Empfohlen
Weitere ähnliche Inhalte
Was ist angesagt?
Was ist angesagt? (20)
Andere mochten auch
Andere mochten auch (13)
Ähnlich wie Haweya
Ähnlich wie Haweya (20)
Kürzlich hochgeladen
Kürzlich hochgeladen (8)
Haweya
- 1. ســلسلـة عــالـــم الطــــفـل . المتغيرات الفاعلة في تشكيل . الدكتـــور عبد الفتاح مصطفى السيد غنيمة – جامعة المنوفية أستاذ تاريخ العلوم والتكنولوجيا بكالوريوس العلوم في الكيمياء والنبات بكالوريوس العلوم في الكيمياء الحيوية ماجستير في فلسفة العلوم الفيزيائية ماجستير في الفنون الحضارية دكتوراه في فلسفة العلوم البيولوجية دكتوراه في التنمية السياحية عضو المجلس األعلى للشئون اإلسالمية عضو اللجنة الوطنية لليونسكو عضو اللجنة القومية لتاريخ العلوم بأكاديمية البحث العلمي عضو اتحاد الكتاب العرب
- 2. 2
- 3. مـقـدمــة : ٖخزاٖد االُخيبى فٕ ُذٍ األٖبى تبهػفّهج ّرؿبٖخِب , ُّّ أير هٖس تبهغرٖة , فبهػفل فّق أٌَ أيل أتَٖ ّأيَ , فِّ ريز اهيشخلتل هوّػً ّهوتضرٖج سيـبء .. تل ُّ اهيشخلتل فٕ دّر اهخنًّٖ , فنيب ٖنًّ اهػفل شٌٖضأ اهرسل , ّنيب ٖنًّ سٖل األػفبل شٖأخٕ سٖل اهنتبر . ّال ؿسة إذً أً ٌسد اهتالد األّرّتٖج ّاأليرٖنٖج كد أّهح اهػفّهج ؿٌبٖج نترْ , ّال ؿسة أٖغب أً ٌسد دّل اهـبهى اهـرتٕ ّاإلشاليٕ فٕ ؿِدُب اهحبغر خٌحّ ُذا اهٌحّ , فخغيً دشخّرُب يً اهيّاد يب ٖغيً حشً االُخيبى تبهػفل ّحشً خٌضئخَ . ّفٕ اهيحبغراح اهـبيج , ّاإلذاؿج ّاهخوٖفزًّٖ ّاهظحف اهّٖيٖج , ّاهيسالح ّاهنخة , أظتحٌب ٌشيؾ ٌّلرأ اهنذٖر ييب ٖلبل ّٖنخة ؿً اهػفل , فٕ ظحٍّ ٌّّيَ , ّفٕ هٍِّ ّهـتَ , ّؿً ضلبّخَ ّتنبئَ ّظراخَ , ّؿيب ٖولٓ يً أشئوج ّيب ٖأخٕ يً أؿيبل . ّيب فخئ ؿويبء اهٌفس ّاهخرتٖج تنوٖبح اهخرتٖج ّرٖبع األػفبل ّيـبُد دراشبح اهػفّهج ٖدرشًّ ّٖتحذًّ فٕ اػّار اهػفّهج , ّفٕ ضخٓ يؼبُرُب هٖغٖفّا إهٓ يـبرفٌب فٕ ُذا اهيٖداً يـبرف سدٖدث فٕ نل ّٖى , ٌّحً ٌرسّ اهيزٖد يً ُذا االُخيبى , ّيً ُذٍ اهدراشبح ّاهتحّد , فوً خفٖع كػ ؿً حبسخٌب , ّهنً هى ُذا االُخيبى اهّٖى ؟ يب اهذٔ دؿب إهَٖ ّاهػفل ُّ اهػفل , هى ٖخغٖر يٌذ اهلدى ؟ اهّاكؾ أً اهذٔ دؿب إهٓ ُذا االُخيبى نذرث اهيخغٖراح اهفبؿوج فٕ خضنٖل اهِّٖج ؿٌد اهػفل اهـرتٕ ٌُّبم أيراً : األّل , أً فِيٌب هوػتٖـج اإلٌشبٌٖج كد خلدى , ّأظتحٌب ؿوٓ يـرفج تبهنذٖر يً اهلّاؿد ّاهٌؼرٖبح اهخٕ خفشر شوّم األفراد ؿيّيب ّاألػفبل خبظج , ّأظتحٌب ٌخٖسج هذهم , ٌشخػٖؾ أً ٌخحنى , تلدر يب , فٕ خضنٖل ؿبداخِى ّضخظٖبخِى . ّاألير اهذبٌٕ ُّ أً تـع األشبهٖة اهلدٖيج فٕ خرتٖج اهػفل هى خـد ظبهحج اهّٖى ألً اهـبهى كد خغٖر , ّحٖبث اهػفل كد خغٖرح ّاألضٖبء اهخٕ ٖشخيؾ إهِٖب ّٖراُب ّٖخـبيل يـِب , نل ُذٍ كد خغٖرح خغٖرا نتٖرا ؿيب نبٌح ؿوَٖ ؿٌديب نٌب ٌحً اهنتبر ظغبرا , ُّٕ آخذث فٕ اهخغٖر تبشخيرار . فٌِبم اهخوٖفزًّٖ ّاهلٌّاح اهفغبئٖج ّاهشٌٖيب , ّترايز األػفبل , ٌُّبم اهرادّٖ ّأحبدٖذَ إهٓ األػفبل , ٌُّبم اهيسالح ّاهسرائد ّاهلظط , خخظط أسزاء يٌِب هألػفبل , ُذٍ األضٖبء نبٌح غٖر يّسّدث , أّ نبٌح غـٖفج األذر ؿٌديب نٌب ٌحً اٗتبء أػفبال ظغبر .. ّنبً األػفبل فٕ أٖبيٌب 3
- 4. يحّػًٖ تٌّؽ يً اهّكبٖج ّاهركبتج ال ٖسدٍ األػفبل اهّٖى , ّخبظج أػفبل اهيدً , حٖد ٖخخوػ اهحبتل تبهٌبتل فٕ اهضبرؽ , ّحٖد أظتحح رٖبع األػفبل ّاهيدارس خغى خاليٖذ يً نبفج اهػتلبح يً يخخوف اهػتبؽ ّاهيضبرة , فوى ٖـد اهسّ اهيدرشٕ ُّ اهسّ اهلدٖى اهيخسبٌس اهذٔ ٖـرف فَٖ األدة ؿددا نتٖرا يً آتبء اهخاليٖذ فٕ اهيدرشج . ذى أً نذٖرا يً األيِبح خرسً إهٓ يٖداً اهـيل , ّأدْ ُذا إهٓ أً خلل ؿٌبٖخًِ تأػفبهًِ . زد ؿوٓ ذهم أً األػفبل فٕ ُذا اهسٖل ٖشيـًّ اهنتبر ٖخنويًّ ؿً أضٖبء سدٖدث هى خنً ٌشيؾ تِب يً كتل , ألً اهـبهى نوَ كد خغٖر , فِى ٖشيـًّ ّٖشأهًّ ؿً األيى اهيخحدث , ّاهشالى اهـبهيٕ , ّكغبٖب اهيرأث , ّحلّق اهػفل اهـبهيٖج , ّاهنيتّٖخر , ّؿظر االهنخرٌّٖبح , ّاهـبهى اهذبهد .. ّأضٖبء نذٖر يً ُذا اهلتٖل . ُّنذا ٖخـرع األػفبل اهّٖى هيؤذراح كّٖج خخخوف ؿيب خـرع هَ آتبؤُى ؿٌديب نبٌّا أػفبال . ّهٖس يً اهيينً أً ٖـزل اٗتبء اهّٖى أػفبهِى ؿً ُذٍ اهيؤذراح فٖيٌـُّى ؿً ترايز اهخوٖفزًّٖ . ّيئبح اهيحػبح اهخٕ ختد ترايسِب هٖال ٌِّبرا ّؿً اهشٌٖيب أّ اهوـة فٕ اهخبرر , أّ االخخالػ تبألػفبل اٗخرًٖ فٕ اهيدرشج . ّحخٓ إً أينً ُذا فِّ ٖغر ّال ٖفٖد , ألٌٌب ٖسة أً ٌـوى أً أػفبهٌب ٖـٖضًّ فٕ ػفّهخِى فٕ ؿبهى ٖخخوف ؿً ؿبهى ػفّهخٌب , ّأٌِى شٖـٖضًّ ؿٌديب ٖنترًّ , فٕ ؿبهى ٖخخوف ؿً اهـبهى اهذٔ ٌـٖص فَٖ اهّٖى , ّالتد أً خشبؿدُى خرتٖخٌب هِى ؿوٓ أً ٖـٖضّا شـداء فٕ ؿبهيِى ُى . هلد نبٌح األى فٕ اهيبغٕ خـرف نل ضٕء ؿً اهػفّهج , أّ خؼً إٌِب خـرف نل ضٕء , ّنبٌح خرتٖج األػفبل يشأهج ٌُٖج فٕ ٌؼرُب . ّاألى ُذٍ اهسُّرث اهٌبدرث خـٖص هألّالد ّتِى .. ُّنذا نبٌح األى ّشخزال يِيب يرح األٖبى ّاهشًٌّ ّاهلرًّ .. فوً خنًّ ٌُبم راحج هػفل ّال أيبً إال فٕ أحغبً األى .. فِٕ نل حٖبخَ ُّّ نل حٖبخِب .. ّهنً أظتحح ٌُبم غرّرث يوحج هالشخـداد هولرً اهلبدى , ّاهخـرف ؿوٓ دّر األيّيج إزاء كغبٖب أػفبهِب , ّخحدٖبح اهلرً ( 12) , تحٖد ٖينً أً خظٖغ يّكفِب اشخضـبرا هدّرُب اهسدٖد يؾ أػفبل اهلرً اهحبدٔ ّاهـضرًٖ .. حخٓ خنخشة شيبح خخٌبشة يؾ هغج اهـظر .. ّيً ٌُب ؿوِب أً خدرم اهنذٖر ؿً ذهم (ّيً تٌِٖب): 4
- 5. 1. أُيٖج اهخـوى اهذاخٕ , ّاهتحد ؿً اهيـرفج تضخٓ اهػرق ّاهّشبئل انخشبة ُذٍ اهلدرث ّفٕ ُذٍ اهحبهج كد ال ٖرًّ إٌِب يضتـج هنذٖر يً خشبؤالخِى ّاحخٖبسبخِى , فٖتحذًّ ؿً ذهم تـٖدا ؿً األى ّاألشرث . 2. حق خشبؤل أػفبهِب , فبهػفل إذ ٖػرش شؤاال , فيـٌٓ ذهم أً ٌُبم يٌػلج فٕ نٌَّ اهيحٖػ تَ ال ٖشخػٖؾ اهخـبيل يـِب , يب داى ال ٖفِى اهحظّل ؿوٓ إسبتج , هذهم فبهخِرة يً اإلسبتج ؿً خشبؤل اهػفل ٖـٌٕ حريبٌَ يً ػبكج ٌّر ٖػل يً خالهِب ؿوٓ اهنًّ , ّحريبٌَ يً خترث سدٖدث خغبف إهَٖ , ّيب ِٖى ٌُب ُّ اهلدرث ؿوٓ اإلسبتج اهظحٖحج تغٖر خزٖٖف ّال إرُبة , حخٓ ٖنخشة اهػفل ؿبدث ؿلوٖج , ّخٌيّ يـَ ّخخّهد هدَٖ ٌزؿج ٌلدٖج ّحس فبحط ّّؿٕ تظٖر , ّخخنًّ هدَٖ إرادث ّضسبؿج اٖسبتٖج . 3. انخشبة يِبرث فً اهخفبّع يؾ األتٌبء خبظج ُّى ٖحخبسًّ إهٓ أً ٖخـويّا أً ٌُبم اخخٖبراح فٕ اهحٖبث ؿوِٖى اهخدرٖة ؿوٓ نٖفٖج اهخـرف ؿوٓ يب ٌٖبشتِى يً خالل هغج اهحّار ّاهخفبُى ّاالكخٌبؽ اهٌبتؾ يً خفنٖر ّرغتج فٕ اخخٖبر اخسبٍ يـًٖ . 4. خّشٖؾ دائرث هغج اهيضبؿر أّ اهلدرث ؿوٓ اهخـتٖر ؿً يضبؿر ػفوِب اهداخوٖج كتل أً ٖخسبّة يؾ اٗخرًٖ , ذى خـوٖيَ اهيِبراح االسخيبؿٖج , ّظلل ذنبئَ االسخيبؿٕ خبظج فٕ شرؿج فِى اهخـتٖراح ّاهخويٖحبح .. فٌحً كبديًّ ؿوٓ خرتٖج يّاػً ؿرتٕ ؿبهيٕ , ٖحخبر إهٓ يشبؿدث فٕ أشوّة رفؾ اهخفبُى اهدّهٕ تًٖ أتٌبء اهـبهى . 5. اهشـٕ ّراء اهخـرف ؿوٓ اهػفل اهيخيٖز ذٔ اهيّٖل االتخنبرٖج , فدّر األى ُبى ّحّٖٔ فٕ خٌيٖج اهلدراح اهخبظج هدْ اهػفل , نذهم كدرخِب ؿوٓ خضسٖؾ أػفبهِب , ّؿدى إحتبػِى , ّؿدى اهشخرٖج يً أفنبرُى يِيب نبٌح غرٖتج أّ غٖر يخلوتج ّأً ٖنًّ اهخظرف يٌبشتب فٕ اهخـبيل يـِى . 6. اهشـٕ ّراء خرتٖج اإلرادث هدْ أػفبهِب هٖخـويّا فً اخخبذ اهلرار تيب ّٖافق أّ ال ّٖافق , ّتيب ٖتٌٕ اهضخظٖج اهيظرٖج اهلبدرث ؿوٓ يّاسِج اهخحدٖبح اهيشخلتوج , ّتيب ِٖدى ذهم , ّنٖف ٖخـوى أً ٖنًّ هَ اشخلالهٖج فٕ اخخبذ كرارٍ تيب ال ٖخشوػ 5
- 6. ؿوَٖ ضٕء شّْ يتبدئَ ّكٖيَ ّغيٖرٍ ّيسخيـَ االشرٔ ّاهدٌٖٕ ّاالسخيبؿٕ ّاهـبهيٕ . ّاخٖرا فال ضم أً كوة األى ال ِٖدأ ّال ٖنف ؿً اهٌتع , ّؿً اهـػبء ّؿً اهلوق ّاهحة ّاهحٌبً الّالدُب فٕ نل ّكح ّفٕ نل ؿير ّفٕ نل كرًّ اهزيبً تنل يب ٖحيل يً ؼرّف ّخحدٖبح .. فلوتِب ألتٌبئِب ّتِى ّيً اسل شـبدخِى كوة األى سُّرث ٌبدرث ؿؼٖيج اهذيً ... خحٖج أليٕ ّهنل أى تنل اهحة ّاهخلدٖر ّاهدؿبء ّخحٖج هأليِبح فٕ اهّػً اهـرتٕ اهنتٖر اهذًٖ ٖيونًّ كوّتب نوِب حة ّظدّرا ٖيوؤُب اهحٌبً , ّؿٌّٖب خخػوؾ هيشخلتل أفغل ألتٌبئًِ يشخلتل األيج اهـرتٖج . 6
- 8. ٨٦
- 9. اﻟﻔﮭرس ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻘﺩﻤﺔ ............................................................ ٣ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ......................................... ٧ ﺍﻟﺴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻟﻠﺯﻭﺍﺝ ............................................. ٩ ﺍﻟﺤﻤل ﻨﻌﻤﺔ ﻭﺍﻟﺭﺤﻡ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺠﻨﻴﻥ ........................ ٢١ ﺍﷲ ﺠل ﻭﻋﻼ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺭﺤﻡ ﺍﻷﻡ ............. ٤١ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺸﻜل ﺒﻬﺎ ﺍﻷﺠﻨﺔ ................................. ٥١ ﻋﺠﺯ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ...................................... ٦١ ﺃﻭﺤﻰ ﺍﷲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻤﺭﻫﺎ ......................................... ٨١ ﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﻭﻟﻥ ﺘﺠﺩ ﻟﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﺘﺒﺩﻴﻼ ............................. ١٢ ﻤﻌﺠﺯﺓ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ...................................... ٢٢ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺨﻠﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻁﻔﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ .......................... ٣٢ ﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻁﻔل ﻭﻫﻭ ﺠﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺤﻡ ............................... ٥٢ ﻟﻐﺯ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺭﺤﻡ ......................................... ٦٢ ﺫﻜﺎﺀ ﺍﻟﻁﻔل ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻟﺤﻨﺎﻥ ﺃﻤﻪ.................................. ٨٢ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺘﺘﺤﺩﺩ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺭﺤﻡ ........................... ٩٢ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﻴﺄﺘﻲ ﺒﺠﻬﺎﺯ ﻤﺘﻜﺎﻤل ﻟﻠﺴﻤﻊ .............................. ١٣ ﻫﺫﺏ ﻨﻔﺴﻙ ﻴﺘﻬﺫﺏ ﻨﺴﻠﻙ ...................................... ١٣ ﺍﻷﻡ ﻤﺴﺌﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﺼﺤﺘﻬﺎ ﻭﺼﺤﺔ ﺠﻨﻴﻨﻬﺎ ....................... ٢٣ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﺤﺹ ﺍﻟﻁﻔل ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﺤﺘﻀﺎﻥ ﺍﻷﻡ ﻟﻪ ........ ٣٣ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺤﺹ ﺍﻟﻁﺒﻲ ﺍﻟﻤﺒﻜﺭ ................................... ٣٣ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭل ﻋﻥ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﻁﻔل ................................. ٤٣ ﻤﺸﺎﻜل ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ........................ ٤٣ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﻴﻤﻠﻙ ﻗﻭﻯ ﺤﺒﺎﻩ ﺍﷲ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺭﻏﻡ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭ ............... ٦٣ ﺤﻨﺎﻥ ﺍﻷﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺍﻷﻗﻭﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﻪ ﺍﻟﻁﻔل ... ٧٣ ﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ........................................ ٧٣ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻏﺎﺓ ﻤﻥ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﻁﻠﺏ .................... ٩٣ ٧٨
- 10. ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻟﻤﻁﺎﻭﻋﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺒﻠﻴﺔ ﻟﻠﺘﺸﻜل ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ................ ٠٤ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻨﻅﺎﻓﺔ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﻟﺭﻀﻴﻊ ........................................ ١٤ ﻨﻅﺎﻓﺔ ﺍﻷﻡ ﺃﻭﻻ ................................................ ٢٤ ﻨﻅﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﻀﻴﻊ ﺒﺄﻜﻤﻠﻪ .. ﺍﻟﺭﺃﺱ ، ﺍﻟﺠﺴﻡ ...................... ٣٤ ﻨﻅﺎﻓﺔ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﻷﻜﺒﺭ ﺴﻨﺎ ........................................ ٥٤ ﺤﻤﺎﻡ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺭﻀﻴﻊ ........................................... ٦٤ ﻤﻥ ﻤﺯﺍﻴﺎ ﻟﺒﻥ ﺍﻷﻡ .................................................. ٦٤ ﺩﻭﺭ ﺍﻷﻡ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻁﻔل ................................... ٨٤ ﺃﻓﻀل ﺍﻟﺴﺒل ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﺯﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻊ .................. ٨٤ ﻤﺘﻰ ﺘﻨﺸﺄ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻡ ﻭﺍﻟﻁﻔل .................................. ٩٤ ﺴﻠﻭﻙ ﺍﻷﻡ ﻭﻨﻤﻭ ﺍﻟﻁﻔل ............................................. ٩٤ ﻓﻲ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺘﺘﺤﺩﺩ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻁﻔل ...................... ٠٥ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻷﻁﻔﺎل .......................................... ٤٥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺼﻼﺕ ﻭﺍﻟﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ...................................... ٥٥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺎﺝ ﻭﺍﻟﻤﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺃﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ........................ ٧٥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﻁﺭﻗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺩ....................... ٧٥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .................................. ٨٥ ﺠﻭ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻭﺘﻌﻠﻡ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ................................ ٨٥ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﻁﻔل .......................... ٩٥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻠﻌﺏ .................................................. ٠٦ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻠﻌﺏ ................................................... ١٦ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻷﻟﻌﺎﺏ ﻭﺃﺴﺴﻬﺎ ........................................ ٢٦ ﺘﺼﻨﻴﻑ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻌﻤﺭ .................................... ٤٦ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ .................. ٦٦ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﻏﻀﺏ ﺍﻷﻁﻔﺎل ................................... ٦٦ ﺘﻌﺭﺽ ﺍﻟﻁﻔل ﻟﻺﺴﺎﺀﺓ ﻻ ﻴﺅﺩﻱ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﻑ ............... ٨٦ ﻜﻴﻑ ﻨﺘﺠﻨﺏ ﺍﻷﺨﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻁﻔل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ............. ٩٦ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﻡ ................................................. ٣٧ ٨٨
- 11. اﻟطﻔوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺒﻌﺽ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ، ﺃﻱ ﺒﻨﺎﺀ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ، ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺒﺩﺃ ﻭﺍﻟﻁﻔل ﺠﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺭﺤﻡ ﺃﻤﻪ . ﻟﻜﻥ ﺠﻤﻴﻌﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻴﺎﺩﻴﻥ ﺍﻟﻁﺏ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺱ ﻴﺠﻤﻌﻭﻥ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺒﺩﺃ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﻤﻴﻼﺩ . ﻭﻴﺤﺫﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴل ﻤﻥ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﻁﻔـﻭﻟﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﺒﻜﺭﺓ . ﻟﻘﺩ ﺃﺴﻔﺭﺕ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﺍﻟﻁﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ ﺍﻟﺨﻤﺱ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻁﻔل ﺘﻅﻬﺭ ﻨﺼﻑ ﻗﺎﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺍﻟﺫﻫﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ، ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺍﻨﻪ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﻔل ﻟﺘﺤﺴﻴﻥ ﻨﻤﻭ ﺫﻜﺎﺌﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻓﺘﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ، ﻭﺘﺩل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٠٧% ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﺘﺘﺤﺩﺩ ﻤﻌﺎﻟﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ ﺍﻟﺨﻤﺱ ﺍﻷﻭل ، ﻭﺃﻥ ٠٩% ﻤﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻼﺸـﻌﻭﺭ ﻋﻨـﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻴﺘﻜﻭﻥ ﻭﻴﺘﺤﺩﺩ ﺨﻼل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ)١(. ﺇﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻷﻋﻭﺍﻡ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﺍﻷﻭل ﻟﻬﺎ ﺍﻜﺒﺭ ﺍﻷﺜﺭ ﻓـﻲ ﺘﺤﺩﻴـﺩ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺯﻭﻴﺩﻫﻡ ﺒﻨﻅﺎﻡ ﻗﻴﻤﻲ ﻤﻌـﻴﻥ ﻴﻅـل ﻤﺼـﺩﺭﺍ ﺃﺴﺎﺴﻴﺎ ﻟﺴﻠﻭﻜﻬﻡ ﻭﻫﻡ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻤﺭﺍﺤل ﺤﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ . ﻓﻔﻲ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘـﺭﺓ ﺘﺘﺤﺩﺩ ﻤﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺠﺴﻤﻴﺎ ﻭﻋﻘﻠﻴﺎ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﻨﻔﺴﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻜﺒﻴﺭ ، ﻭﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺃﺜﻨﺎﺀﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻨﻤﻭ ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﻡ ﻭﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻭﻗﺎﺒﻠﻴﺎﺘﻬﻡ ﻭﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩﺍﺘﻬﻡ ﺒﺸﻜل ﻁﺒﻴﻌﻲ ﻴﻤﻜـﻨﻬﻡ ﻤـﻥ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﻋﺎﻁﻔﻴﺎ ﻭﻓﻜﺭﻴﺎ . ﻭﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺨـﻼل ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻭﺍ ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﻡ ﻭﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻻﻜﺘﺴـﺎﺏ ﻤﻬـﺎﺭﺍﺕ ﻭﻗـﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻠـﻕ ﻭﺍﻹﺒـﺩﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻔﻭﻕ)٢(، ﻴﺒﺸﺭ ﺒﻤﺴﺘﻘﺒل ﻋﻅﻴﻡ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺤﻴﺎﺓ ﺸﺨﺼـﻴﺔ ﻜﺭﻴﻤـﺔ ﻗـﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ، ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺒﻨﺎﺀ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ، ﻭﻟﻜـﻥ ﻤـﺎﺫﺍ ﻋـﻥ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ ؟ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺩﺃ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﺎﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﻜﻤﺭﺤﻠﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﺭﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،. ﻓﺎﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻹﻟﺯﺍﻤﻲ ، ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺇﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺤﻅـﻰ ﺒﺎﻫﺘﻤـﺎﻡ ﻭﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻤﺘﺭﻭﻜﺔ ﻻﺠﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﻭﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ﺍﻟـﺫﻴﻥ ﻴﻌﺘﻤـﺩﻭﻥ )١( ﺸﺤﺎﺘﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺸﺤﺎﺘﺔ: ﺍﻟﻁﻔل ﻭﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ . ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺘﻭﺡ . ﺍﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ٩٨٩١ ، ﺹ ١٣ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ. )٢( ﺩ. ﺴﻭﺯﺍﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﻴﻭﺴﻑ : ﺍﺜﺭ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭﻱ ﻋﻨﺩ ﺃﻁﻔﺎل ﺍﻟﺤﻀﺎﻨﺔ ، ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ ٣٨٩١ . ٧
- 12. ﺒﺩﻭﺭﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺴﺎﺌل ﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺘﻌﻠﻤﻭﻫﺎ ﺃﻭ ﻭﺭﺜﻭﻫﺎ ﻤﻥ ﺁﺒﺎﺌﻬﻡ ﻭﺃﺠﺩﺍﺩﻫﻡ . ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﻭﻗﻭﺍﻋﺩ ﻗﺩﻴﻤﺔ ﺘﺠﺩﻱ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻜﺒﺕ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌـﻲ ﻟﻸﻁﻔـﺎل ﻭﺇﻋﺎﻗﺘﻪ . ﺇﻥ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﻻ ﺘﻌﺘﺭﻑ ﺃﻥ ﻟﻠﻁﻔل ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﺭﻴﺩﺓ ﻤﻤﻴﺯﺓ ، ﺃﻭ ﺍﻨﻪ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺘﻪ ﻭﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩﺍﺘﻪ ﻭﻤﻴﻭﻟﻪ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺭﻏﺒﺎﺘﻪ ﻭﺘﻁﻠﻌﺎﺘـﻪ ﻭﻁﻤﻭﺤﺎﺘـﻪ، ﺇﻥ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨـﺎ ﻻ ﺘﻌﺘﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺠﺩﻴﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻤﺎﺭﺴﻭﺍ ﺤﺭﻴﺘﻬﻡ ﻜﻴﻔﻤﺎ ﺍﺨﺘﺎﺭﻭﺍ ، ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜـﺱ ﺇﻨﻬـﺎ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺃﻥ ﻴﻘﺒﻠﻭﺍ ﺃﻭ ﻴﺘﻜﻴﻔﻭﺍ ﺤﺭﻓﻴﺎ ﻤﻊ ﻤﺎ ﺘﺭﻴـﺩﻩ ﺍﻷﻁـﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴـﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ، ﻓﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺘﺤﺭﻤﻬﻡ ﻤﻥ ﺤﻘﻬﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻴﻨﻤﻭﺍ ﺃﻭ ﻴﺘﻐﻴﺭﻭﺍ ﺒﺎﻟﺼـﻭﺭﺓ . ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺴﺠﻡ ﻤﻊ ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﻡ ﻭﺭﻏﺒﺎﺘﻬﻡ )١( ﺇﻥ ﺘﺭﺒﻴﺘﻨﺎ ، ﻤﺜﻼ ، ﻻ ﺘﺘﺭﻙ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺃﺤﺭﺍﺭﺍ ﻴﻠﻌﺒﻭﻥ ﻜﻤـﺎ ﻴﺸـﺎﺅﺅﻥ ، ﺇﻨﻬـﺎ ﻻ ﺘﺘﺭﻜﻬﻡ ﻴﺘﺤﺭﻜﻭﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻠﻌﺏ ، ﻴﺨﺘﻠﻔﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﻘﻭﻥ ﺃﻭ ﻴﺒﻨـﻭﻥ ﺃﻭ ﻴﺤﻁﻤـﻭﻥ ﺒﺤﺭﻴـﺔ ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﻭﻓﺭ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻔﺭﺹ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻜﻲ ﻴﺠﺭﺒﻭﺍ ﻭﻴﺨﺘﺒﺭﻭﺍ ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ ﺩﻭﻥ ﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺸل ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻴﻤﻨﻌﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﻁﻭﺭﺍ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻭﺍﻴﺠﺎﺒﻴـﺔ ﻋـﻥ ﺃﻨﻔﺴـﻬﻡ ﻭﻋـﻥ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻭﻋﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ، ﺇﻥ ﺘﺭﺒﻴﺘﻨﺎ ﻟﻸﻁﻔﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﻭﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻻ ﺘﺩﺭﻙ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﺍﻟﺤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻓﺭ ﺍﻷﻤﻥ ﻭﺍﻟﻁﻤﺄﻨﻴﻨـﺔ ﻭﻴﺴـﺎﻋﺩ ﻟﻸﻁﻔـﺎل ﻓـﻲ ﺒﻨـﺎﺀ ﻤﺤﺼﻭﻟﻬﻡ ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ ﻭﻴﻁﻭﺭ ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺃﻓﺭﺍﺩﺍ ﻤﺘﻤﻴﺯﻴﻥ ﺴﻌﺩﺍﺀ . ﺇﻥ ﺃﻁﻔﺎﻟﻨﺎ ﻴﻌﺎﻨﻭﻥ ﻤﻥ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ ، ﻓـﺎﻟﺭﻓﺽ ﻭﺍﻹﻫﻤﺎل ﻭﺍﻹﺴﺭﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ﻭﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺼـﺤﻴﺤﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ، ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺒـﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘـﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠـﻑ ﺍﻟﺜﻘـﺎﻓﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻱ ، ﺘﺅﺩﻱ ﻜﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺨﺎﺌﻔﻴﻥ ﻗﻠﻘـﻴﻥ ﺘﻨﻘﺼـﻬﻡ ﺍﻟﺜﻘـﺔ ﺒﺎﻟﻨﻔﺱ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﺇﻻ ﻜﻴﻑ ﻨﻔﺴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻀﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﺭﺩﺩ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻨﻬﻤـﺎ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺤﺎﻟﻴﺎ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ؟ ﻭﻜﻴﻑ ﻨﻔﺴﺭ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺤـﺱ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺸﺒﺎﺒﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ . ﻭﻜﻴﻑ ﻨﻔﺴﺭ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ﻋﻨﺎﺼـﺭ ﻜﺜﻴـﺭﺓ ﻤـﻥ ﺸﺒﺎﺒﻨﺎ ﺒﻘﻀﺎﻴﺎﻫﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭﻴﺔ ؟ ﻟﻤﺎ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻼﻤﺒﺎﻻﺓ ﻭﺍﻹﻏﺭﺍﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺌل ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻥ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻜﻲ ﺍﻟﻌﺎﻗل ؟ )١( ﺩ. ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻏﻨﻴﻤﺔ : ﻨﺤﻭ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ، ٧٨٩١ ﺹ ٨١٤. ٨
- 13. ﻤﺎ ﺍﻟﻌﻤل ﺇﺫﻥ ؟ ﺇﻨﻨﺎ ﻨﻌﺘﻘﺩ ﺇﻨﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻁـﻭﺭﺓ . ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ، ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ، ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﺘﺘﺤﻤـل ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ . ﻫﺫﻩ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺘﺴﺘﺩﻋﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭﺍ ﺠﺫﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻠﻌـﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ . ﺇﻨﻬـﺎ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ، ﺘﻘﺘﻀﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ ، ﺤﺎﻀﺭﺍ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻼ ، ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻹﻨﺴﺎﻥ ، ﻁﻔﻼ ﻭﻤﺭﺍﻫﻘﺎ ﻭﺭﺍﺸﺩﺍ ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺃﻴﻀﺎ ﺒﺎﻷﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻅـﺭﺓ ﻤـﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ . ﻭﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻻﺒﺩ ﻟـﻪ ﻤﻥ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺘﺠﺩﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺨﻠﻕ ﻨﻅﺎﻡ ﻗﻴﻤﻲ ﺠﺩﻴـﺩ ﻤﺘﻁـﻭﺭ ﻋﻠـﻰ ﺃﺴـﺎﺱ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﺤﺩﻴﺙ ، ﻭﻤﻥ ﺨﻼل ﺨﻠﻕ ﺍﻁﺭ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﻌﻁﻲ ﻟﻠﺤﻴـﺎﺓ ﻗﻴﻤـﺔ ﻭﻤﻌﻨﻰ ﺠﺩﻴﺩﻴﻥ ، ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻷﻋﻅﻡ ﻭﺍﻷﻨﺒل ، ﻭﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﺤﺩﻴﺩﺍ ، ﺇﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻸﺴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﻭﺃﻥ ﺘﺴﺘﺒﺩﻟﻪ ﺒﻭﺍﻗﻊ ﺠﺩﻴﺩ ﻤﻌﺎﺼـﺭ ﻤﺅﻫل ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﺠل ﺒﻨﺎﺀ ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺭ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ . ﻭﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺴﺒﻕ .. ﻨﺭﻯ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ﻟﻠﺯﻭﺍﺝ ﻭﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﻤﻭﺭ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻴﻥ ، ﻤﺎ ﺃﺘﺕ ﺒـﻪ ﺍﻟﺸـﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻤﺎ ﺠﺎﺀﺕ ﺒﻪ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ. اﻟﺳن اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠزواج : ﺘﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻷﺴـﺭﺓ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﻋﻭﺍﻤل ﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﺩﺭﺠﺔ ﻨﻀﺞ ﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﻥ ﻭﻗـﺕ ﺒـﺩﺀ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺴﻥ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ . ﻭﻤﻥ ﺍﻷﻓﻀـل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺯﻭﺝ ﺍﻜﺒﺭ ﻗﻠﻴﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻥ ﻭﺍﻟﻘﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، ﻓﻘﺩ ﺘﺒﻴﻥ ﺃﻥ ﻤﻌﻅـﻡ ﺤـﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺤﺩ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﻥ ، ﺃﻭ ﻜﻼﻫﻤﺎ ، ﻤﻤﻥ ﺘﺯﻭﺝ ﻤﺒﻜﺭﺍ ﻭﻗﺒـل ﺍﻷﻭﺍﻥ ، ﺃﻭ ﺘﺯﻭﺝ ﻤﺘﺄﺨﺭﺍ ﺒﻌﺩ ﻓﻭﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ . ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﺩﺩﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤـﻥ ﺍﻟﺤـﺎﻻﺕ ﻴﻜـﻭﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟـﺯﻭﺝ ﻭﺍﻟﺯﻭﺠـﺔ ﻜﺒﻴـﺭﺍ ﺒﺩﺭﺠـﺔ ﻤﻠﺤﻭﻅﺔ . ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل : ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻨﺴﺏ ﺴﻥ ﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ؟ ﻭﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻨﺴﺏ ﺴﻥ ﻟـﺯﻭﺍﺝ ٩
- 14. ؟ ﺍﻟﺸﺎﺏ )١( ﻭﻤﺎ ﺤﺩﻭﺩ ﻓﻭﺍﺭﻕ ﺍﻟﺴﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﻥ ؟ ﻟﻘﺩ ﻭﻀﻌﺕ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﺤـﺩﺍ ﺃﺩﻨـﻰ ﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ، ﻭﻫﻭ ﺴﻥ ٦١ ﺴﻨﺔ ، ﻭﺤﺩﺍ ﺃﺩﻨﻰ ﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺸﺎﺏ ، ﻭﻫﻭ ﺴـﻥ ٨١ ﺴـﻨﺔ . ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻭﻀﻊ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ، ﻓﻤﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﻨﺕ ﻴﺘﻡ ﻋﻨﺩ ﺴﻥ ٢١ ﺴﻨﺔ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ، ﻭﺍﻟﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻭﻟﺩ ﻴﺤﺩﺙ ﻋﻨﺩ ﺴﻥ ٤١ ﺴﻨﺔ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﻔﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺍﻟﻐﺩﺩﻱ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻲ ، ﻭﺍﻻﺘﺯﺍﻥ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻴﺤﺘﺎﺠﺎﻥ ﺇﻟـﻰ ﻭﻗـﺕ ﻜﺎﻑ ﺒﻌﺩ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺒﻠﻭﻍ ، ﺤﺘﻰ ﺘﺴﺘﻘﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺘـﻰ ﻭﺍﻟﻔﺘـﺎﺓ ، ﻭﻗـﺩﺭﺕ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺓ ﺒﺤﻭﺍﻟﻲ ﺃﺭﺒﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗـل .. ﺒﻤﻌﻨـﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﻗﺒل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺓ ﻋﺭﻀﺔ ﻟﻸﺨﻁﺎﺭ . ﻭﻟﻜﻥ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺭﻭﻗـﺎ ﻫﺎﻤـﺔ ﺒـﻴﻥ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ، ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺤﺘﺎﺠﻭﻥ ﻟﻤﺩﺓ ﺃﻁﻭل ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻨﻀـﺞ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺒﺏ ﻓﻲ ﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ . ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺘﻅﻬﺭ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺤﺭﺹ ﻤﻥ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﻭﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻜﺩ ﺃﻭﻻ ﻤﻥ ﻭﺼﻭل ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺴﻥ ﺍﻟﺭﺸﺩ ﻭﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻟﻤﻔﻬـﻭﻡ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﻭﺘﻜﻭﻴﻥ ﺃﺴﺭﺓ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺍﺠﻬﻡ .؟ ﻭﻫﻨﺎ ﻴﺠﺩﺭ ﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻤﻴـﺔ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﺴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻟﻠﺯﻭﺍﺝ .. ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻤﺜﻼ ﺃﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺭﻴﻑ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀﻫﻡ ﻭﺒﻨﺎﺘﻬﻡ ﻤﺴﺌﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺴـﻥ ﻤﺒﻜـﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻗﻭﺭﻨـﻭﺍ ﺒﺄﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺩﻥ .. ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻁﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻴﺘﺄﺨﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘـﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﺫﺍ ﻗﻭﺭﻨﻭﺍ ﺒﻤﻥ ﻻ ﻴﺘﻤﻭﻥ ﺘﻌﻠﻴﻤﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ)٢(. ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺘﺘﺤﻜﻡ ﺃﻴﻀﺎ ﻓﻲ ﺘﺄﺠﻴل ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ، ﻭﺘﺄﺨﻴﺭ ﺍﻟﺴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ، ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﺴﺏ ﺍﻷﻋﻤـﺎﺭ ﻟـﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺒﻨﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻴﻑ ﻫﻭ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺴﺔ ﻋﺸﺭ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﺴﺏ ﺍﻷﻋﻤـﺎﺭ ﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺒﻨﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﺔ ﺘﻌﻠﻴﻤﺎ ﻜﺎﻤﻼ ﻫﻭ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺨﺎﻤﺴـﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸـﺭﻴﻥ . ﺃﻤـﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎﻥ ، ﻓﺎﻨﺴﺏ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﻟﻠﺯﻭﺍﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻴﻑ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ )١( ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﻁﻴﺏ : ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ .. ﻤﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ، ﺇﺴـﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ١٨٩١ ، ﺍﻟﻔﺼـل ﺍﻷﻭل . ﻭﺃﻴﻀﺎ ﻤﻨﻴﺭ ﻋﺎﻤﺭ : ﺤﺩﻴﺙ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ﺒﺎﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘـﺎﺏ ، ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ ٨٨٩١ ﺹ ٢١ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ . )٢( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ٥١. ٠١
- 15. ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻨﺴﺏ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﻫﻭ ﻤـﺎ ﺒـﻴﻥ . ﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ )١( ﺃﻤﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻓﻭﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ﻓﺨﺎﻀـﻊ ﻟﻅـﺭﻭﻑ ﻭﻋﻭﺍﻤل ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ﻭﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﻭﺃﺴﺒﺎﺏ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ... ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻬﻤﺎ ﺘﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ، ﻓﺈﻥ ﺘـﺄﺨﺭ ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺒﻨﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ، ﻭﺘﺄﺨﺭ ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻤـﺎ ﺒﻌـﺩ ﺴـﻥ ﺍﻟﺨﺎﻤﺴـﺔ ﻭﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻤﺭﺍ ﻏﻴﺭ ﻤﺭﻏﻭﺏ ﻓﻴﻪ ، ﻭﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺃﺴـﺒﺎﺏ ﺘﺴـﺘﺤﻕ ﺍﻟﺒﺤـﺙ ، ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ – ﺨﺼﻭﺼﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﺠﻤﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟـﺯﻭﺍﺝ – ﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺩﺭﺠﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻤﻭﺡ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ، ﺃﻭ ﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻌﻭﺍﻤل ﻨﻔﺴـﻴﺔ ﻭﻤﺨﺎﻭﻑ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﺫﺍﺘﻬﺎ ، ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺴﻭﺀ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺃﻭ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺨﺎﻁﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ . ﺃﻤﺎ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺝ ﻭﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ، ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺴﻥ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻘﺎﺭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻥ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ، ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺯﻭﺝ ﺍﻜﺒﺭ ﻗﻠﻴﻼ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ﻓﻲ ﺤـﺩﻭﺩ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ . ﻭﻟﻜﻥ ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺘﺯﻴﺩ ﺴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺯﻭﺝ ﺒﺴﻨﻭﺍﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ، ﻭﻗﺩ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﺘﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ، ﻭﻟﻜﻥ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﺘﻅﻬﺭ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﻋﻨﺩ ﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺴﻥ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻅﻬﺭ ﺁﺜﺎﺭ ﻜﺒﺭ ﺴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺯﻭﺝ . ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺩﺍﺕ ﺘﺤﺩﺙ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻥ ﺃﻭ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﺘﺴﺘﻤﺭ ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﺒﻜﺜﻴﺭ . ﻭﻫﻨﺎ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺅﻜﺩ ﺍﻨﻪ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺭﺠل ﺇﻟﻰ ﺴﻥ ﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺭﺃﺓ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻔـﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺼل ﻷﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﺸﺭﺓ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺒﻘﻠﻴـل ﻓـﻲ ﺍﻷﺤـﻭﺍل ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ ، ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴـﺔ . ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﺢ ﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺍﻟﻔﺴـﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺤﻴـﻭﻱ ﻟﻠﺭﺠل ﻓﻲ ﺴﻥ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻥ ﻴﻌﺎﺩل ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺍﻟﻔﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺤﻴﻭﻱ ﻟﻠﻤﺭﺃﺓ ﻓـﻲ ﺴـﻥ ﺍﻷﺭﺒﻌـﻴﻥ ﺒﺎﻓﺘﺭﺍﺽ ﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻤﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﺤﻴـﺙ ﺍﻟﺠﻬـﺩ ﻭﺍﻟﺘﻐﺫﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺘـﺭﻴﺽ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺅل ﻭﺍﻟﻤﺭﺡ ﻭﺍﻟﻤﻭﺩﺓ ، ﻭﻋﺩﻡ ﺘﻭﺍﺭﺙ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻤل ﺃﺨﺭﻯ)٢(. ﻭﻁﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺠﺩﺍ ﻭﻀﻊ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﻤﺤـﺩﺩﺓ ﺘﺤﺩﻴـﺩﺍ ﺩﻗﻴﻘـﺎ ﻓـﻲ ﻫـﺫﻩ )١( ﻤﺤﻤﺩ ﻴﺴﺭﻱ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ : ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ٥٩٩١ ﺹ ٤٢ . )٢( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ﺹ ٦٢-٧٢. ١١
- 16. ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﻓﻠﻜل ﺤﺎﻟﺔ ﻅﺭﻭﻓﻬﺎ ﻭﻤﻼﺒﺴﺎﺘﻬﺎ ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﺘﺼﻠﺢ ﻤﻌﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻘﺩ ﻨﺠﺩ ﺸﺨﺼﺎ ﻗﻭﻱ ﺍﻟﺼﺤﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺠﺴﻤﻲ ، ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﺅﺜﺭ ﻜﺒﺭ ﺴﻨﻪ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺯﻭﺠﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ، ﻓﺘﺴﺘﻤﺭ ﺴﻌﺎﺩﺘﻬﻤﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﺴـﻥ ، ﻭﺒﺎﻟﻌﻜﺱ ﻗﺩ ﻨﺠﺩ ﺸﺨﺼﺎ ﺁﺨﺭ ﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﺴﻥ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎ ﻟﺯﻭﺠﺘﻪ ﺇﻻ ﺍﻨـﻪ ﻀـﻌﻴﻑ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺴﻤﻲ ، ﻓﻼ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﺴﻌﺎﺩﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﻁﻭﻴﻼ ﻭﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻋﺎﻤل ﺍﻟﺴﻥ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻲ ، ﻭﻟﻜﻨـﻪ ﻤـﻥ ﺃﻫـﻡ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل . ﺒﺎﻻﺸﺘﺭﺍﻙ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻷﺨﺭﻯ )١( ﻭﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﺃﺨﻁﺭ ﺁﻓﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺘﻔـﺎﻭﺕ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺒﻴﻥ ﺯﻭﺠﻴﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﺩ ، ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻓﻲ ﻭﺍﺩ ﺁﺨﺭ ، ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﺘﻠـﺔ ﻭﺇﻥ ﺭﺁﻫﻤﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻌﺎ ﺘﺤﺕ ﺴﻘﻑ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻼ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺵ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒل ﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﺤﻴـﺎ ، ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﻤﻊ ﻜﺒﺭ ﺍﻟﺴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻔﺔ ﻗﻭﻴﺔ ﻭﺼﺩﺍﻗﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻭﺍﻫﺏ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺨﻴﺭ ﺒﺩﻴل ﻋﻥ ﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻗﺩ ﻓـﺭﻍ ﻤـﻥ ﺍﻟﺘﻬﺎﻤﻬـﺎ ، ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻫﻭﺍﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﻨﺔ ﺒﺤﻔﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﻋﻴـﺩ ، ﻤـﻊ ﺍﻟﻌﻘـل ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺭ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻨﺎﻀﺞ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺩﺩﺓ . ﺇﻥ ﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻘﻠـﺏ ﻤﻌﺎ ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﻭﺍﻟﺭﻭﺡ ﻤﻌﺎ ، ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﻋﻨﺼﺭ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺴﻴﻠﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺴﺘﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ . ﻭﻜل ﻫﺫﺍ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺩﺍﺭﻜﻪ ﻤﻥ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭ)٢(. اﻟﺣﻣل ﻧﻌﻣﺔ واﻟرﺣم اﻟﻣدرﺳﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺟﻧﯾن ﺍﻟﺤﻤل ﻨﻌﻤﺔ ﻤﻥ ﻨﻌﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻭﻫﻲ ﺃﺠﻤل ﻭﺃﺭﻭﻉ ﺭﺤﻠﺔ ﺘﻤـﺭ ﺒﻬـﺎ ﺍﻟﺯﻭﺠـﺔ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺁﻻﻡ ، ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﺒﻘﺼﺔ ﺍﻟﺨﻠـﻕ . ﻭﺘﺒﺭﺯ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﻤل ﻓﻲ ﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ : ﻭﻭﺼﻴﻨﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﻭﺍﻟﺩﻴـﻪ ﺤﻤﻠﺘـﻪ ﺃﻤـﻪ ..... ﻓﻠﻠﺤﻤل ﺩﻭﺭ ﺨﻼﻕ ، ﺘﻜﺒﺭ ﺒﻪ ﺍﻷﻤﻡ ﻭﺘﻨﻤﻭ . ﻭﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻤﺼﺎﻨﺎ ﻤﻌﺎﻓﻰ ﻜـﺎﻥ ﺍﻟﻨﺘـﺎﺝ ﺃﺴﻠﻡ ﻭﺃﻗﻭﻯ.. ﻭﻗﺩ ﺘﺒﻴﻥ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺭﻯ ﻓـﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌـﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴـﺔ ﻭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﺘﺒﺩﺃ ﺘﻌﻠﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺤﻡ. ﺇﺫ ﻴﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﻋﻠﻲ ﺼﻭﺕ ﺃﻤﻪ ﻭﻴﺤﻔﻅ ﺇﻟﻲ ﺤﺩ ﻤﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻁﻘﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻓﻲ ﺭﺤﻤﻬﺎ. ﻭﻗﺩ ﻴﻅﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺃﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﻭﺍﻷﻁﻔﺎل ﺍﻟﺭﻀﻊ ﻻ ﺘﺅﺩﻱ ﻏﺭﻀﺎ ﺴﻭﻯ ﺇﺸﺒﺎﻉ ﻓﻀـﻭل ﺍﻟﺒـﺎﺤﺜﻴﻥ. )١( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ﺹ ٩٢ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ . )٢( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ٠٣-١٣. ٢١
- 17. ﻭﻟﻜﻥ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻟﺭﺃﻴﻨﺎ ﻤﺎ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﻤﻥ ﻓﺎﺌﺩﺓ ﻋﻠـﻲ ﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻷﻁﻔـﺎل ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻡ. ﻓﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺸﺄ ﺃﻭﻻﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺤﻡ ﺜﻡ ﺘﻅﻬﺭ ﺃﻋﺭﺍﻀﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻁﻔـل ﺒﻌﺩ ﻭﻻﺩﺘﻪ، ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻋﻼﺠﻬﺎ ﺃﻭ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﻗل ﺘﻼﻓﻲ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﻟﻤﺼﺎﺏ ﺒﻬﺎ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﻤﺒﻜﺭﺓ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﻤﺎ ﻻ ﺸﻔﺎﺀ ﻤﻨﻪ ﻭﻴﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﻟﻤﺼﺎﺏ ﺒﻬﺎ ﺇﻤﺎ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤـﻭﺕ ، ﻭﺇﻤﺎ ﺇﻟﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﻤﻔﻌﻤﺔ ﺒﺎﻹﺭﻫﺎﻕ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﺴﺔ . ﻭﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺍﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﻤـﻥ ﺘﻌﻠـﻴﻡ ﺍﻷﻁﻔـﺎل ﻗﺒـل ﻭﻻﺩﺘﻬﻡ)١(؟ ﻫﻨﺎﻙ ﺴﺒﺒﺎﻥ ﻟﺫﻟﻙ. ﺃﻭﻻﹰ ﻹﻴﺠﺎﺩ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺘﻘﻴﻴﻡ ﻤﺭﺍﺤل ﻨﻤﻭ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﻓﻜﺜﻴـﺭﺍﹰ ﻤـﺎ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺭﻴﻕ ﺒﺎﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺍﻟﻤﻭﻟﻭﺩﻴﻥ ﻗﺒـل ﺃﻭﺍﻨﻬـﻡ ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻴﻨﺸﺄﻭﻥ ﻨﺸﺄﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻴﻔﺸﻠﻭﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ.ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻤﻜﻥ ﻗﻴـﺎﺱ ﻤﻘـﺩﺭﺓ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﻤﺒﻜﺭﺓ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺃﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻭﺼل ﺇﻟﻲ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻜﺜﻴـﺭ ﻋﻥ ﻤﺭﺍﺤل ﻨﻤﻭﻩ ﻭﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﺒﻪ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻹﺠﺭﺍﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺠﻨـﺔ ﻓﻤﻥ ﺃﺠل ﺯﻴﺎﺩﺓ ﻤﻔﻬﻭﻤﻨﺎ ﻋﻥ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺩﻤﺎﻍ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ. ﻭﻫﺫﺍ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﻗﺩ ﻴﻜﺸـﻑ ﻟﻨـﺎ ﻋـﻥ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﻓﻲ ﻨﻤﻭ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻜﺒﺭ ﻋﺭﻀﺔ ﻟﻠﺘﺄﺫﻱ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻌﻘـﺎﻗﻴﺭ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺍﻷﻡ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻤل. ﻭﻗﺩ ﻗﺎﻡ ﻓﺭﻴﻕ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻨﻭﺭﺙ ﻜﺎﺭﻭﻻﻴﻨﺎ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺍﻟﺭﻀﻊ ﻴﻤﻜﻨﻬﻡ ﺍﻟﺘﻔﺭﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻟﻡ ﻴﺘﺢ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻟﺘﻌﻠﻤﻬﺎ ﺒﻌـﺩ. ﻓﺘﺴﺎﺀل ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺘﻌﻠﻤﻬﺎ ﻤﺴﺒﻘﺎ ﺃﻱ ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻓﻲ ﺭﺤﻡ ﺃﻤﻪ. ﻭﻟﻺﺠﺎﺒﺔ ﻋﻠﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻗﺎﻡ ﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﺒﺈﺠﺭﺍﺀ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻋﻠﻲ ﻋﺸﺭﺓ ﺃﻁﻔﺎل ﻤﻤـﻥ ﻭﻟﺩﻭﺍ ﺤﺩﻴﺜﺎﹰ ﺒﺎﺴﺘﻌﻤﺎل ﺤﻠﻤﺔ ﺍﺼﻁﻨﺎﻋﻴﺔ ﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒﺠﻬﺎﺯ ﺘﺴﺠﻴل ، ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻴﺭﻀـﻊ ﺍﻟﻁﻔـل ﺍﻟﺤﻠﻤﺔ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻴﺩﻓﻊ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل ﻷﻥ ﺘﻠﻌﺏ ﺸﺭﻴﻁﺎ ﻤﺴﺠﻼ ﺒﺼﻭﺕ ﺃﻤﻪ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻤـﺎ ﻏﻴﺭ ﺃﺴﻠﻭﺏ ﺭﻀﺎﻋﺘﻪ ﻟﻠﺤﻠﻤﺔ ﺍﻻﺼﻁﻨﺎﻋﻴﺔ ﺤﺼل ﻋﻠﻲ ﺘﺴﺠﻴل ﺃﺨﺭ ﺒﺼﻭﺕ ﺍﻤـﺭﺃﺓ ﻏﻴـﺭ ﺃﻤﻪ، ﻓﻼﺤﻅ ﺃﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺩﻭﻥ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻤﺎﻟﻭﺍ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺭﻀﺎﻋﺔ ﺒﺎﻟﺸﻜل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﺴﻤﺎﻉ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ . ﻭﻋﻠﻤﺎﹰ ﺒﺄﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻟﻡ ﻴﻬﻴﺄ ﻟﻬﻡ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻲ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ . ﺒﻌﺩ ﻭﻻﺩﺘﻬﻡ ﻓﺎﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﻫﻭ ﺃﻨﻬﻡ ﺘﻌﻠﻤﻭﺍ ﺫﻟﻙ ﻭﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺤﻡ)٢(. )١( ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻨﻲ : ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻁﻔل ، ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ، ﺹ ٧٢. )٢( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ٨٢. ٣١
- 18. ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺠﺩﻴﺭﺓ ﺒﺎﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻜل ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻤـﺭ ﻓﻘﺩ ﻭﺍﺼل ﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﺘﺒﻴﻥ ﻟﻬﻡ ﺃﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻴﻤﻜﻨﻬﻡ ﺘﺫﻜﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﻌﻠﻤﻭﻫﺎ ﻗﺒل ﻭﻻﺩﺘﻬﻡ ، ﺃﻱ ﻭﻫﻡ ﻓﻲ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺭﺤﻡ. ﻭﺘﺘﻠﺨﺹ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺒﺘﻜﻠﻴﻑ ﺴﺕ ﻋﺸـﺭﺓ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﺤل ﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺒﻘﺭﺍﺀﺓ ﻗﺼﺔ ﻤﻥ ﻗﺼﺹ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻟﻸﺠﻨﺔ ﻓـﻲ ﺃﺭﺤـﺎﻤﻬﻥ ﻤﺭﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻸﺴﺎﺒﻴﻊ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ. ﻭﺒﻌﺩ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﺍﺴﺘﻌﻤل ﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﻤﻘﺩﺭﺓ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻓﻲ ﺘﺤﻭﻴﺭ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺭﻀﺎﻋﺘﻬﻡ ﻟﻠﺤﺼﻭل ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﺴـﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻭﻗﻬﻡ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺸﺭﻴﻁﻴﻥ ﻤﺴﺠﻠﻴﻥ. ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸـﺭﻴﻁﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴـﺠﻼﻥ ﺒﺼﻭﺕ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻫﻭ ﻟﻠﻘﺼﺔ ﺍﻟﻤﻜﺭﺭﺓ. ﻭﻤﻤﺎ ﻴـﺩﻋﻭ ﺇﻟـﻲ ﺍﻟﻌﺠـﺏ ﺃﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺃﺒﺩﻭﺍ ﺘﻔﻀﻴﻼ ﻤﻠﺤﻭﻅﺎ ﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﺎﺩﻭﺍ ﻋﻠﻲ ﺴﻤﺎﻋﻬﺎ ﻭﻫﻡ ﻻ ﻴﺯﺍﻟـﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺤﻡ. ﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺩﻤﺎﻍ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﺤل ﻨﻤﻭ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻘﺩﻤﺎ ﻤﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﺩﻨﻰ ﺸﻙ ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺴﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﺸـﺨﻴﺹ ﺃﻭﻓـﻲ ﻭﻋﻼﺝ ﺃﻓﻀل ﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ، ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﺴﺘﺸﺠﻊ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﻭﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﺤـﺩﺙ ﺇﻟـﻲ ﺃﻁﻔﺎﻟﻬﻡ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻟﻬﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺤﺭﺝ)١(. ﷲ ﺟل وﻋﻼ اﻟﻣﺻور ﻟﺗﺷﻛﯾل اﻟﺟﻧﯾن ﻓﻲ رﺣم اﻷم : ﻅل ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻲ "ﻫﺎﻨﺯ ﺴﺒﻴﻤﺎﻥ" ﻴﺩﺭﺱ ﺃﺠﻨﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻤﺜل ﺍﻟﻀﻔﺎﺩﻉ ﻭﻗﻨﺎﻓﺩ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﻭﺴﻤﻨﺩل ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻤﺎ ﺸﺎﺒﻪ ﺫﻟﻙ ، ﻷﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ ﻤﺘﻭﺍﺼـﻠﺔ، ﻭﻗﺒل ﻭﻓﺎﺘﻪ ﺒﺴﺕ ﺴﻨﻭﺍﺕ، ﺤﺼل ﻋﻠﻲ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﻨﻭﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻋـﺎﻡ ٥٣٩١ ، ﻷﻨﻪ ﺍﻜﺘﺸﻑ ﻤﺎ ﺃﺴﻤﺎﻩ " ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﺍﻷﻭل" ﻓﻲ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻷﺠﻨﺔ. ﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ "ﺴﺒﻴﻤﺎﻥ" ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻡ ﻟﻨﺎ ﺇﻻ ﺠﺯﺀﺍﹰ ﺼﻐﻴﺭﹰ ﻤﻥ ﻓﻴﺽ ﺍﻷﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﻌﻭﻴﺼـﺔ ﺍ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺘﻨﻑ ﻨﻤﻭ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﻭﺘﺸﻜﻠﻪ ﺇﻟﻲ ﺃﻨﺴﺠﺔ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ، ﺃﻭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻤﺘﺂﻟﻔﺔ ، ﻟﻜﻨﻪ ﻤﻊ ﺫﻟـﻙ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﻋﻥ ﺠﺩﺍﺭﺓ ، ﺇﺫ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﻏﻤﻭﻀﺎ ، ﻭﺃﺼﻌﺏ ﻤﻨﺎﻻ ﻤﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺴﺭ ﺠﻨﻴﻥ ﻭﻫﻭ ﻴﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺒﻭﻴﻀﺔ ﻤﻠﻘﺤﺔ ﻻ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﺭﻯ ، ﺜﻡ ﺇﺫ ﺒﻪ ﻴﻤﺭ ﺒﺄﻁﻭﺍﺭ ﻤﺜﻴﺭﺓ، ﻭﻴﺘﻤﺨﺽ ﻋﻥ ﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﺴﻕ ﻭﺍﻟﺭﻭﻋﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﺸﻌﺭ ﺸﻌﻭﺭﺍ ﻴﻘﻴﻨﻴﺎ ﺒﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺩﺭﺓ ﺨﻼﻗﺔ ﺘﻭﺠﻪ ﻭﺘﻨﻅﻡ ﻭﺘﺸﻜل ، ﻓﺘﻀﻊ ﻋﻴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ، ﻭﻓﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ ، ﻭﺘﺒﺭﺯ ﻁﺭﻓﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ، ﻭﺁﺨﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ، ﺜﻡ ﺘﻨﺴﻕ ﺒﻴﻥ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺘﻨﺴﻴﻘﺎ ﻤﺫﻫﻼ ، ﻴﺘﻡ ﺘﺤﺕ ﺴﻤﻌﻨﺎ ﻭﺃﺒﺼﺎﺭﻨﺎ ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻨﺩﺭﻱ ﻋﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻔﺎﺀ ﺸﻴﺌﺎ ﻤﺫﻜﻭﺭﺍ .. ﻜل ﻤﺎ ﻨﺩﺭﻴﻪ ﺃﻥ ﻴـﺄﺘﻲ )١( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ٩٢. ٤١
- 19. ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﺨﻠﻭﻕ ﺴﻭﻱ ﻤﺘﻨﺎﺴﻕ ، ﻭﻜل ﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻴﺸﻬﺩ ﺒﺭﻭﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻕ ، ﻭﺇﺘﻘـﺎﻥ ﻓـﻲ ﺍﻷﺩﺍﺀ. ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻭﺍﺌل ﺘﻔﺴﻴﺭﺍﹰ ﻤﺭﻴﺤﺎ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻭﻩ ﻭﻋﺎﻴﻨﻭﻩ ، ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﺭﺓ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺘﺭﻴﺢ ﺍﻟﻨﻔﺱ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺼﻴﺏ ﺍﻟﻌﻘل ﺒـﺎﻟﺤﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻀﻨﻰ ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻴﺴﻌﺩﻩ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﻑ، ﻭﻴﺸﻘﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺠﻬل، ﻓﻬﺎ ﻫﻭ ﺫﺍ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺭﻤـﻭﻕ "ﻜﻭﻓﻴﻴﺭ" ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ٧١٨١ ﻓﻴﻘﻭل " ﺇﻥ ﻭﻻﺩﺓ ﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﺴﻭﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﻋﻅﻡ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﺨﺎﻟﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﻋﻠﻲ ﺍﻹﻁﻼﻕ")١(. ﻭﺤﺘﻰ ﺇﻟﻲ ﻋﻬﺩ ﻗﺭﻴﺏ ﻨﺴﺒﻴﺎ ﻴﺫﻜﺭ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺭﺍﺜﺔ "ﺏ. ﻭﻟﺴﻭﻥ" ﻓﻲ ﻋـﺎﻡ ٥٢٩١ "ﻭﻟﻜﻭﻥ ﺨﻠﻴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻓﻘﻁ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﺤﻤل ﻜل ﺇﺭﺙ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻕ ﺍﻟﻤﻌﻘﺩ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻤـل ، ﺜﻡ ﻟﻜﻭﻨﻬﺎ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻲ ﺘﺸﻜﻴل ﺤﻴﺎﺓ ﻗﻭﻗﻊ ﺃﻭ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﻀﻭﻥ ﺃﻴﺎﻡ ﺃﻭ ﺃﺴﺎﺒﻴﻊ ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟـﻙ ﻴﻤﺜل ﺃﻋﻅﻡ ﻤﻌﺠﺯﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﺘﻤﻠﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﻘﺩﺭﺓ ﺨﺎﻟﻕ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ". ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻌﺠﺯﻩ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ، ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﺤﺭﺠﺎ ﻓﻲ ﺇﺭﺠﺎﻉ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻐﻤـﻭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻲ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺇﻟﻲ ﻤﺎ ﺃﺴﻤﺎﻩ ﺒﺎﻟﻤﻌﺠﺯﺓ. ﻭﻤﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻗﺩ ﻜﺸﻑ ﻟﻨﺎ ﻋﻥ ﺒﻌﺽ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺯﺓ ، ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ – ﻤـﻊ ﺫﻟﻙ – ﻻ ﺘﺯﺍل ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻤﻌﺠﺯﺓ ﺘﻨﺤﻨﻲ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﺸﻬﺎﺩ .. ﻨﻌﻨﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘـﺎﻫﻭﺍ ﻓﻲ ﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻬﺎ ﺃﻋﻅﻡ ﺘﻴﻪ. اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل ﺑﮭﺎ اﻷﺟﻧﺔ ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻴﺯﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻠﻙ ﻭﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴـﺎ .. ﺍﻟـﺦ ، ﺘﺘﺸـﻌﺏ ﻭﺘﺘﻘﺩﻡ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻋﺸﺭ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻩ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟﻡ ﻴﺠﺭﺅ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﻴﺩﻟﻲ ﺒﺩﻟﻭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺸﻜل ﺒﻬﺎ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﻭﺘﺘﻁﻭﺭ ، ﻻ ﻓﻲ ﺩﺍﺨل ﺍﻷﺭﺤﺎﻡ ، ﻭﻻ ﻓـﻲ ﺨﺎﺭﺠﻬﺎ .. ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻋﺸﺭ ﻭﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻋﺸﺭ ﺒﺘﺼﻭﺭ ﻏﺭﻴﺏ ﺃﺭﺍﺤﻬﻡ ﻤﻥ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ . ﻟﻘﺩ ﻻﺤﻅﻭﺍ ﻤﺜﻼ – ﻀﻤﻥ ﻤﺎ ﻻﺤﻅـﻭﺍ – ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻭﻴﺔ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺒﺢ – ﺘﺤـﺕ ﻋﺩﺴـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﺴـﻜﻭﺏ – ﺒﺫﻴﻭﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﻁﻔﻬﺎ، ﻭﻗﺎل ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺘﻌﻔﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺩﺩ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ )١( ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻏﻨﻴﻤﺔ : ﻨﺤﻭ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ، ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺒـﻴﻥ ﺘﺠﺭﻴـﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ ﻭﺘﺄﻤـل ﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ، ﺇﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ٩٨٩١ ﺹ ٣٣٢ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ . ٥١
- 20. ، ﺃﻭ ﻫﻲ ﺘﻨﺸﺄ ﻓﻴﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﻴﻨﺸﺄ ﺍﻟﺩﻭﺩ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻓﻲ "ﺍﻟﻤﺵ" ، ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺫﻜﺭ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨـﺭ ﺃﻥ ﻤﺎ ﺭﺃﻭﻩ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﻁﻔﻴﻠﻴﺎﺕ ﺃﻭ ﻤﻴﻜﺭﻭﺒﺎﺕ ﻟﻭﺜﺕ ﺍﻟﻨﻁﻔﺔ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻓﺭﻴﻘﺎ – ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻌﻘﻼ – ﻗـﺩ ﺍﻋﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻭﻴﺔ ﻫﻲ ﺒﺫﻭﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺸﺄ ﻤﻨﻬﺎ ﺴﺎﺌﺭ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴـﻭﺍﻥ ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ. ﺜﻡ ﺫﻫﺏ ﺨﻴﺎل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺭﻴﻕ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺇﻟﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺫﻟـﻙ ، ﻭﺍﻋﺘﻘـﺩ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﺜﻼ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻤﺼﻐﺭﺓ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻨـﻭﻱ .. ﺃﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴـﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻨﻭﻱ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻨﺴﺨﺔ ﻀﺌﻴﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ.. ﺒﻤﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﺴﻜﻭﺒﻴﺔ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻲ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﻭﺒﻁﻥ ﻭﺃﻤﻌﺎﺀ ﻭﻗﻠﺏ ﻭﺭﺃﺱ ﻭﺃﺫﻨﻴﻥ ﻭﻋﻴﻨﻴﻥ ﻭﺃﻨـﻑ ﻭﻜل ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺍﻷﻨﺴﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺭﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻟﻭﺩ ﺃﻭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﻁﻭﻴـﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻨﻭﻱ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺼﻐﺭﺓ ﻟﻠﻐﺎﻴﺔ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺘﻴﺤﺕ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎﺓ، ﻓﺈﻨﻬـﺎ ﺘﺘﻐﺫﻯ ﻭﺘﻨﻔﺭﺩ ﻭﺘﻜﺒﺭ ﺸﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﹰ، ﺤﺘﻰ ﺘﺼﻴﺭ ﺠﻨﻴﻨﺎ ﻴﻤﺭ ﺒﺄﻁﻭﺍﺭﻩ ، ﺜﻡ ﻴﻭﻟﺩ. ﺎ ﹰ ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﺍﺩﻋـﻰ ﺃﻨـﻪ ﺭﺃﻱ ﺒﻌﺽ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺩﻗﻴﻕ ﻭﻫﻲ ﻤﺼـﻭﺭﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴـﺔ ﺍﻟﺠﻨﺴـﻴﺔ ﺘﺤـﺕ ﻋﺩﺴـﺎﺕ )١( ! ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﺴﻜﻭﺏ، ﺒل ﻭﺫﻫﺏ ﺇﻟﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ، ﻭﺭﺴﻡ ﻟﻨﺎ ﺼﻭﺭﺓ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻱ ﻭﺘﻤﺭ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺒﻁﻴﺌﺔ ﻤﺘﺜﺎﻗﻠﺔ ، ﻭﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻤﺤﻭ ﻤﻥ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺫﺠﺔ ، ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﻁﻭﺍﺭ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻲ ﻤﻼﺤﻅﺎﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ،ﻭﺒﺤﻭﺙ ﺩﻗﻴﻘﺔ ، ﻭﺃﺠﻬﺯﺓ ﺤﺴﺎﺴﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻲ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺩ ، ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺒﺩﺃ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻭﺍﺌل ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺃﺠﻨﺔ ﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻴﻤﻜﻥ ﺩﺭﺍﺴـﺘﻬﺎ ﻭﻤﻼﺤﻅﺘﻬـﺎ ﺘﺤـﺕ ﻋﺩﺴـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﺴﻜﻭﺏ ، ﻭﻫﺠﺭﻭﺍ ﺇﻟﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﺩﺍﺨل ﺍﻷﺭﺤﺎﻡ .. ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻀﻤﻥ ﻤﺎ ﺍﺨﺘﺎﺭﻭﻩ ﺃﺠﻨﺔ ﺍﻟﻀﻔﺎﺩﻉ ﻭﻗﻨﺎﻓﺩ ﺍﻟﺒﺤﺭ )ﺍﻟﺭﺘﺴﺎ( ﻭﺴﻤﻨﺩل ﺍﻟﻤﺎﺀ .. ﺍﻟﺦ ، ﻓﻬﺫﻩ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻻ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻓﻲ ﺘﺭﺒﻴﺘﻬﺎ ﻭﺤﻀﺎﻨﺘﻬﺎ ﻭﻤﻼﺤﻅﺘﻬﺎ ﺇﻟﻲ "ﺘﻜﻨﻴﻙ " ﺩﻗﻴﻕ ، ﻷﻥ ﺃﺠﻨﺘﻬﺎ ﺘﺒﺩﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﺎﺀ ﻭﺘﻌﻴﺵ ﻓﻴﻪ ﻭﺘﺘﻁﻭﺭ ، ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻴﺴﻭﺭ – ﻭﺍﻟﺤﺎل ﻜﺫﻟﻙ – ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻌﺩﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﻗﻠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ)٢(. ﻋﺟز اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻋن اﻟﺗﻔﺳﯾر : ﻭﻟﻘﺩ ﺃﻴﻘﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺎﺀﻭﺍ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺨﻁﺄ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻷﻭﺍﺌـل ، ﺨﺎﺼـﺔ ﺒﻌـﺩ ﺃﻥ ﺩﺭﺴﻭﺍ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻔﺼﻴﻼ ، ﻓﻠﻡ ﻴﻘﻌﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻤﺼﻭﺭﺓ، ﺒل .951 (1) Kenneth Walker; Human Physiology. Pelican Book, London. 1985- p )٢( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ٠٦١. ٦١
- 21. ﻭﺠﺩﻭﺍ ﻤﻜﻭﻨﺎﺕ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺘﺤﺘل ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ، ﻟﻜﻥ ﺤﻴﺭﺘﻬﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺩ ﺯﺍﺩﺕ ﻭﺘﺸﻌﺒﺕ ، ﻭﺠﺎﺒﻬﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﺼﻌﺏ ﺴﺅﺍل : ﻜﻴﻑ – ﺇﺫﻥ – ﺘﺘﺤﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻜﻭﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻁﻌﻡ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻤﻐﺯﻯ ﺇﻟﻲ ﻀﻔﺩﻉ ﺃﻭ ﺤﺸﺭﺓ ﺃﻭ ﻓﺄﺭ ﺃﻭ ﺇﻨﺴﺎﻥ ؟ ﻭﺒﺩﺃﻭﺍ ﻴﺭﻗﺒﻭﻥ ﻭﻴﺴﺠﻠﻭﻥ .. ﻓﻭﺠـﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﺒﻭﻴﻀـﺔ ﺍﻟﻀﻔﺩﻉ ﺃﻭ ﻗﻨﻔﺩ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﺃﻭ ﺃﻱ ﻜﺎﺌﻥ ﺁﺨﺭ ﺘﻨﻘﺴﻡ ﺒﻌﺩ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺨﺼﺎﺏ ﺇﻟﻲ ﺨﻠﻴﺘﻴﻥ ، ﻭﺫﻫﺒﺕ ﺍﻟﻅﻨﻭﻥ ﺒﺒﻌﻀﻬﻡ – ﻭﻋﻠﻲ ﺭﺃﺴﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻲ "ﺃﻭﺠﺴﺕ ﻭﺍﻴﺯﻤـﺎﻥ" – ﺇﻟـﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻘﺴﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﻘﺤﺔ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺨﻠﻴﻕ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺇﻟـﻲ ﻨﺼـﻔﻴﻥ .. ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻷﻴﻤﻥ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻘﺴﺎﻡ ﻤﺴﺌﻭل ﻋﻥ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻷﻴﻤﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴـﻡ، ﻭﺍﻷﻴﺴـﺭ ﻟﺨﻠﻕ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻷﻴﺴﺭ ، ﺜﻡ ﺇﺫﺍ ﺍﻨﻘﺴﻤﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﺘﺎﻥ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺇﻟـﻲ ﺃﺭﺒﻌـﺔ ، ﻓـﺈﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﺘـﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻭﻴﺘﻴﻥ ﺘﻜﻭﻨﺎﻥ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﻡ، ﻭﺍﻟﺴﻔﻠﻴﺘﻴﻥ ﻟﻠﺠﺯﺀ ﺍﻷﺴﻔل.. ﻭﻫﻜﺫﺍ ، ﻭﻜﻠﻤـﺎ ﺍﻨﻘﺴﻤﺕ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﻭﺘﻜﺎﺜﺭﺕ ، ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﺄﺨﺫ ﻓﻲ ﺒﺎﻁﻨﻬﺎ ﺠﺯﺀﺍﹰ ﻤﻥ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺘﺩﺒﺭ ﺒـﻪ ﺸﺌﻭﻨﻬﺎ ، ﻓﺎﻟﺠﺯﺀ ﺍﻟﺤﻴﻭﻱ ﺍﻟﻜﺎﻤﻥ ﻓﻲ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﻤﺦ ﻤﺜﻼ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺒﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻀـﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻁﺤﺎل .. ﺍﻟﺦ ، ﻭﻫﺫﻩ – ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل – ﻅﻨﻭﻥ ﺨﺎﻁﺌﺔ ﻻ ﺘﺨﺭﺝ ﻋﻥ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺘﻜﻬﻨـﺎﺕ ﻻ ﻴﺴﺎﻨﺩﻫﺎ ﺩﻟﻴل. )١( ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸـﺭ، ﻭﻴﻘـﻭﻡ ﻭﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻲ "ﻫﺎﻨﺯ ﺩﺭﻴﺵ" ﺒﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ، ﻋﻠﻪ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻅﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﻭﺩﺕ ﻤﻥ ﺴﺒﻘﻭﻩ ، ﻓﺄﺘﻰ ﺒﺒﻭﻴﻀـﺎﺕ ﻀﻔﺩﻉ ﻤﺨﺼﺒﺔ ، ﻭﻤﺎ ﺃﻥ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﻨﻘﺴﻡ ﺇﻟﻲ ﺨﻠﻴﺘﻴﻥ ﺤﺘﻰ ﺭﺠﻬﺎ ﺭﺠـﺎ ﻋﻨﻴﻔـﺎ، ﻓﺎﻨﻔﺼـﻠﺕ ﺇﺤﺩﺍﻫﻤﺎ ﻋﻥ ﺍﻷﺨﺭﻯ، ﻭﻅﻥ ﺃﻥ ﻜل ﻨﺼﻑ ﺴﻭﻑ ﻴﺘﻤﺨﺽ ﻋﻥ ﻨﺼﻑ ﻀﻔﺩﻉ ﺃﻭ ﺠﻨـﻴﻥ ، ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻨﺭﺍﻩ ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻲ ﻤﺫﻜﺭﺍﺘﻪ "ﻟﻘﺩ ﺍﻨﺘﻅﺭﺕ ﺒﺸﻐﻑ ، ﻭﺘﻁﻠﻌﺕ ﺇﻟﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﻯ ﻓﻴﻪ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺃﻨﺼﺎﻑ ﺍﻟﻀﻔﺎﺩﻉ ﻭﻫﻲ ﺘﺘﺤﺭﻙ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ، ﻭﻗﺩ ﺒﺭﺯﺕ ﺃﺤﺸـﺎﺅﻫﺎ ﻤـﻥ ﺠﻭﺍﻨﺒﻬـﺎ ﺍﻟﻤﺸﻘﻭﻗﺔ ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ ﺃﺸﻙ ﻟﺤﻅﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﺴﺘﻤﻭﺕ، ﺇﺫ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻬـﺎ ﻭﻫـﻲ ﻋﻠﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺎل " .. ﺜﻡ ﻴﻌﺒﺭ ﺩﺭﻴﺵ ﻋﻥ ﺩﻫﺸﺘﻪ ﻭﺤﻴﺭﺘﻪ ﻓﻴﻘﻭل "ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﻴـﺏ ﺃﻥ ﺃﻨﺼﺎﻑ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﻁ ﺃﻨﺼﺎﻑ ﺃﺠﻨﺔ ، ﺒل ﻭﺠﺩﺕ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﺘﻌﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﺎﺀ ﺒﺤﺭﻴﺔ ﺘﺎﻤﺔ" ! ﻭﻴﺘﺭﺩﺩ ﺩﺭﻴﺵ ﻁﻭﻴﻼ ﻓﻲ ﺇﻋﻼﻥ ﻤﺎ ﺘﻭﺼل ﺇﻟﻴﻪ، ﺒل ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻤـﻥ ﺫﻟـﻙ ، ﻭﺍﻨﺘﻅﺭ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﻭﻴﻀﺔ ﺍﻟﻤﻠﻘﺤﺔ ﺤﺘﻰ ﺍﻨﻘﺴﻤﺕ ﺍﻨﻘﺴﺎﻤﻴﻥ ﻤﺘﺘﺎﻟﻴﻥ ، ﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺨﻼﻴﺎ ﺃﺭﺒﻌﺔ )١( ﻫﺎﻨﺯ ﺩﺭﻴﺵ : )٧٦٨١-١٤٩١( ﻋﺎﻟﻡ ﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻲ . ﺘﺄﺜﺭ ﻟﻔﻴﻠﺴﻭﻑ ﺍﻟﻭﺭﺍﺜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ، ﺍﺭﻨﺴﺕ ﻫﻴﻜـل : ﻭﻀﻊ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺤﻴﻭﻴﺔ ﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﻤﺎﺩﻴﺔ ﻭﺘﺤﻤﺱ ﻟﻠﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ . ٧١
- 22. ﻤﺘﻼﺼﻘﺔ ، ﺜﻡ ﺭﺠﻬﺎ ﺭﺠﺎ ﻋﻨﻴﻔﺎ، ﺤﺘﻰ ﺍﻨﻔﺼﻠﺕ ، ﻭﺘﺭﻜﻬﺎ ﻟﺤﺎﻟﻬﺎ، ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺒﻌـﺩ ﻴﻭﻡ ﺃﻭ ﻴﻭﻤﻴﻥ، ﻭﺠﺩ ﻜل ﺭﺒﻊ ﻤﻨﻬﺎ )ﺃﻱ ﺨﻠﻴﺔ ﻤﻨﻔﺼﻠﺔ( ﻭﻗﺩ ﺍﻨﻘﺴﻡ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﺇﻟﻲ ﺨﻼﻴﺎ ﻜﺜﻴﺭﺓ ، ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻲ ﺠﻨﻴﻥ ﻜﺎﻤل ﻴﺴﻌﻰ )ﻁﻭﺭ ﻤﻥ ﺃﻁﻭﺍﺭ ﺍﻟﻀﻔﺩﻉ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﺎﺴﻡ ﺃﺒﻲ ﺫﻨﻴﺒـﻪ( .. ﺜﻡ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻭﺃﺒﻌﺩ ، ﻭﺍﻨﺘﻅﺭ ﺤﺘﻰ ﺍﻨﻘﺴﻤﺕ ﺍﻟﺒﻭﻴﻀﺔ ﺍﻟﻤﻠﻘﺤﺔ ﺇﻟﻲ ﺜﻤﺎﻨﻴـﺔ ﺃﻭ ﺴـﺘﺔ ﻋﺸﺭ، ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﺼل ﻫﺫﻩ ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺭﺝ، ﻜﺎﻨﺕ ﻜل ﺨﻠﻴﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺘﻤﻨﺢ ﺠﻨﻴﻨﺎ ﻜﺎﻤﻼ، ﺜﻡ ﻻ ﻴﻠﺒﺙ ﺃﻥ ﻴﻤﺭ ﺒﺄﻁﻭﺍﺭﻩ ، ﺤﺘﻰ ﻴﺼل ﺇﻟﻲ ﻀﻔﺩﻉ ﻴﺎﻓﻊ! )١(. ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺸﺭ ﺩﺭﻴﺵ ﻨﺘﺎﺌﺠﻪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﻸ ، ﻗﻭﺒﻠﺕ ﺒﺎﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﻋـﺩﻡ ﺍﻻﺭﺘﻴـﺎﺡ ، ﻭﺒﺩﺃﺕ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺘﻨﻬﺎل ﻋﻠﻲ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻜﺎﻟﻤﻁﺎﺭﻕ ، ﻭﺍﻨﻜﺒﻭﺍ ﻋﻠﻲ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ ﻜﺜﻴﺭﺓ ، ﻭﻋﺭﻓﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻲ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺤـﻕ ، ﻭﺃﻥ ﻜـل ﺨﻠﻴﺔ ﺠﺎﺀﺕ ﻤﻥ ﺨﻠﻴﺔ ﻤﻠﻘﺤﺔ ﺴﺎﺒﻘﺔ – ﺒﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﻨﻘﺴﺎﻡ – ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻨﺴﺨﺔ ﻁﺒﻕ ﺍﻷﺼل ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ، ﺒﺩﻟﻴل ﺃﻥ ﺃﻴﺎ ﻤﻨﻬﺎ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻌﻁﻲ ﺠﻨﻴﻨﺎ ، ﻓﻜﺎﺌﻨﺎ ﺴﻭﻴﺎ ، ﻟﻜﻥ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﻋﻠﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻭﺍل ، ﻓﺒﻌﺩ ﺯﻤﻥ ﻤﺤﺩﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﻡ ﻓﻴﻪ ﻋﺩﺩ ﻤـﻥ ﺍﻻﻨﻘﺴﺎﻤﺎﺕ، ﻭﻨﺘﺞ ﻤﻨﻪ ﺨﻼﻴﺎ ﻁﺒﻕ ﺍﻷﺼل ﻤﻥ ﺒﻌﻀﻬﺎ، ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻴﺤﺩﺙ ﻤﺎ ﻟﻴﺱ ﻤﻨﻪ ﺒﺩ ، ﺇﺫ ﺘﺒﺩﺃ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ "ﻁﻔﻭﻟﺘﻬﺎ" ، ﻭﺘﺘﻤﻴﺯ ﺇﻟﻲ ﺨﻼﻴﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺨﺘﻠـﻑ ﻅـﺎﻫﺭﺍ ﻋـﻥ ﺍﻷﺼﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﻗﺩ ﺠﺎﺀﺕ ، ﻭﻟﻭﻻ ﺫﻟﻙ، ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﺨﻼﻴﺎ ﻤﺨﺘﻠﻔـﺔ ، ﻭﻻ ﺃﻨﺴـﺠﺔ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ، ﻭﻻ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻤﺘﻨﺎﺴﻘﺔ ﻜﺎﻟﺘﻲ ﻨﺭﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻌﻰ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻜـل ﺁﻥ ﻭﺤﻴﻥ .. ﻓﻼ ﺃﺤﺩ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺠﺎﺩل ﻓﻲ ﺃﻥ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺠﻠﺩ ﻏﻴﺭ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﻜﺒﺩ ، ﻭﺇﻥ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﻤﺦ ﻏﻴﺭ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﻌﻅﻡ ..ﺍﻟﺦ .. ﺍﻟﺦ)٢(. ﺇﺫﻥ .. ﻜﻴﻑ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺼﻭل ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﺇﻟـﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨـﺎﺕ ﺨﻠﻭﻴﺔ ﻗﺩ ﻨﺤﺴﺒﻬﺎ - ﻻﺨﺘﻼﻓﻬﺎ- ﺸﻴﺌﺎ ﺁﺨﺭ ﻏﻴﺭ ﺍﻷﺼل ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻨﻪ ﻗﺩ ﺠﺎﺀﺕ ؟ .. ﻭﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺤﻰ ﺇﻟﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻴﻨﻴﺔ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﻋﻴﻨﺎ، ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﻟﺴﺎﻨ ﹰ ﺃﻭ ﻏـﺩﺓ ﺃﻭ ﺃﻤﻌـﺎﺀ ﺃﻭ ﺎ ﻁﺤﺎﻻ؟ أوﺣﻰ ﷲ ﻓﯾﮭﺎ أﻣرھﺎ ! ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ، ﻟﻤﻥ ﺃﻋﻅﻡ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺎﺒـﻪ )١( ﺠﺭﺍﻫﺎﻡ ﻜﺎﻨﻭﻥ : ﻨﻅﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ، ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺤﻠﻤﻲ ، ﺍﻻﻨﺠﻠـﻭ ٩٦٩١ ﺹ ٦٩١ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ . )٢( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ﺹ ٧٩١-٨٩١. ٨١
- 23. ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ.. ﻓﻠﻘﺩ ﻋﺭﻓﻭﺍ ﻤﻥ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﺘﺸﻜل ﺍﻷﺠﻨﺔ ﺍﻟﻘﻠﻴل ، ﻟﻜﻥ ﺒﻘﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ، ﻭﻜﻠﻤـﺎ ﺍﻜﺘﺸﻔﻭﺍ ﻤﻨﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ ، ﻭﻋﺭﻓﻭﺍ ﻟﻐﺯﻩ ، ﻋﻅﻤﺕ ﻓﻲ ﻋﻘﻭﻟﻬﻡ ﺴﻨﻥ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺨﻠﻘﻪ ، ﻭﺇﺒﺩﺍﻋﻪ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺘﻪ ﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻨﻜﺎﺩ ﻨﺤﺼﻴﻬﺎ ﻋﺩﺍ. ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ – ﺃﻱ ﺠﻨﻴﻥ ﺘﺸﺎﺀ ، ﻤﻥ ﺃﻱ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗـﺎﺕ – ﻴﻤـﺭ ﺒـﺄﻁﻭﺍﺭ ﻤﺤﺩﺩﺓ .. ﻨﺭﺍﻫﺎ ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺴﻴﻁﺔ ، ﻭﺒﺨﻼﻴﺎ ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ، ﺜﻡ ﺒﻌﺩ ﻓﺘﺭﺓ ﺯﻤﻨﻴﺔ – ﻗﺩﺭﺕ ﺘﻘﺩﻴﺭﺍﹰ ﻟﻜل ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﻨﻭﺍﻉ – ﻨﺸﻬﺩ ﻗﺩﺭﺓ ﺨﻼﻗﺔ ﻭﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﺍﻓﻊ ﺨﻔﻲ ﻴﺤﺭﻙ ﻭﻴﺒﺩل ﻭﻴﻐﻴﺭ ، ﻭﻴﺒـﺭﺯ ﺠﺯﺀﺍﹰ ﻫﻨﺎ، ﻭﻴﺤﺩﺙ ﻓﺠﻭﺓ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﺒﺎﻻﺨﺘﺼﺎﺭ ﻨﺭﻯ ﻓﺼﻭل ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻜﺎﺌﻥ ﺃﻴ ﹰ ﻜـﺎﻥ ﺭﺍﺌﻌـﺔ ﺎ ﻭﺩﻗﻴﻘﺔ ﻟﻴﺱ ﻜﻤﺜﻠﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻤﺜﻴل .. ﺜﻡ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺘﺒﻊ ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﺎ ﺯﻤﻨﻴﺎ، ﻭﻜﺄﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺘﺤﻤـل ﻓﻲ ﻁﻴﺎﺘﻬﺎ ﺁﻟﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﻅﻭﺭﺓ ، ﻟﺘﻘﻴﺱ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺯﻤﻥ، ﻭﺘﺤﺩﺩ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻤﻥ ﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺴﺭﻯ ﺤﻠﻘﺎﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﻗﺔ ﻭﺇﺒﺩﺍﻉ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻴﻌﻠﻤﻭﻥ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻐﺔ ﺴﺭﻴﺔ ﺘﻨﺴﺎﺏ ﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺠﻨﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ، ﻓﺘﺩﺭﻙ ﻤﻐﺯﺍﻫﺎ ، ﻭﺘﻨﻔﺫ ﻤﻀﻤﻭﻨﻬﺎ ، ﻭﺘﺴـﺘﺠﻴﺏ ﻟﻨـﺩﺍﺀﺍﺘﻬﺎ، ﻓﺘﻐﻴﺭ ﻤﺎ ﺒﺩﺍﺨﻠﻬﺎ ، ﻭﻴﺘﻐﻴﺭ ﺒﺫﻟﻙ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﻭﻨﻤﻁﻬﺎ ﻭﺴﻠﻭﻜﻬﺎ، ﻭﻗﺩ ﺘﻬﺎﺠﺭ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻬﺎ، ﻟﺘﻨﻔـﺫ ﺭﺴﺎﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺠﻴﺭﺘﻬﺎ، ﻓﺘﺴﺘﺠﻴﺏ ﺍﻟﺠﻴﺭﺓ ﻟﻸﻤﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ، ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺴﻼﻟﺔ ﺨﻠﻭﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ، ﻟﺘﻬﻴﺊ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﺎﺠﻠﺔ، ﺘﺸﺎﺭﻙ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﻤﻌﺔ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺭﻱ ﺤﻭﻟﻬﺎ.. ﻭﻫﻜـﺫﺍ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﺍﻟﺘﻭﺠﻴﻬﺎﺕ " ﻭﺍﻟﻨﺩﺍﺀﺍﺕ" ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﻁـﻭﻱ ﺃﺴـﺭﺍﺭﻩ ﺒﻅﻠﻤﺎﺕ ﻤﻥ ﻓﻭﻕ ﻅﻠﻤﺎﺕ.. ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭل ﻅﻠﻤﺎﺕ ﺘﻨﻌﻜﺱ ﻋﻠﻲ ﻋﻘﻭﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﺎﺼـﺭﺓ ، ﻓﻼ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﺩﺭﻙ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ! ﻭﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻲ "ﺴﺒﻴﻤﺎﻥ" – ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ – ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻀل ﻓﻲ ﺇﻤﺎﻁﺔ ﺍﻟﻠﺜﺎﻡ ﻋﻥ ﺒﻌﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺭﺍﺭ .. ﻓﻠﻘﺩ ﻅل ﻴﺭﻗﺏ ﻭﻴﻼﺤﻅ ﻭﻴﺴﺠل ﻭﻴـﺘﻌﻠﻡ ﻁﻴﻠـﺔ ﺜﻼﺜـﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ، ﺤﺘﻰ ﻋﺭﻑ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺘﻨﺸﺄ ﺍﻟﻌﻴﻥ، ﻭﻤﺎ ﻫﻲ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺭﺃﺱ ، ﻭﻤﻭﻗﻊ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ، ﻭﻤﻥ ﺃﻱ ﻤﻭﻗﻊ ﻴﻨﺸﺄ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ، ﺃﻭ ﺍﻟﻐﻀﺎﺭﻴﻑ ﻭﺍﻟﻌﻅﺎﻡ .. ﺍﻟﺦ ، ﻟﻜﻥ ﻁﻤﻭﺤﻪ ﻟﻡ ﻴﻘﻑ ﻋﻨـﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ، ﺒل ﻜﺎﻥ ﻴﻁﻤﻊ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺠـﻪ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺨﻼﻴـﺎ ﺍﻷﻭﻟـﻰ ﻟﻠﺘﺸﻜﻴل ، ﻭﺘﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﻀﻌﻬﺎ ، ﺜﻡ ﺘﺩﻓﻌﻬﺎ ﺩﻓﻌﺎ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜل)١(. ﻟﻘﺩ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﻤﺜﻼ ﺃﻥ ﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺘﻨﺸﺄ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻗﺒـل ﺃﻥ ﺘﺒـﺭﺯ ﺇﻟـﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺒﻀﻌﺔ ﺨﻼﻴﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻤﻴﺯﺓ ﺘﺨﺘﻔﻲ ﺘﺤﺕ ﺨﻼﻴﺎ ﺭﻗﻴﻘﺔ ﺘﻐﻠﻑ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ .. ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﻤﻐﻠﻔﺔ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻨﻭﺍﺓ ﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺠﻠﺩ ﻭﺍﻟﺒﺸﺭﺓ، ﻭﺒﻌﺩ ﻓﺘﺭﺓ ﺯﻤﻨﻴﺔ ﻤﻘـﺩﺭﺓ ، ﺘﺘﻜـﺎﺜﺭ .011 .(1) Kegan & Moss; Birth to Maturity. New York Wiley 1982. p ٩١
- 24. ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﻭﺘﻨﻤﻭ ،ﺜﻡ ﺘﺒﺭﺯ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻜﺎﻨﺒﻌﺎﺝ ﺼﻐﻴﺭ ، ﺜﻡ ﻻ ﻴﻠﺒﺙ ﻫـﺫﺍ ﺍﻻﻨﺒﻌﺎﺝ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﺃﻥ ﻴﻐﻴﺭ ﺸﻜﻠﻪ، ﻭﻴﺼﺒﺢ ﺃﻗﺭﺏ ﺇﻟﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﻗﺒﻌﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ، ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒـﺭﻭﺯ ) ﺃﻭ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﻴﻥ( ﺘﺒﺩﺃ ﻤﺤﺎﻭﺭ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻭﺍﻻﻤﺘﺩﺍﺩ ﺤﺘﻰ ﺘﺘﺼل ﺒﻤﻭﻗﻊ ﻤﺤﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺦ ﺍﻟﺒﺩﺍﺌﻲ، ﺜﻡ ﺒﻌﺩ ﻓﺘﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﺒﺩﺃ ﻏﻁﺎﺀ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺒﻌﺎﺝ ﺇﻟـﻲ ﺍﻟـﺩﺍﺨل ﻟﻴﺒـﺩﻭ ﻭﻜﺄﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﺫﻭ ﺠﺩﺍﺭﻴﻥ .. ﺍﻟﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻤﻥ "ﻓﻨﺠﺎﻥ "ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻴﺘﻤﻴﺯ ﺇﻟﻲ ﺨﻼﻴﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﺠﺩﻴﺩﺓ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺼﺒﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺸﺒﻜﻴﺔ ، ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻴﻨﻤﻭ ﻭﻴﺘﻤﺩﺩ ﻭﻴﺤﻴﻁ ﺒﺠﺴﻡ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻟﻴﺤﻤﻴﻬﺎ ﻭﻴﺤﺩﺩ ﺸﻜﻠﻬﺎ .. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺸﻜل ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺒﻜﻴﺔ ، ﺘﺒﺩﺃ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺒﺸﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻐﻁﻲ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜل ﺃﻴﻀﺎﹰ ، ﻓﻨﺭﺍﻫﺎ ﻭﻗﺩ ﺘﺤﺭﻜﺕ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻟﺘﺤﺘـل ﻓﺘﺤﺔ ﺍﻟﻔﻨﺠﺎﻥ ، ﺜﻡ ﺘﺘﺤﻭل ﻤﻥ ﺨﻼﻴﺎ ﺒﺸﺭﺓ ﺇﻟﻲ ﻋﺩﺴﺔ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺠـﻪ ﺍﻟﻀـﻭﺀ ﺇﻟـﻲ ﺍﻟﺸﺒﻜﻴﺔ ، ﻭﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ، ﺘﺒﺩﺃ ﺍﻟﻘﺭﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ ﺒﻤﺜﺎﺒـﺔ ﻨﺎﻓﺫﺓ ﺘﺤﻤﻲ ﺍﻟﻌﻴﻥ. ﺃﻥ ﻤﺎ ﺫﻜﺭﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﻭﺼﻔﺎ ﻤﺒﺴﻁﺎ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻤﻌﻘﺩﺓ ﺘﺘﻡ ﺨﻁﻭﺓ ﺨﻁﻭﺓ، ﻭﻟﻭ ﺃﻤﺴﻜﺕ ﺒﺴﺎﻋﺔ ﺯﻤﻨﻴﺔ، ﻟﻭﺠﺩﺕ ﺃﻥ ﻜل ﺨﻁﻭﺓ ﻤﻨﻬﺎ، ﻤﻘﻴﺩﺓ ﺒﻔﺘﺭﺓ ﻤﺤﺩﺩﺓ ، ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ – ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ – ﺃﻥ ﻴﻅﻬﺭ ﺘﻜﻭﻴﻥ ، ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻅﻬﺭ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺴﺎﺒﻕ ، ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨـﻲ ﺒﺒﺴـﺎﻁﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻴﺤﻭﻱ ﺒﺩﺍﺨﻠﻪ ﺸﻔﺭﺓ ﺃﻭ ﻜﻠﻤﺔ ﺴﺭ ﻜﻴﻤﻴﺎﺌﻴﺔ ﻴﻭﺠﻬﻬﺎ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻼﺤﻕ، ﻓﻴﺩﺭﻙ ﻤﻀﻤﻭﻨﻬﺎ، ﻭﻴﺒﺩﺃ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺘﺠﻬﻴﺯ ﻜﻠﻤﺔ ﺴﺭ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻴﻭﺠـﻪ ﺒﻬـﺎ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ.. ﻭﻫﻜﺫﺍ ، ﻭﻤﻥ ﺃﺠل ﻫﺫﺍ ﻨﺭﻯ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﻭﻗـﺩ ﺍﻜﺘﺴـﺒﺕ ﺃﻨﺴـﺠﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻟﻜل ﻨﺴﻴﺞ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﻅﻴﻔﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ، ﻭﻤﻭﻗﻊ ﻤﻘﺩﺭ، ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺸﺄﺕ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﻥ ﺨﻼﻴﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻤﻴﺯﺓ! ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜل ﻴﺴﺭﻯ ﻋﻠﻲ ﺃﺴﺎﺱ ﻤﺎ ﺃﺴﻤﺎﻩ ﺴـﺒﻴﻤﺎﻥ ﺒﻌﻤﻠﻴـﺔ ﺍﻟﺤﺙ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺌﻲ ، ﺒﻤﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻜل ﻨﺴﻴﺞ ﻭﺨﻠﻴﺔ ﺘﺼﻨﻊ ﻤﺎﺩﺓ ﻜﻴﻤﻴﺎﺌﻴـﺔ ﺒﺎﻟﻘـﺩﺭﺓ ﺍﻟﺨﻼﻗـﺔ ، ﻟﺘﺤﺙ ﺒﻬﺎ ﻏﻴﺭﻫﺎ ، ﻓﺘﻐﻴﺭ ﻤﺎ ﺒﻬﺎ، ﻭﺘﺘﺤﻭل ﻫﺫﻩ ﺇﻟﻲ ﻨﺴﻴﺞ ﺠﺩﻴـﺩ ﻴﺄﺨـﺫ ﺩﻭﺭﻩ ﻭﻤﻭﻗﻌـﻪ ﺍﻟﻤﻼﺌﻡ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺘﻨﺎﺴﻕ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .. ﻭﻻ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﺤﺙ ﻴﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﻨﺴـﻴﺞ ﺇﻟﻲ ﻨﺴﻴﺞ ، ﺤﺘﻰ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﻤﻥ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ! )١(. اﻟﻌﯾن ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣوﺿﻌﮭﺎ .. وھﻠم ﺟرا ! )١( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ﺹ ٢١١-٥١١. ٠٢
- 25. ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺴﺒﻴﻤﺎﻥ ﻗﺎﻡ ﺒﺘﺠﺭﺒﺔ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻋﻠﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ، ﺇﺫ ﻨﺯﻉ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﻭﻀﻌﻪ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺠﺭﺍﺤﺔ ﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ، ﺜﻡ ﺯﺭﻋﻪ ﺘﺤﺕ ﺨﻼﻴﺎ ﺒﺸﺭﺓ ﺍﻟﺒﻁﻥ ، ﻭﻋﻨﺩﺌـﺫ ﺒـﺩﺃﺕ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺒﺸﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﻫﻭﻴﺘﻬﺎ ﻭﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻲ ﻋﺩﺴﺔ ﺍﻟﻌﻴﻥ، ﻭﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﺩﺃﺕ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺘﺘﻜـﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻁﻥ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺃﺱ ! ﻭﻗﺩ ﺘﺒﺩﻭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺘﺴﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﻬﻭ ﻻ ﻴﻘﺩﻡ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻭﻻ ﻴﺅﺨﺭ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ – ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ – ﻟﻴﺴﺕ ﻟﻬﻭﺍ ، ﺇﺫ ﻫﻲ ﺘﻨﻁـﻭﻱ ﻋﻠﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﻭﻓﻘﺔ ﺘﻔﺘﺢ ﺃﺫﻫﺎﻨﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺃﺴﺭﺍﺭ ﻻ ﺃﻭل ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺁﺨﺭ .. ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﺘﻘـل ﻓﻨﺠـﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺇﻟﻲ ﻤﺎ ﺘﺤﺕ ﺒﺸﺭﺓ ﺍﻟﺒﻁﻥ، ﻜﺎﻥ ﻴﺤﻤل ﻤﻌﻪ ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﺭ ﺍﻟﺤﺎﺜﺔ ﻋﻠﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﺸﺭﺓ ﻭﺘﺤﻭﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻲ ﻋﺩﺴﺔ ﻋﻴﻥ ، ﻭﻻ ﻴﻬﻡ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﺸﺭﺓ ﻋﻠﻲ ﺫﺭﺍﻉ ﺃﻭ ﺭﻗﺒﺔ ﺃﻭ ﻗﺩﻡ ﺃﻭ ﻅﻬﺭ ، ﺍﻟﺦ ، ﺇﺫ ﻫﻲ – ﺃﻱ ﺍﻟﺒﺸﺭﺓ – ﺘﻅل ﻋﻠﻲ ﺤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻤﻭﻗﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻗﻌﻬـﺎ ﺤـﻭل ﺠﺴﻡ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ، ﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﺄﺘﻬﺎ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻜﻴﻤﻴﺎﺌﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺘﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ، ﻓﺘﺘﻐﻴﺭ ﻜﻤﺎ ﺘﻐﻴـﺭﺕ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻭﻫﻲ ﺘﻐﻁﻲ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺭﺃﺱ – ﺇﻻ ﺃﻥ ﻋﺩﺴﺔ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺸـﺄﺕ ﻋﻠـﻲ ﺍﻟﺒﻁﻥ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﺒل ﺃﻤﺭﺍ ﺁﺨﺭﺍ ﻟﺘﺘﻐﻴﺭ ﺒﻪ ﺇﻟﻲ ﺸﻲﺀ ﺁﺨﺭ ، ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﻗـﺩ ﺤﻘﻘـﺕ ﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ، ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ! . ﻭﻟﻘﺩ ﺍﻜﺘﺸﻑ ﺴﺒﻴﻤﺎﻥ ﻤﺎ ﺃﺴﻤﺎﻩ " ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﺍﻷﻭل " ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺎﺙ ﺍﻷﻭل .. ﺍﻜﺘﺸﻔﻪ ﻓﻲ )١( .. ﺒﻀﻊ ﺨﻼﻴﺎ ﺠﻨﻴﻨﻴﺔ ﺴﺘﺤﻭل ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺇﻟﻲ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺤﺒل ﺍﻟﻅﻬﺭﻱ ﻭﺍﻟﻔﻠﻘﺎﺕ ﻓﻬﺫﺍ ﻭﺘﻠﻙ ﻴﺤﺜﺎﻥ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺠﻠﺩ ﺃﻴﻀﺎ ﻟﺘﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ، ﻭﺘﺘﺤـﻭل ﺇﻟـﻲ ﻗﻨـﺎﺓ ﻋﺼﺒﻴﺔ ، ﻭﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺘﻨﺸﺄ – ﻓﻲ ﻓﺘﺭﺓ ﻻﺤﻘﺔ – ﻨﻭﺍﺓ ﺍﻟﺤﺒل ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﺦ .. ﺜﻡ ﺇﻥ ﺸﺒﻜﺔ ﺍﻷﻋﺼﺎﺏ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﺘﻨﺘﺞ ﻤﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﻤﻭﺍﺩ ﻜﻴﻤﻴﺎﺌﻴﺔ ﻟﺘﺤﺙ ﺒﻬﺎ ﺨﻼﻴـﺎ ﺠﻨﻴﻨﻴـﺔ ﺤﻭﻟﻬـﺎ، ﻓﺘﺤﻭﻟﻬﺎ ﺇﻟﻲ ﺃﻨﺴﺠﺔ ﺃﺨﺭﻯ، ﻓﻴﻘﻭﻡ ﻜل ﻨﺴﻴﺞ ﺒﺒﻌﺙ ﻤﺎﺩﺓ ﺤﺎﺜﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ، ﻟﺘﺤﺙ ﻤﺎ ﺤﻭﻟﻬـﺎ .. ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺘﺴﺭﻯ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻋﻠﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺯﻤﻨﻲ ﻤﻘﺩﺭ، ﻭﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﻭﺘﺘﻁﻭﺭ .. ﺨﻁﻭﺓ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺨﻁﻭﺓ .. ﻭﻫﻜﺫﺍ ! ﻭﻤﻥ ﺃﻏﺭﺏ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﺴﺒﻴﻤﺎﻥ ﺃﻨﻪ ﻓﺼـل ﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﻭﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺠﻨﻴﻥ، ﻭﺯﺭﻋﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺠﻠﺩ ﺠﻨﻴﻥ ﺁﺨﺭ ﻟﻡ ﺘﺘﻤﻴـﺯ ﺨﻼﻴـﺎﻩ ﺒﻌﺩ، ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻅﻬﺭ ﺠﻨﻴﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺭﻋﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﻌﺼـﺏ ﺍﻟﻤﻨﻘﻭﻟـﺔ ، ﻭﻜﺄﻨﻤﺎ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺘﻭﺃﻤﺎﻥ ﻤﻠﺘﺼﻘﺎﻥ ، ﻭﺘﻌﻠﻴل ﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﺨﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻟﺒﻴﺏ ، ﻓﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﻌﺼﺏ ﺍﻟﻤﺯﺭﻭﻋﺔ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺤﺎﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻜل ﺠﺯﺀﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻼﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ، ﻓﻜـﺎﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﺒﻠﺕ ﺍﻷﻭﺍﻤﺭ ﻗﺒﻭﻻ ﺤﺴﻨﺎ ، ﻭﺒﺩﺃﺕ ﻓﻲ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻤﻭﻗﻭﺘـﺔ ، ﻟﺘﺸـﻜل ﺠﻨﻴﻨـﺎ )١( ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ ﺹ ٥١١ – ٧١١. ١٢