبات والانكار
 
صوت الكرامة 5
 صوت الكرامة 5 صوت الكرامة 5
صوت الكرامة 5
 
فض الاشتباك مع العلمانية
فض الاشتباك مع العلمانيةفض الاشتباك مع العلمانية
فض الاشتباك مع العلمانية
 
تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال
تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيالتحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال
تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال
 
مطوية عن التعاون
مطوية عن التعاونمطوية عن التعاون
مطوية عن التعاون
 
كتاب رقم ( 183 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 183 ) من سلسلة الكاملكتاب رقم ( 183 ) من سلسلة الكامل
كتاب رقم ( 183 ) من سلسلة الكامل
 
الكامل في أحاديث القَدَر وأن الله قدّر كل شئ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين أ...
الكامل في أحاديث القَدَر وأن الله قدّر كل شئ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين أ...الكامل في أحاديث القَدَر وأن الله قدّر كل شئ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين أ...
الكامل في أحاديث القَدَر وأن الله قدّر كل شئ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين أ...
 
رسالة المؤتمر6
رسالة المؤتمر6رسالة المؤتمر6
رسالة المؤتمر6
 
تجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيم
تجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيمتجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيم
تجليات المسرح الذهني عند توفيق الحكيم
 

Bayynat204

  • 1. ‫ميثل اإلمام الصادق(ع) يف تراثه العلمي واألخالقي‬ ‫والفقهي والفكري واإلنساين، ظاهرة ثقافية يف مستوى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حركة اإلمامة ومسؤوليتها عن إغناء حياة الناس باإلسالم..‬ ‫العالمة املرجع السيد حممد حسني فضل اهلل (قده)‬ ‫‪www.b-iraq.com‬‬ ‫تشرين األول 0102 م‬ ‫العدد 402‬ ‫شهرية تصدر عن مركز الثقافة واإلعالم - بريوت‬ ‫4‬ ‫مواقع اإلنرتنت‬ ‫وإفساد العالقات‬ ‫االجتماعية‬
  • 2. ‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬ ‫2‬ ‫مقابلة‬ ‫العبودية أمام اهلل تؤكد احلرية اإلنسانية‬ ‫في البدء كانت الكلمة‬ ‫| العالمة املرجع السيد حممد حسني فضل اهلل (قدس سره)‬ ‫فضيحة بامتياز!‬ ‫احلمد هلل رب العاملني، والصالة والسالم على سيدنا حممد وعلى آله الطيبني الطاهرين وأصحابه‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫املنتجبني، وعلى مجيع أنبياء اهلل واملرسلني، السالم عليكم أيها األخوة املؤمنون واألخوات املؤمنات‬ ‫حطم العراقيون األرقام القياسية العاملية يف‬ ‫ورمحة اهلل وبركاته.‬ ‫إن قضية أن تكون إنسانًا هي قضية عقلك، عندما يتعمق لينطلق من خالل هذا العمق الفكري‬ ‫ّ‬ ‫جمال تشكيل احلكومات، إذ مضى أكثر من مثانية‬ ‫ّ‬ ‫ليجول يف كل اآلفاق، فال يبقى هناك أفق ال ينفذ إليه العقل، ألن مسألة أن تكون عقال هي أن تكون‬ ‫ً‬ ‫أيام بعد املأتني (802 يومًا) على االنتخابات ومل‬ ‫حرًا، أما الذين يعيشون الزنازين على كل املستويات، فإهنم يعيشون اجلهل، وإن أعطوه بعض صفات‬ ‫ّ‬ ‫يتم تشكيل هذه احلكومة، وإن أعلن التحالف‬ ‫ْ‬ ‫العقل.‬ ‫الوطين عن مرشحه لرئاسة احلكومة.‬ ‫ال نريد الدخول يف التفاصيل، ألهنا معروفة‬ ‫أن تنفذ إىل الداخل لتكون قلبًا، وعندما تكون قلبًا‬ ‫للعراقيني، ورمبا لغريهم أيضًا، ولكننا نتساءل‬ ‫تكون حبًا، ألن القلب ال يطيق احلقد حىت لو زحف‬ ‫إن قضية أن تكون إنسانً هي‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫احلقد ليحيط بكل خفقاته، ألن نبضة احلب تبقى‬ ‫ِّ‬ ‫عن سر هذا اإلمهال واالنفالت الذي يظهره‬ ‫ّ‬ ‫قضية عقلك، عندما يتعمق‬ ‫ّ‬ ‫تفرض نفسها على عمق القلب، تنفذ إىل الداخل‬ ‫سياسيو العراق، خصوصًا الذين خسروا يف‬ ‫لتكون حركة تعطيها وجودًا مميزًا ميكن أن يبدع‬ ‫ً‬ ‫االنتخابات، وكأهنم يقولون (اقتلوين ومالكًا‬ ‫لينطلق من خالل هذا العمق‬ ‫وينتج... أن تنفذ إىل الداخل أن تكون أنت، ألن الذين‬ ‫معي) وكما هو املثل الشعيب (املبلل باملاي ما‬ ‫ّ‬ ‫الفكري ليجول يف كل اآلفاق‬ ‫حيدقون باخلارج بلمعات العيون أو بالكلمات اليت تنافق‬ ‫ّ‬ ‫خياف من املطر)، وهم صادقون يف ذلك فماذا‬ ‫هنا وختادع هناك، هؤالء ال يعيشون معىن إنسانيتهم.‬ ‫ّ‬ ‫أيها األحبة، قال البعض عن الدين إ ّنه وسيلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خيسرون، بعد أن خسروا مقاعدهم يف الربملان‬ ‫بعض القوة، فال تكون موحدًا هلل تعاىل، ألن ربك هو‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الستعباد اإلنسان، ألنه حيبسه وميذهبه ويطيفه‬ ‫ّ‬ ‫إىل درجة أن بعضهم مل جيين من األصوات ما‬ ‫اهلل وحده وال رب غريه.‬ ‫ّ‬ ‫وجيعله خيضع، حىت إن بعض املتفلسفني قال إن الدين‬ ‫يساوي عدد حراسه وعديد عائلته الصغرية،‬ ‫لذلك عندما نقرأ القرآن، نقرأ اآلية اليت تأمر‬ ‫يوحي لإلنسان بالضعف، وذلك عندما يقول اإلنسان:‬ ‫النيب واألمة أن يلتقوا مع أهل الكتاب على القاعدة‬ ‫«ال حول وال قوة إال باهلل»، فكأن اإلنسان ينفي احلول‬ ‫فضال عن عشريته وقبيلته!‬ ‫ً‬ ‫اليت تقول: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إىل كلمة سواء‬ ‫عن نفسه وينفي القوة عن نفسه، وقال البعض إن‬ ‫ولكن مع ذلك، فإننا نقر هلؤالء اخلاسرين‬ ‫ّ‬ ‫بيننا وبينكم أال نعبد إال اهلل}، أن نوحد اهلل مجيعًا،‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫الدين يعلِّم اإلنسان الضعف والعجز واخلضوع، ولكن‬ ‫َّ‬ ‫بالشطارة، وهي شطارة خاسر، إذ أمكنهم تأخري‬ ‫{وال نشرك به شيئًا}، أل ّنك إذا مل تشرك باهلل شيئًا‬ ‫مشكلة هؤالء الناس الذين يتفلسفون عندما يتحدثون‬ ‫َّ‬ ‫تشكيل احلكومات إىل هذه املدة، واليت ال تزال‬ ‫كنت حرًا.‬ ‫عن اهلل تعاىل، هي أهنم يرون أن اهلل تعاىل ِّل وجودًا‬ ‫ميث‬ ‫{وال يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون اهلل}(آل‬ ‫يف مقابل اإلنسان؛ فهناك اهلل وهناك اإلنسان، وهناك‬ ‫مفتوحة، وكأهنم يذهبون بالعراق إىل اجلحيم‬ ‫عمران/46)، لنتحد على أنه ال رب يف الكون ألي بشر‬ ‫َّ‬ ‫احلرب بني اهلل وبني اإلنسان، وهناك العبودية بني اهلل‬ ‫ما دام شعبه مل ينتخبهم! وقد جنحوا يف تعويق‬ ‫إال اهلل، وهبذا تستطيع أن تقف بكل عنفوانك أمام ما‬ ‫وبني اإلنسان...!! هؤالء مل يفهموا ولن يفهموا من‬ ‫بناء الدولة ومؤسساهتا الدستورية، مما يعين أن‬ ‫يسمى بالدول الكربى أو بالدولتني العظميني اجلبارتني،‬ ‫ّ‬ ‫هو اإلنسان، {إين خالق بشر من طني* فإذا سويته‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}(ص/17-‬ ‫اخلطر ال يزال قائمًا وبقوة يف هذا السيل وهو ال‬ ‫أو اجلبار األوحد، لتشعر بأنه ليس جبارًا، اهلل تعاىل‬ ‫هو اجلبار، وأنت تستطيع أن تسقط اجلبابرة، عندما‬ ‫ّ‬ ‫27).‬ ‫يزال يعترض هذه املهمات، فمن فريق يلجأ إىل‬ ‫ٍ‬ ‫تفكر يف عناصر القوة عندك وعناصر الضعف عند‬ ‫وأنت أيها اإلنسان، هل متلك أن تنفصل عن اهلل‬ ‫ُّ‬ ‫السالح وقتل املدنيني للضغط على السياسيني،‬ ‫اآلخرين، ألن اآلخرين ليسوا أربابًا، بل هم يعيشون‬ ‫فتكون شيئًا آخر، أو كيانًا آخر ووجودًا آخر، وروح‬ ‫إىل فريق يلجأ إىل إيقاف عجلة احلياة لغرض‬ ‫نقاط الضعف أيضًا.‬ ‫اهلل يف داخل كل كيانك؟! أنت إنسان اهلل يف الوقت‬ ‫الذي أنت عبد اهلل، ولكن هناك فرق بني عبودية‬ ‫احلصول على مكاسب... فأين الضمري اإلنساين‬ ‫مشكلتنا، أننا نستغرق يف نقاط القوة عند اآلخرين،‬ ‫ولكننا ال نفكر يف نقاط القوة عندنا، ونستغرق يف‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان هلل وعبودية اإلنسان إلنسان آخر، ألن عبودية‬ ‫ّ‬ ‫والوازع الديين، واجلميع يتغىن به، وفوق ذلك‬ ‫نقاط الضعف عندنا فنسقط قبل أن ندخل املعركة.‬ ‫اإلنسان لإلنسان اآلخر تسقط إنسانيته، وجتعله شيئًا‬ ‫أين هي الوطنية إذن؟!‬ ‫إننا عندما ندرس تطور اإلنسان يف الكون، سنرى أن‬ ‫ّ‬ ‫كالالشيء، جتعله وجودًا كالالوجود، جتعل وجوده‬ ‫لقد مرت هذه األشهر ومل تتشكل احلكومة،‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الصغري اليوم سيكون كبريًا غدًا، وعندما نأخذ بأسباب‬ ‫صدى لآلخر، وحياته ظال له، وأن تكون عبدًا لإلنسان‬ ‫معناه أن ال تكون أنت، بل أن تكون اآلخر، ولكن أن‬ ‫مما يعين أن العراق ليس مهيأ بعد لنظام‬ ‫القوة وأن الكبري اليوم سيكون صغريًا غدًا، وكمثال‬ ‫على ذلك: كيف كانت أمريكا وكيف كانت بريطانيا؟‬ ‫تكون عبدًا هلل، أن تكون كهذا الوجود الذي أنت فيه،‬ ‫سياسي دميقراطي، وهو معىن يفرح أزالم‬ ‫ُ‬ ‫كيف كانت الصني وكيف كانت بريطانيا؟ كانت سيدة‬ ‫ّ‬ ‫أن تكون صنعة اهلل، أنت منه، من خلقه، هو الذي‬ ‫النظام، وأيتامه، فكيف نسهم يف تكريسه يف‬ ‫البحار وخرجت من البحار وأصبحت تبحث عن موقع‬ ‫أعطاك حريتك عندما أعطاك عبوديتك له، فإن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫احلياة السياسية بعد هذه املعاناة الطويلة.‬ ‫يف بر هنا وجبل هناك، أصبحت يف موقع ضعف حتاول‬ ‫عبوديتك هلل تعين أنك حتتضن معىن اهلل يف نفسك،‬ ‫أن تأخذ القوة من اآلخرين، {وتلك األيام نداوهلا بني‬ ‫َّ‬ ‫فتعبده لتؤكد معىن إنسانيتك يف شكر النعمة، وتطيعه‬ ‫الناس}(آل عمران/041)، ليس هناك قوة خالدة‬ ‫ألنك تعرف أنه هو سر الكون كلّه، وسر احلياة كلها،‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بينات - العراق‬ ‫وليس هناك ضعف خالد.‬ ‫وطاعته هي أن تكون إنسان القيمة.‬ ‫لذلك، علينا أن نبدأ من احلرية، أن ال نترك أية‬ ‫ً‬ ‫لذلك عبوديتك هلل ليست منفصلة عن حريتك، بل‬ ‫فرصة لتأكيدها، فنبدأ من البيت، ألن البيت عندنا،‬ ‫إن معىن التوحيد يف معىن العبودية، هو أن تكون عبدًا‬ ‫وخصوصًا يف الشرق، هو البيت الذي يصنع العبودية،‬ ‫هلل من حيث إ ّنك خلق اهلل وحر أمام العامل كله، ألنك‬ ‫ّ‬ ‫فنجد أن املرأة مسلوبة احلرية يف حركتها، كذلك‬ ‫عندما تستعبد نفسك ألية قوة يف الكون، كأن تستعبد‬ ‫َّ‬ ‫األوالد ليس هلم حرية حىت لو دخلوا اجلامعة، يف أن‬ ‫نفسك للشمس، كما كان اآلخرون يستعبدون أنفسهم‬ ‫يتكلّموا أمام األب، فاألب هو الديكتاتور، ال كلمة إال‬ ‫للكواكب ولكل الظواهر الكونية، فإنك ال تكون موحدًا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫كلمته، وال رأي إال رأيه.‬ ‫هلل، وأيضًا عندما تستعبد نفسك ألي إنسان ميلك‬ ‫ِّ‬
  • 3. ‫3‬ ‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬ ‫هذا العدد‬ ‫‪ ‬السالح النووي يف امليزان الفقهي |ص4|‬ ‫في‬ ‫‪ ‬كتابات حول العالمة املرجع فضل اهلل (رض) |ص 7-9|‬ ‫اآلخرين، أن ال ندمن كلمة السر، وهذا أمر استهلكناه‬ ‫تكون هناك مراكز قوى، هناك مراكز قوى تعطي‬ ‫وتنطلق هذه الديكتاتورية من األب إىل املسؤول‬ ‫يف لبنان، أن ال ندمن الوحي النازل من هنا وهناك.‬ ‫الفكرة واخلطة وتفسح املجال لآلخرين، أما مراكز‬ ‫الصغري واملسؤول األوسط، مث تتحول إىل حاكم مث‬ ‫ّ‬ ‫ال وحي إال وحي اهلل، هو الذي نقدسه، فلكل إنسان‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫القوى اليت تقول أنا ال اآلخر، فإهنا مت ّل إسقاطًا‬ ‫ث‬ ‫إىل إمرباطور. من الذي يصنع العبودية يف داخلنا؟‬ ‫وحيه املنطلق من عقله ومن حريته. نستطيع عندما‬ ‫لآلخر.‬ ‫إن طريقتنا يف التربية هي اليت تصنع العبودية‬ ‫خنتلف أن نتحاور وأن نفرض هذا احلوار حىت على‬ ‫علينا أن منلك احلرية السياسية، أن ال نرث‬ ‫يف الداخل، يف الدين ليس هناك مقدس إال اهلل،‬ ‫َّ‬ ‫الذين يريدون أن يسيطروا علينا، أن نقول هلم أقنعونا‬ ‫أشخاصًا ألن آباءنا تركوهم لنا يف التركة، كما كان‬ ‫وليس هناك مقدس إال األنبياء الذين أعطاهم اهلل‬ ‫َّ‬ ‫نكن معكم، وليست القضية هي أن تصادرونا.‬ ‫يقول بعض الناس يف املاضي لولده أنا أورثك ألف‬ ‫بعض القداسة واألولياء معهم، لكن هل حنن معنيون‬ ‫مشكلتنا يف هذا الشرق أن كثريين ممن وظفوا‬ ‫ّ‬ ‫صوت، يعين ألف رأس غنم، والناس أيضًا يقولون‬ ‫بتقديس اإلنسان غري املقدس؟ ملاذا نقدس احلاكم؟!‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫من خالل املخابرات الدولية ليكونوا ملوكًا ورؤساء‬ ‫حنن رجال فالن ورجال فالن، اإلنسان ال يكون رجل‬ ‫ملاذا نقدس الشخصيات الدينية؟! ملاذا نقدس‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وأمراء ووزراء ورؤساء أحزاب، أهنم وظفوا من أجل‬ ‫ِّ‬ ‫أحد، اإلنسان يكون مع أحد.‬ ‫الشخصيات السياسية واالجتماعية؟! حنن ال نريد أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن يصادروا حرية اإلنسان. إننا نعرف عندما يهمس‬ ‫أنا أقرأ يف هذه الرسالة ملن يضطهدون املرأة‬ ‫نسقط أحدًا، ولكننا نريد أن نقول إن الذي يعبد اهلل‬ ‫بعضنا لبعض وعندما حيذر بعضنا من بعض، أن‬ ‫ويقولون إن املرأة بربع عقل ونصف عقل، أقرأ ما ورد‬ ‫ّ‬ ‫ال يعبد اإلنسان.‬ ‫اإلنسان يف هذا الشرق، وخصوصًا يف الشرق العريب،‬ ‫يف القرآن الكرمي عن ملكة سبأ، حيث قال تعاىل على‬ ‫ولذلك فلتسقط كل عبادة للشخصية، سواء كانت‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫خيشى أن يضبط نفسه وهو يفكر حبرية، ألنه خياف‬ ‫لسان اهلدهد: {وجدهتا وقومها يسجدون للشمس‬ ‫شخصية دينية أو سياسية أو اجتماعية، لنحتفظ‬ ‫أن يكون هناك جهاز لرصد الفكر مثل جهاز اكتشاف‬ ‫من دون اهلل}(النمل/42)، فأرسل إليها النيب(ع)‬ ‫ّ‬ ‫حبريتنا، ألنك عندما تعبد شخصًا لن تكون حرًا.‬ ‫ّ‬ ‫الكذب، ولذلك هو حياول أن يعطل فكره، وأن يقول‬ ‫ِّ‬ ‫الذي كان نبيًا وملكًا، أقرأ كتابًا فيه هتديد ودعوة،‬ ‫وحنن أيها األحبة أمام ما نواجه من حتديات كربى‬ ‫لفكره امجد ألن اآلخرين ينتظرونك يف ألف زنزانة‬ ‫فجمعت قومها {قالت يا أيها املأل أفتوين يف أمري‬ ‫على كل املستويات، علينا أن نعمق مسألة احلرية يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وزنزانة.‬ ‫ما كنت قاطعة أمرًا حىت تشهدون}(النمل/23)، أي‬ ‫ّ‬ ‫كل أوضاعنا لنعمق حرية الفكر فينا، بعض الناس‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫أقول لكم إن هناك عاملًا مظلمًا يسقط حرية األمة،‬ ‫صحيح أين ملكتكم لكن ال أفرض نفسي عليكم رغم‬ ‫ً‬ ‫يعتربون حرية الفكر كفرًا وهرطقة وزندق ً، ولكننا‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫وحدهم وحدهم أبطال االنتفاضة يف فلسطني، وحده‬ ‫أن يل تلك الصالحية، فأنا أطلب مشورتكم ورأيكم‬ ‫َّ‬ ‫عندما نعطي الفكر حريته من هذا اجلانب ونعطيه‬ ‫َّ‬ ‫الشعب الفلسطيين، مهما حتدث اآلخرون عن بعض‬ ‫َّ‬ ‫وأطلب أن تستعرضوا أمامي عضالت عقولكم،‬ ‫حرية من جانب آخر، فإن هذه احلرية من هذا اجلانب‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫سلبيات الفلسطينيني يف اجلنوب وغري اجلنوب،‬ ‫وأرادت رأيهم، فماذا قالوا؟ {قالوا حنن أولو قوة}،‬ ‫واحلرية من ذاك اجلانب تبدع فكرًا جديدًا، الضغط‬ ‫وحدهم شعب استطاع أن يثبت لألمة معىن العنفوان،‬ ‫نقاتل جيدًا، {وأولوا بأس شديد واألمر إليك فانظري‬ ‫على احلرية جيعل الفكر يسقط ويتضاءل، ولكن‬ ‫أن يعطي نقاط ضوء هنا ونقاط ضوء هناك. حدثين‬ ‫ماذا تأمرين}، فظلت تشعر باحلرية، ألهنا أرادت‬ ‫عندما تعطي الفكر حريته وحتاوره وتناقشه وتنقده،‬ ‫بعض أبطال االنتفاضة قريبًا عندما صرح بعض‬ ‫َّ‬ ‫فكرًا وأعطوها استعراضًا للقوة، وبدأت تفكر وكانت‬ ‫ّ‬ ‫عند ذلك ميكن لك أن تعطي فكرًا جديدًا.‬ ‫مسؤويل االنتفاضة يف اهلجمة الوحشية األخرية على‬ ‫صاحبة فكر: {قالت إن امللوك إذا دخلوا قرية أفسدوها‬ ‫إن الذين حيبسون األفكار يف سجوهنـم، هؤالء هم‬ ‫مشال غزة، أ ّنه إذا تراجع اإلسرائيليون فيمكن أن نوقف‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫وجعلوا أعزة أهلها أذ ّلة وكذلك يفعلون* وإين مرسلة‬ ‫َّ‬ ‫املسؤولون عن جتميد األمة منذ مئات السنني حىت‬ ‫صواريخ القسام، قال: جاءنا الكثريون من الشعب، هذا‬ ‫ّ‬ ‫إليهم هبدي ٍة فناظرة مب يرجع املرسلون}(النمل/33-‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اآلن. بعض الناس يقولون إن احلرية الفكرية ميكن‬ ‫الذي قتل من أهله وهذا الذي دمر بيته، قالوا إننا ال‬ ‫ِّ‬ ‫43)، أخذت تسأل هل هذا نيب أو ملك؟ وهل يريد‬ ‫أن تسقط الدين، وأنا أتصور أن احلرية الفكرية هي‬ ‫َّ‬ ‫نقبل أن متتنعوا عن إطالق صواريخ القسام، البد لنا‬ ‫ّ‬ ‫أن حياور ويعطينا فكرًا ويدعونا إىل قضية، أم أنه‬ ‫اليت ميكن أن ترفع الدين، هي اليت تنقذ الدين من‬ ‫من أن نتابع. هذا شعب يسقط الشهيد منه فيزداد‬ ‫يريد أن يضطهدنا. وهكذا جاءت إىل سليمان(ع)، مث‬ ‫اخلرافة، وتنقذه من التخلّف، ومن الفهم اخلاطئ.‬ ‫عنفوانًا، فكل مقاومة يف عاملنا العريب تعين أن األمة‬ ‫يف احلوار مع سليمان ماذا قالت، مل متش خلفه، بل‬ ‫ً‬ ‫الذين فكروا دينيًا يف املاضي كانوا رجاال وحنن رجال،‬ ‫ّ‬ ‫مل متت، كل مقاومة فكرية، كل مقاومة سياسية، كل‬ ‫{وأسلمت مع سليمان هلل رب العاملني}(النمل/44).‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ما عندهم عندنا وما عندنا ليس عندهم، وحنن‬ ‫مقاومة عسكرية...‬ ‫حنن عندما يكون لدينا يف املجتمع قيادات متلك‬ ‫نعرف أن القرآن الكرمي أكد احلرية الفكرية يف خط‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لذلك فلنحضن هؤالء، لنكن مقاومة يف الفكر‬ ‫ً ًّ‬ ‫فكرًا وحكمة وخطة وإخالصًا ونقتنع مبا عندها، نكون‬ ‫الدعوة فقال تعاىل: {وجادهلم باليت هي أحسن}‬ ‫ً‬ ‫تواجه كل الظاملني واملستكربين، مقاومة حتاول أن‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫معها وليس خلفها، حىت أنا أعطيكم مثال؛ النيب(ص)‬ ‫(النحل/521).‬ ‫تنتج عناصر القوة من داخل األمة، تنتج عناصر القوة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف العقيدة عندنا هو سيد ولد آدم، ومع ذلك، فإن‬ ‫وحنن نقول أيها األحبة، إن هناك دائرتني حلوار‬ ‫ّ‬ ‫حىت نتواصى باحلق فال يسقط احلق بيننا، ونتواصى‬ ‫اهلل تعاىل عندما يتحدث عن النيب(ص) ال يقول إ ّنه‬ ‫الفكر: فهناك دائرة الفكر يف طبيعة خصائصه،‬ ‫بالصرب فال نسقط أمام اجلزع. تعجبين كلمة قاهلا‬ ‫ميشي والناس خلفه، {حممد رسول اهلل والذين معه‬ ‫ٌّ‬ ‫وهناك دائرة الفكر يف األسلوب الذي تقدمه من خالله،‬ ‫ّ‬ ‫رسول اهلل(ص) عندما أرسل شخصًا ورجع يجبن‬ ‫ُ ّ‬ ‫أشداء على الكفار رمحاء بينهم}. أن نكون مع القيادة‬ ‫{وقل لعبادي يقولوا اليت هي أحسن}(اإلسراء53)،‬ ‫أصحابه وجيبنونه يف وقعة خيرب، وأرسل شخصًا ثانيًا‬ ‫ّ‬ ‫ال خلفها، معها نقويها وتقوينا، ندعمها وتدعمنا،‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫{ادفع باليت هي أحسن فإذا الذين بينك وبينه عداوة‬ ‫ورجع جيبن أصحابه وجيبنونه، قال: «ألعطني الراية‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القيادة اليت تتميز باملعىن القيادي هي القيادة اليت‬ ‫َّ‬ ‫كأنه ويل محيم}(فصلت/43)، يف الفكر كن عنيفًا،‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ُّ‬ ‫غدًا رجال حيب اهلل ورسوله وحيبه اهلل ورسوله كرار‬ ‫حتمي أتباعها من نفسها كما حتميهم من اآلخرين،‬ ‫أعط الفكر عناصره وال تتنازل عن أي شيء فيه، ألن‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫غري فرار».‬ ‫وبذلك تستطيع األمة أن تنقد قياداهتا، وتستطيع أن‬ ‫الفكرة ختتزن عنفها يف معناها، أما األسلوب فهو‬ ‫لنكن هذا الرجل، حىت نشجع أصحابنا ويشجعونا.‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫تعترض عليها، وتستطيع أن تؤكد حريتها، وتستطيع‬ ‫ِّ‬ ‫الذي تقدم فيه الفكرة لتدخل القلب قبل أن تدخل‬ ‫ولنتحدث عن الشجاعة وال نتحدث عن الضعف.‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن تشاركها يف صنع املستقبل.‬ ‫العقل؛ أن نعيش أيها األحبة احلرية االجتماعية، أن‬ ‫حنن ننتج الدموع وال ننتج البسمات، حنن ننتج‬ ‫وعلى هذا األساس، فالبد لنا أمام كل هذه التيارات‬ ‫ِّ‬ ‫ال يضغط فريق اجتماعي على فريق اجتماعي آخر،‬ ‫احلزن وال ننتج الفرح. تعالوا لننتج الفرح باحلرية‬ ‫والتعقيدات السياسية اليت حتيط بنا، سواء يف الداخل‬ ‫أن ال تضغط القبلية العشائرية وما إىل ذلك مما توارث‬ ‫وبالنصر وباحلياة والفرح باهلل سبحانه وتعاىل.**‬ ‫على أساس التنوعات احلزبية أو التنوعات السياسية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيه الناس املواقع، واستطاعوا أن يفرضوا القوة من‬ ‫َّ‬ ‫والشخصانية، أو على مستوى اخلارج إقليميًا أو دوليًا،‬ ‫دون أن ميلكوا عناصر القوة اإلنسانية. ليكن املجتمع‬ ‫َّ‬ ‫ال بد أن نعمل على أن ال نسقط أمام أحد، أن ال يكون‬ ‫ّ‬ ‫حرًا، ليقل كل واحد رأيه يف كل القضايا االجتماعية؛‬ ‫ِّ‬ ‫رأينا السياسي واالقتصادي واالجتماعي صدى آلراء‬ ‫يف اجلمعيات، يف النقابات، يف النوادي، ال نريد أن‬
  • 4. ‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬ ‫4‬ ‫مواقع اإلنرتنت وإفساد العالقات االجتماعية‬ ‫| العالمة الشيخ حسن الصفار‬ ‫مينت اهلل تعاىل على اإلنسان بأن زوده باألدوات‬ ‫والوسائل اليت يكسب هبا العلم واملعرفة، فاإلنسان‬ ‫يأيت إىل احلياة ال يعرف شيئًا عنها، بل ال يعرف شيئًا‬ ‫عن وجوده وذاته، وحينما تبدأ حاسة السمع والبصر‬ ‫بالعمل عند اإلنسان، وكذلك بقية احلواس تدرجييًا،‬ ‫يصبح قادرًا على كسب العلم واملعرفة. وحاستا السمع‬ ‫ّ‬ ‫والبصر مها احلاستان الرئيستان يف كسب العلم‬ ‫واملعرفة واالنفتاح على احلياة. صحيح أن لبقية‬ ‫ٌ‬ ‫احلواس كاللمس والشم دورًا، إال أن ذلك يبقى يف‬ ‫حميط حمدود، وتبقى املساحة األوسع من علم اإلنسان‬ ‫ٍ‬ ‫ومعارفه عرب حاسيت السمع والبصر.‬ ‫لكن اإلنسان حباجة إىل مرجعية تقيم تلك املعلومات‬ ‫ّ‬ ‫وحتكم عليها، بني الصحيح واخلطأ، تلك املرجعية هي‬ ‫الفنت ونشـر املعلومات اليت تفسد العالقات بني هذا‬ ‫اإلنسان يستخدم عقله أم أنه أمحق، ومن ذلك ما ورد‬ ‫قوة اإلدراك والفهم املتمثلة يف العقل. ولو كان اإلنسان‬ ‫الطرف وذاك عرب االنترنت وبأمساء مستعارة وومهية‬ ‫عن اإلمام الصادق أنه قال: «إذا أردت أن ختترب عقل‬ ‫يرى ويسمع دون أن يكون له عقل مييز به فإنه ال يصل‬ ‫ومبختلف الطرق واألساليب.‬ ‫الرجل يف جملس واحد فحدثه يف خالل حديثك مبا ال‬ ‫إىل املعرفة الصحيحة، وال يستفيد مما رأى ومسع.‬ ‫وجتاه هذا الواقع ينبغي علينا أن نكون واعني ألن‬ ‫يكون فإن أنكره فهو عاقل وإن صدقه فهو أمحق». ويف‬ ‫فالعقل هو تلك القوة اليت يقوم وحيكم هبا اإلنسان‬ ‫ُ ّ‬ ‫هناك من يستهدف إفساد العالقات يف جمتمعاتنا،‬ ‫رواية أخرى عنه أنه قال: «خذوا احلق من أهل الباطل،‬ ‫على مرئياته ومسموعاته. وكلما اجته اإلنسان إىل‬ ‫فعلى مستوى األمة اإلسالمية هناك من يريد إيقاد‬ ‫وال تأخذوا الباطل من أهل احلق، كونوا نقاد الكالم،‬ ‫ّ‬ ‫عقله كانت نظرته وحكمه على ما يرى ويسمع أصح‬ ‫الفنت املذهبية، أحيانًا تكون األمساء واجلهات معروفة،‬ ‫فكم من ضاللة زخرفت بآية من كتاب اهلل». فاملقياس‬ ‫وأدق، أما إذا غفل عن عقله فإنه معرض للوقوع يف‬ ‫وأحيانًا تكون مصادر جمهولة، وتنقل آراء مكذوبة ال‬ ‫هو مطابقة الكالم للحق أم ال، وليس املقياس من قال‬ ‫الضالل واخلطأ. من هنا يؤكد القرآن الكرمي على‬ ‫أساس هلا من الصحة، وهنا على العقالء أن يكونوا‬ ‫هذا الكالم. فلو أن إنسانًا من أهل الباطل قال كالمًا‬ ‫وجود هذه املرجعية، ففي معظم اآليات القرآنية اليت‬ ‫واعني خلطورة هذا التوجه الذي يهدف إلفساد العالقة‬ ‫ّ‬ ‫يوافق العقل واملنطق فليس لنا إال أن نقبل كالمه،‬ ‫تذكر حاسيت السمع والبصر يردف ذكرمها بذكر‬ ‫بني شرائح األمة.‬ ‫ألن «احلكمة ضالة املؤمن يأخذها أين وجدها». ولو‬ ‫العقل للداللة على دوره، وأن حاسيت السمع والبصر‬ ‫وضمن املجتمع الواحد قد تتجه بعض الفئات‬ ‫ً‬ ‫أن إنسانًا من أهل احلق قال كالمًا باطال، ال يتوافق‬ ‫من دون العقل ال يقدمان لإلنسان الفائدة املطلوبة‬ ‫ّ‬ ‫إلفساد العالقات الداخلية هلذا املجتمع إذا وجدت فيه‬ ‫مع املقاييس والقيم، لغفلته أو الشتباهه، أو ألي سبب‬ ‫اليت حيتاجها يف حياته. وقد ورد يف القرآن الكرمي‬ ‫نشاطًا وحراكًا ال تستسيغه، سواء كانت هذه اجلهات‬ ‫ً‬ ‫آخر، فال ينبغي متابعته ومسايرته فيما قال.‬ ‫مخس آيات تذكر حاسيت السمع والبصر مث تردفهما‬ ‫سياسية أو دينية متشددة. وهذا ما نالحظه جتاه‬ ‫ُ‬ ‫حنن نعيش يف عصـر تبادل وتداول املعلومات،‬ ‫َ َُّ ْ َ َ ُ ْ ِ ْ ُ ُ ِ‬ ‫بذكر العقل، يقول تعاىل: ﴿واهلل َأخرجكم من بطون‬ ‫املجتمع الشيعي الذي يشهدًا حراكًا وفاعلي ً، قد تزعج‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫حبيث أصبحت الوسائل املعلوماتية متوفرة بشكل هائل‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫بعض اجلهات األخرى لتجد نفسها بني أمرين: إما‬ ‫ورهيب جدًا، خصوصًا مع وجود شبكة اإلنترنت، إذ‬ ‫ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫أمهاتكم ال َتعلَمون شيئًا وجعل لَكم السمع واأل ْبصار‬ ‫ُ َّ َ ِ ُ ْ‬ ‫واألفئدة﴾، واألفئدة تعين العقول. ويقول تعاىل: ﴿‬ ‫َ َْ ِْ َ َ‬ ‫القبول بالواقع املتقدم هلذا املجتمع، أو تسعى إلضعاف‬ ‫يوجد عليها أكثر من (681) مليون موقعًا حلد اآلن يف‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ِ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫وجعل لَكم السمع واأل ْبصار واألفئدة لَع َلّكم تشكرون﴾،‬ ‫املجتمع وإشغاله باخلالفات الداخلية.‬ ‫ً‬ ‫خمتلف املجاالت وبشتى أصناف اللغات. إضافة إىل‬ ‫ّ‬ ‫ويف آية أخرى اهلل تعاىل يقول: ﴿وهو ا َلّذي َأ ْنش َأ لَكم‬ ‫َ ُُ‬ ‫ََُ ِ‬ ‫وهنا يأيت دور الوعي عند الناس، ويأيت دور النخبة‬ ‫الفضائيات، واهلواتف النقالة، والصحف واملجالت،‬ ‫ّ‬ ‫َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ِ َ َ َ ل ً َ ْ ُ ُ َ‬ ‫السمع واأل ْبصار واألفئدة قِيال ما َتشكرون﴾، يف آية‬ ‫يف املجتمع، إذ ال ينبغي أن نقبل أي كالم ينشر يف‬ ‫ووسائل اإلعالم املختلفة. وهنا يرى اإلنسان نفسه‬ ‫ثالثة: ﴿ ُم سواه و َنفخ فيه من روحه وجعل لَكم السمع‬ ‫ث َّ َ َّ ُ َ َ َ ِ ِ ِ ْ ُ ِ ِ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ‬ ‫االنترنت، خاصة إذا كان من جهات ومواقع مشبوهة،‬ ‫أمام سيل من املعلومات، لذا جيب أن يكون العقل‬ ‫ٍ‬ ‫َ َْ َ َ َ َْ ْ ِ َ َ َل ً َ ْ ُ ُ َ‬ ‫واأل ْبصار واألفئدة قِيال ما َتشكرون﴾ ويف آية رابعة:‬ ‫فقد تأسست مواقع مشبوهة تريد ختريب املجتمع‬ ‫يقظًا ال أن يكون اإلنسان مستسلمًا ملا يسمع ويرى،‬ ‫وإجياد الفتنة، وقد حيمل بعضها عنوان الدفاع عن‬ ‫وخاصة حني تكون هذه املصادر املعلوماتية واخلربية‬ ‫َ ُ ْ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫﴿ ُل هو ا َلّذي َأ ْنش َأكم وجعل لَكم السمع واأل ْبصار‬ ‫قْ ُ َ ِ‬ ‫َ َْ ْ ِ َ َ َل ً َ ْ ُ ُ َ‬ ‫واألفئدة قِيال ما َتشكرون﴾، يف آية خامسة: ﴿ولَقد‬ ‫َ َْ‬ ‫املجتمع. فينبغي أن ال تغرينا العناوين، وأن نعرف‬ ‫ضمن أجواء يشك اإلنسان يف مصداقيتها، هنا يكون‬ ‫ّ‬ ‫مكناهم فيما ِن مكناكم فيه وجع ْلنا لَهم سمعًا و َأ ْبصارًا‬ ‫َ َّ َّ ُ ْ ِ َ إ ْ َ َّ َّ ُ ْ ِ ِ َ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ماذا يف هذه املواقع، وماذا تريد، ويف أي مصب تصب‬ ‫أمر التأين أكثر إلزامًا، يقول تعاىل: ﴿يا َأُّيها ا َلّذين‬ ‫َ َ ِ َ‬ ‫و َأفئد ً﴾. هذا التأكيد على ذكر األفئدة بعد السمع‬ ‫َ َِْة‬ ‫املواضيع اليت تنشرها.‬ ‫آمنوا ِن جاءكم فاسق بنب ٍأ فتبينوا َأن تصيبوا قومًا‬ ‫َ ُ إ ْ َ َ ُ ْ َ ِ ٌ ِ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ِ ُ َ ْ‬ ‫واألبصار يلفت نظر اإلنسان إىل عدم التعجل يف قبول‬ ‫علينا أن نكون واعني، لنا أعداء يريدون ختريب‬ ‫بجهالَة فتصبحوا علَى ما فع ْلتم َنادمني﴾.‬ ‫ِ َ َ ٍ َُ ْ ِ ُ َ َ َ َ ُْ ِِ َ‬ ‫ما يرى أو يسمع، وإمنا عليه أن يرجع إىل عقله ليقوم‬ ‫ُ ّ‬ ‫العالقات يف داخلنا، وهناك مغرضون يريدون إشغالنا‬ ‫وجتدر اإلشارة هنا إىل أن هذه املصادر املعلوماتية‬ ‫تلك املعلومات.‬ ‫ببعضنا بعضا، وعلى النخبة الواعية أن تذكر الناس‬ ‫ّ‬ ‫يمكن اختراقها بسهولة، وترويج املعلومات السلبية‬ ‫ُ‬ ‫إضافة لذلك فإن هناك نصوصًا كثرية تؤكد على‬ ‫ً‬ ‫هبذا األمر حىت ال تنجح مثل هذه املحاوالت املغرضة‬ ‫عربها، وبإدراكنا لوجود استهدافات من قبل اجلهات‬ ‫اإلنسان بأن ال يقبل كل ما يسمع، وإمنا عليه أن‬ ‫على مستوى األمة وعلى مستوى املجتمعات يف داخل‬ ‫املعادية، فإن مسألة التأكد من صحة املعلومات حيمي‬ ‫ّ‬ ‫يفكر وأن يتأمل، بل إن بعض النصوص جتعل التأين‬ ‫األمة.‬ ‫املجتمع من هذه االستهدافات. فقد أصبح واضحًا‬ ‫أو العجلة يف قبول املعلومات مقياسًا وداللة على أن‬ ‫وجود جهات تستخدم هذا التقدم التقين يف إثارة‬
  • 5. ‫5‬ ‫العدد 402 | تشرين األول 0102‬ ‫السالح النووي يف امليزان الفقهي‬ ‫األنشطة النووية مبا خيدم األهداف العسكرية، وكأن‬ ‫وذلك باعتبار أن الدولة اليت متتلك قنابل ذرية أو‬ ‫ّ‬ ‫| الشيخ حسني اخلشن‬ ‫هذه التقنيات هي حق حصري لتلك الدول املستكربة‬ ‫هيدروجينية هي بطبيعة احلال دولة متفوقة على‬ ‫أو اليت تدور يف فلكها، وال حيق لسائر الدول أن حتقق‬ ‫الدول األخرى، فإذا امتلك الطرف اآلخر قنبلة‬ ‫التقدم أو تطور نفسها يف كافة املجاالت!‬ ‫ال يزال احلديث اجلديل قائمًا حول موقف‬ ‫مماثلة شكل ذلك ضغطًا على الطرف األول ما حيول‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم من صناعة األسلحة النووية واقتنائها،‬ ‫إنه «منطق القوة» الذي ال يستند إىل شيء من‬ ‫دون استخدامه للسالح النووي، األمر الذي قد يدفع‬ ‫وحول شرعية استخدامها يف احلروب واملعارك،‬ ‫املعايري األخالقية واملنطقية، والشرعية، وإن على‬ ‫ّ‬ ‫الطرفني إىل عقد االتفاقيات اليت متنع استخدام‬ ‫وفيما يأيت حناول مقاربة هذا املوضوع من‬ ‫الشعوب احلرة واألبية أن ال تستكني هلذا املنطق بل‬ ‫األسلحة النووية.‬ ‫الزاوية الفقهية بغية استجالء املوقف الشرعي‬ ‫عليها العمل اجلاد يف سبيل إسقاطه، لتحقق تقدمها‬ ‫والكالم اآلنف لتربير تصنيع السالح النووي وإن‬ ‫إزاء هذه القضية احلساسة.‬ ‫وكل آماهلا املنشودة.‬ ‫كان مطابقًا للموازين الفقهية املعروفة إال أن يف‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫املقام حتفظًا أو تأمال ميكن تسجيله وهو: إن هذا‬ ‫استخدام السالح النووي:‬ ‫النمط من السالح الذي ميكن ألي خطأ بشري يف‬ ‫التلوث باإلشعاع النووي:‬ ‫باالنتقال إىل املرحلة الثانية من البحث وهي مرحلة‬ ‫إدارته أو ألي تصرف عدواين قد يرتكبه بعض األفراد‬ ‫يعترب التلوث باإلشعاع النووي أخطر أنواع التلوث‬ ‫استخدام السالح النووي فإننا نستطيع القول يف ضوء‬ ‫املمسكني بزمامه أن يؤدي إىل نتائج كارثية قد تصل‬ ‫على اإلطالق، وقد ظهرت خطورة هذا النوع من‬ ‫معرفتنا بأن احلرب يف اإلسالم هلا ضوابطها وقيودها‬ ‫إىل حد القضاء على الكوكب األرضي برمته وإفناء‬ ‫اإلشعاع بعدما تعرض اإلنسان إىل كارثتني نوويتني‬ ‫كل مظاهر احلياة عليه ويف احلد األدىن قد يؤدي‬ ‫كبريتني يف القرن العشرين متثلتا بإلقاء قنابل ذرية‬ ‫وأخالقياهتا ووسائلها وأهدافها كما أن هلا زماهنا‬ ‫إىل إبادة املاليني من بين اإلنسان هل يسمح الشارع‬ ‫على مدينتني يف اليابان(سنة5491) وباالنفجار الذي‬ ‫ومكاهنا: إن استخدام السالح النووي والقنابل الذرية‬ ‫احلكيم بتصنيعه أو يأذن يف اقتنائه؟‬ ‫حدث يف مفاعل تشرنوبيل النووي (سنة6891).‬ ‫يف املعارك أمر حمظور شرعًا لالعتبارات التالية:‬ ‫وقد اكتشف اإلنسان عمليًا مدى خطورة اإلشعاعات‬ ‫قد ال يبتعد الفقيه عن الصواب إذا جزم بأن‬ ‫أوال: إن استخدام هذا السالح يف كثري من احلاالت‬ ‫ً‬ ‫الشارع ال يأذن بتصنيع هكذا أنواع من السالح، وأنه ال‬ ‫النووية على مجيع الكائنات احلية من إنسان وحيوان‬ ‫يعترب من أبرز مصاديق اإلفساد يف األرض وإهالك‬ ‫ً‬ ‫يكون مشموال إلطالقات إعداد القوة، ألن املالحظة‬ ‫ونباتات خمتلفة، فقد عاىن اليابانيون الذين تعرضوا‬ ‫احلرث والنسل، وهو أمر حمرم بنص القرآن الكرمي،‬ ‫ّ‬ ‫املتقدمة صاحلة إما لتقييد املطلقات املشار إليها أو‬ ‫لإلشعاعات النووية من املوت أو من األمراض اليت‬ ‫وقد تطرقنا لذلك يف بعض املقاالت السابقة يف جريدة‬ ‫أهنا تشكل قرينة توجب انصراف اإلطالق املذكور إىل‬ ‫أصابت كل حواسهم وانتقلت بعدهم إىل أوالدهم وإىل‬ ‫بينات بعنوان «ال تفسدوا يف األرض» فراجع.‬ ‫غري هذا النوع من السالح، على أ ّنا لو استفتينا العقل‬ ‫أحفادهم، كما دلت التجارب الكثرية اليت أجريت وما‬ ‫ثانيًا: إن استخدام هذه األسلحة ال ينفك عن قتل‬ ‫الفطري والوجدان السليم بشأن تصنيع سالح من هذا‬ ‫زالت جترى يف منطقة تشرنوبيل واملناطق املحيطة‬ ‫األبرياء من األطفال والنساء والشيوخ، وإبادة احليوانات‬ ‫القبيل أعين سالحًا قادرًا على تدمري الكرة األرضية‬ ‫هبا على تأثري خطري على كل أنواع الكائنات احلية‬ ‫وحرق األشجار واملزروعات، وهذا مما ورد النهي عنه‬ ‫ومن عليها بلمحة بصر، ملا ترددنا يف احلكم باملنع‬ ‫مبا يف ذلك األشجار واحلشائش واألعشاب اليت ما‬ ‫يف العديد من الروايات، ففي موثقة مسعدة بن صدقة‬ ‫منه ومعاقبة مصنعيه واملروجني له، ورفض انتشاره‬ ‫ّ‬ ‫تزال تعاين حىت اليوم جراء انفجار املفاعل النووي».‬ ‫بل ضرورة التخلص منه.‬ ‫(كتاب البيئة للدكتور نزار دندش ص:581).‬ ‫عن أيب عبد اهلل(ع) قال: إن النيب(ص) كان إذا بعث‬ ‫لكننا نستدرك لنقول: أما وقد وقع املحذور ومت‬ ‫ّ‬ ‫باتضاح خماطر اإلشعاع النووي وآثاره السلبية‬ ‫أمريًا على سرية أمره بتقوى اهلل عز وجل يف خاصة‬ ‫ّ‬ ‫تصنيع السالح املذكور ومتلكته أكثر من دولة من دول‬ ‫على كل الكائنات احلية، حناول أن نطل على املوقف‬ ‫نفسه، مث يف أصحابه عامة، مث يقول: أغز بسم اهلل‬ ‫االستكبار العاملي وعلى رأسها الكيان الغاصب يف‬ ‫الشرعي اإلسالمي من القضية، وفيما أرى فإن‬ ‫ّ‬ ‫ويف سبيل اهلل، قاتلوا من كفر باهلل وال تغدروا وال‬ ‫فلسطني ومتكنت بواسطته من االستطالة على األمة‬ ‫استجالء املوقف الفقهي من هذه املسألة ال بد أن يتم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تغلوا ومتثلوا، وال تقتلوا وليدًا وال متبتال يف شاهق‬ ‫اإلسالمية وعلى الشعوب املستضعفة وإرهاهبا وفرض‬ ‫عرب مرحلتني من البحث:‬ ‫وال حترقوا النخل وال تغرقوه باملاء وال تقطعوا شجرة‬ ‫إرادهتا وشروطها عليها، فإن املوقف ـ ومبيزان الدين‬ ‫املرحلة األوىل: مرحلة تصنيع السالح املذكور‬ ‫مثمرة وال حترقوا زرعًا، ألنكم ال تدرون لعلكم‬ ‫والعقل أيضًا ـ سوف خيتلف، ليغدو متلك هذا السالح‬ ‫واقتنائه.‬ ‫حتتاجون إليه، وال تعقروا من البهائم ما يؤكل حلمه‬ ‫مطلوبًا وضروريًا يف حماولة إلجياد الردع وتوازن‬ ‫املرحلة الثانية: مرحلة استخدامه، واالستخدام‬ ‫إال ما بدا لكم من أكله..»(الكايف:5/92).‬ ‫ّ‬ ‫القوة، ألن من غري اجلائز أن تبقى األمة اإلسالمية‬ ‫تارة يكون هبدف جترييب صرف، كما تفعل الكثري من‬ ‫ثالثًا: ورد يف اخلرب املعترب عن أيب عبداهلل(ع)‬ ‫يف موقع االبتزاز والترهيب أو يف حالة من الوهن‬ ‫الدول اليت جتري جتارب نووية يف أعماق البحار أو‬ ‫قال: قال أمري املؤمنني(ع): «هنى رسول اهلل(ص)‬ ‫والضعف، فإن اهلل يريدها عزيزة قوية {وهلل العزة‬ ‫ً‬ ‫يف الصحارى أو يف جوف األرض، وتارة أخرى يكون‬ ‫ولرسوله وللمؤمنني}(املنافقون:8)، وال يرضى هلا أن‬ ‫ذلك هبدف قتايل.‬ ‫أن يلقى السم يف بالد املشركني»(الكايف:5/82،‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تكون ذليلة ضعيفة مرهونة لآلخرين.‬ ‫التهذيب6/341)، وظاهر النهي هو احلرمة، وبذلك‬ ‫تصنيع السالح النووي:‬ ‫إننا هبذا الكالم ال نريد التشجيع على صناعة‬ ‫أفىت غري واحد من الفقهاء، يقول ابن إدريس احللي‬ ‫ً‬ ‫فيما يرتبط باملرحلة األوىل، أعين مرحلة التصنيع‬ ‫األسلحة النووية فضال عن انتشارها، بل إننا ندعو إىل‬ ‫رمحه اهلل:»وجيوز قتل الكفار بسائر أنواع القتل‬ ‫التخلص منها والقضاء عليها، وأقصى أمانينا أن يأيت‬ ‫فقد يقال: إنه ليس مثة ما مينع شرعًا من تصنيع‬ ‫وأسبابه إال بتغريق املساكن ورميهم بالنريان وإلقاء السم‬ ‫ّ‬ ‫يوم على اإلنسان وقد خلت املخازن (خمازن اجليوش)‬ ‫السالح النووي أو اقتنائه، بل إنه قد يكون مطلوبًا‬ ‫يف بالدهم، فإنه ال جيوز أن يلقى السم يف بالدهم...‬ ‫ُ‬ ‫من السالح النووي لتعيش البشرية بأمن وسالم.‬ ‫شرعًا، كونه يشكل أحد مصاديق إعداد القوة يف‬ ‫به نطقت األخبار عن األئمة األطهار»(السرائر2/7)،‬ ‫مواجهة الظاملني املعتدين، وإعداد القوة كذلك‬ ‫الصناعة النووية السلمية:‬ ‫ً‬ ‫مطلوب شرعًا وعقال، قال تعاىل:{واعدوا هلم ما‬ ‫وقد التزم السيد اخلوئي رمحه اهلل أيضًا حبرمة إلقاء‬ ‫هذا كله لو كانت الصناعة النووية هبدف األغراض‬ ‫استطعتم من قوة ومن رباط اخليل ترهبون به عدو‬ ‫السم يف بالد املشركني أخذًا بظاهر النص املتقدم‬ ‫العسكرية القتالية، أما لو كانت هبدف سلمي وبداعي‬ ‫اهلل وعدوكم...}.‬ ‫(منهاج الصاحلني1/373)، وبذلك يتضح ضعف القول‬ ‫حتقيق األغراض العلمية والصناعية فالظاهر أنه ال‬ ‫واآلية الشريفة تشري إىل مبدأ «قوة الردع» القاضي‬ ‫بالكراهة كما عن بعض الفقهاء (التنقيح الرائع1/185،‬ ‫بأن إعداد القوة والتسلح ليس بالضرورة أن يكون‬ ‫شبهة يف شرعيتها، بل إن امتالك األمة اإلسالمية‬ ‫جامع املقاصد3/583، خمتلف الشيعة4/293)، فإذا‬ ‫للتقنية النووية السلمية أمر مطلوب ومرغوب فيه،‬ ‫هبدف القتال واحلرب، بل هبدف إيقاف احلرب من‬ ‫كان إلقاء السم يف بالد املشركني حمرمًا أفال يكون‬ ‫ألنه يفك ارهتاهنا لبعض الدول املستكربة اليت تعمل‬ ‫خالل توازن الردع أو الرعب الذي حتققه القوة، وهذا‬ ‫استخدام ما هو أشد فتكًا وضررًا منه أعين السالح‬ ‫على احتكار مثل هذه التقنية ومتنع الدول اإلسالمية‬ ‫ما رمزت إليه عبارة {ترهبون به عدو اهلل وعدوكم}،‬ ‫النووي والذري حمرمًا بطريق أوىل؟‬ ‫ّ‬ ‫من امتالكها حبجج واهية من قبيل التخوف من تطوير‬ ‫والسالح النووي يعترب من أهم وسائل الردع يف أيامنا،‬