SlideShare a Scribd company logo
1 of 15
Download to read offline
‫في أقبية فرع فلسطين‬



   ‫نشرت صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن، في عدد الجمعة 31 – 70 – 1002م، مقابمة مع الرياضي الع اقي ىالل عبد الر اق‬
    ‫ز‬                ‫ر‬
    ‫عمي (44 عاما)، والذي يحمل الجنسية البريطانية، وىو العب ك ة سمة محترف، شارك بالعديد من البط الت العربية واآلسيوية، تعاقد مع‬
                                  ‫و‬                                 ‫ر‬
‫نادي الجماىير الرياضي في حماة لإلش اف عمى فريق النادي لك ة السمة، اعتقل في سورية بتاريخ 32/7/0002، لوجود اسمو في دليل ىاتف‬
                                                                ‫ر‬                     ‫ر‬
‫احد المتيمين، وبقي في السجن إلى أن ج عنو بتاريخ 02/6/1002، ىالل عبد الر اق رفض االستجابة لمتيديد بوجوب السكوت، وقرر أن‬
                                             ‫ز‬                                     ‫أفر‬
 ‫يؤدي األمانة التي حممو أياه المعتقمون ىناك، ليوصل معاناتيم إلى العالم، ونحن بدورنا يسرنا أن نعيد نشر المقابمة التي أج اىا د. بشير زين‬
               ‫ر‬
                                                                                                                             ‫العابدين.‬




                         ‫الرياضي الع اقي هالل عبد الر اق علي يروي قصة معاناته في أشهر سجون دمشق‬
                                                                 ‫ز‬                ‫ر‬

 ‫في سورية جريمة كبي ة ترتكب عالنية وبشكل جماعي، ولكن ال يجرؤ أحد أن يتحدث عنيا، ألن الخوض فييا ـ بعرف النظام ـ جريمة ي،‬
   ‫أخر‬                                                                                             ‫ر‬
     ‫فخمف حاجز ىاب والخوف الجماعي الذي شيدتو أجي ة المخاب ات عبر أربعة عقود من الزمان؛ يقبع آالف المواطنين داخل السجون‬
                                                                ‫ر‬        ‫ز‬                                 ‫اإلر‬
 ‫عون مر ة الظمم والقير ويعانون من التعذيب اليومي ويسامون الذل واالضطياد والحرمان...‬
                                                                           ‫ار‬      ‫السورية في عزلة كاممة عن العالم الخارجي يتجر‬
          ‫ىم، بل إن كثير منيم قد فقد األمل بمقاء أىمو وأصبح ـ غم من وجوده ـ في عداد‬
                               ‫بالر‬                                  ‫اً‬           ‫أغمب ى الء ال يعرفون تيمتيم ال يعممون مصير‬
                                                                                               ‫و‬                    ‫ؤ‬
                                                                                                                            ‫المفقودين.‬

          ‫ىذه قصة شاىد عيان عمي الممارسات القمعية التي ترتكبيا أجي ة األمن في سورية ضد المواطنين، وقد وقعت أحداثيا خالل الفت ة‬
          ‫ر‬                                                         ‫ز‬
    ‫1002/6/22 ـ 0002/7/32، من عيد الرئيس الجديد بشار األسد الذي كان يتحدث قبل أيام قميمة من اعتقال صاحب ىذه القصة عن‬
  ‫ي .إنيا ال تختمف كثير عن قصص آالف المعتقمين، ولكنيا تتميز بأن صاحبيا قد امتمك‬
                                                          ‫اً‬                   ‫الحريات العامة و الشفافية و ك امة المواطن السور‬
                                                                                               ‫ر‬
                                            ‫ج من الصمت ويتحدث عن معاناتو التي استمرت 11 شير في أقبية ع فمسطين .‬
                                                     ‫فر‬         ‫اً‬                                             ‫الج أة ليخر‬
                                                                                                                     ‫ر‬

                                                                                                                               ‫تعريف‬

 ‫ج من سيدة سورية ولديو أربعة أطفال. يعرفو الكثير من‬‫السيد ىالل عبد الر اق عمي ع اقي األصل من مواليد مدينة كركوك عام 7591 متزو‬
                                                                                               ‫ر‬        ‫ز‬
     ‫الرياضيين؛ فيو العب ك ة سمة محترف شارك في العديد من البط الت العربية واآلسيوية... يتحدث باعت از عن مواىبو والشيادات التي‬
                               ‫ز‬                                   ‫و‬                                  ‫ر‬
  ‫حصل عمييا كمدرب لك ة السمة من أمريكا وايطاليا. يعيش ىالل عمي منذ فت ة طويمة مع أسرتو في بريطانيا، حيث كان يعمل مدير مبيعات‬
                                                       ‫ر‬                                                ‫ر‬
      ‫في إحدى الشركات العقارية في مدينة لندن، وكمما حانت فت ة الصيف كان يصطحب زوجتو وأطفالو إلي مدينة حماة لقضاء اإلجا ة مع‬
         ‫ز‬                                                          ‫ر‬
     ‫أقاربيم ىناك. في ىذه األثناء توثقت عالقة ىالل مع عدد من الرياضيين الذين تعرفوا عميو أثناء مشاركتيم في البط الت الدولية، وعندما‬
                       ‫و‬
    ‫عممت إدا ة نادي النواعير في مدينة حماة (أصبح اسمو فيما بعد نادي الجماىير) بخبرتو الطويمة في مجال التدريب تعاقدوا معو لإلش اف‬
     ‫ر‬                                                                                                                ‫ر‬
  ‫ي صفحات الرياضة في‬‫عمي فريق ك ة السمة لدييم، عان ما صعد النادي إلي الدرجة األولي ألول م ة منذ 31 عاماً مما شد انتباه محرر‬
                                                    ‫ر‬                                           ‫وسر‬           ‫ر‬
‫جريدة الفداء بحماة، وظيرت صور المدرب ىالل عمي خالل شير آذار (مارس) عام 0002 كذلك في جريدة الرياضة األسبوعية، وفي جريدة‬
                                                                            ‫الثو ة التي أجرت معو مقابمة مطولة حول تاريخو الرياضي.‬
                                                                                                                           ‫ر‬

 ‫كان ىذا النجاح سبباً في تفكير ىالل باإلقامة في سورية لتطوير فريقو الذي أصبح ينافس عمي المركز األول في جة األولي عمي مستوي‬
                    ‫الدر‬
                                                     ‫القطر، ولذلك فقد تقدم بطمب اإلقامة لمدة سنة وأرسل أو اقو إلي مديرية األمن العام.‬
                                                                               ‫ر‬

  ‫ع فقد كان من الصعب أن يقتنع الناس بأن ذلك الشبح الذي غارت عيناه في‬‫ىنا يتوقف السيد ىالل عن الحديث، وقد اغرورقت عيناه بالدمو‬
    ‫وجو شاحب قد كان رياضياً في يوم من األيام. كان ىناك تعارض كبير بين وضعو الصحي وتاريخو الرياضي؛ فقد اصفر وجيو وظيرت‬
  ‫عميو التجاعيد، مع أنو ال ي ال في ريعان الشباب، وفقد أكثر من 54 كيمو غ اماً من وزنو وأصبح ظي ه محنياً ألنو لم يكن قادر عمي التمدد‬
             ‫اً‬                      ‫ر‬                     ‫ر‬                                          ‫ز‬
                                                                                                                    ‫طوال ستة شيور.‬

‫إنو يحتاج لسنوات طويمة حتى يسترجع صحتو، أما اآلالم النفسية فإنيا تالزمو بشكل دائم ال يعمم إن كان سيستطيع التخمص منيا في يوم من‬
                                           ‫و‬
     ‫األيام، فيو يعاني من فقدان التركيز، ويعاني كذلك من النسيان المزمن الذي كان حمة لو كمما تذكر أبناءه وأقاربو في السجن االنف ادي.‬
        ‫ر‬                                               ‫ر‬

                                                                                         ‫ـ سألتو: ماذا حصل بعد تقدمك بطمب اإلقامة؟‬

                                                                                       ‫تذكر بأنو كان يروي قصة اعتقالو، وعاد ليقول:‬

                                                                                                        ‫· المخاب ات العسكرية بحماة‬
                                                                                                                        ‫ر‬

   ‫في يوم األحد 0002/7/32 اتصل بي شخص من إدا ة المخاب ات العامة وطمب مقابمتي بخصوص أو اق اإلقامة التي تقدمت بـيا، فقابمتو‬
                                     ‫ر‬                               ‫ر‬        ‫ر‬
‫ي وطمبوا مني م افقتيم‬
     ‫ر‬               ‫في النادي حيث طمب مني جواز ي وىوية زوجتي، وفي ىذه األثناء وصل ستة عناصر مسمحين من األمن العسكر‬
                                                                                        ‫سفر‬
                                                                    ‫ىم، وعندما ىممت بصعود السيا ة خ ابني عبد اهلل:‬
                                                                                    ‫ر صر‬                         ‫فامتثمت ألمر‬

                                                                                                                       ‫وين ايح بابا؟‬
                                                                                                                               ‫ر‬

                                                                   ‫لم أكن أممك إجابة واضحة ولكن أحد المسمحين ع باإلجابة عني:‬
                                                                                  ‫تطو‬

                                                                                            ‫ـ بابا بده يغيب شي ساعتين زمان و اجع .‬
                                                                                                ‫ر‬

     ‫صاحبت العناصر إلي مركز المخاب ات العسكرية بحماة والذي يت أسو العميد أحمد حموم وىو عبا ة عن ثالثة طوابق دونـيا بوابة كبي ة ال‬
        ‫ر‬                                 ‫ر‬                            ‫ر‬                          ‫ر‬
   ‫ىا أي عما ات ي في الطريق إلي دمشق، وعندما توقفت السيا ة ترجمنا منيا وأدخمني المسمحون إلي غرفة مقف ة ال توجد فييا غير‬
                    ‫ر‬                                           ‫ر‬                                         ‫ر أخر‬       ‫تجاور‬
  ‫طاولة واحدة، وبقيت أنتظر لفت ة طويمة وأفكر في سبب وجودي ىنا، فقبل أيام قميمة داىمت المخاب ات منزل أحد أقارب زوجتي لعالقة كانت‬
                                    ‫ر‬                                                            ‫ر‬
 ‫تربطو برجل كردي اسمو (ج) اعتقل بسبب نشاطو في صفوف الشباب في مدينة حماة، ولكنني لم أكن أعرف المدعو (ج) ولم أكن أعمم أي‬
‫شيء عن نشاطو، بل كان اىتمامي محصور بالتدريب في نادي النواعير وكثير من تالميذي أعضاء في حزب البعث وأجي ة األمن، ولم يكن‬
               ‫ز‬                                                                    ‫اً‬
‫ي في ىذه الغرفة قد يكون بسبب تشابو في األسماء أو خطأ وقع فيو‬‫لدي كثير من المعارف في مدينة حماة. ثم أخذت أفكر ىة بأن احتجاز‬
                                                                        ‫لبر‬
 ‫أحد المخبرين فمم أرتكب ـ في عممي ـ أي مخالفة لمقانون، وترجح الظن لدي بأنيم يريدون أن يسألوني عن قريب زوجتي المدعو (أ). في ىذه‬
‫األثناء كان الح اس يستفزونني بحمل أسمحتيم وينظرون إلي بأعين ممؤىا التحدي واالستخفاف. ثم انقطع الصمت الطويل بدخول جل متوسط‬
        ‫ر‬                                                                                               ‫ر‬
                                                   ‫الطول لو شارب كبير، يمبس زياً مدنياً وقد عممت فيما بعد أنو العميد محمد الشعار.‬

                                                                                           ‫نظر إلي العميد بازد اء ثم سأل الح اس:‬
                                                                                             ‫ر‬             ‫ر‬

                                                                                                               ‫· ىادا ىو ىالل؟‬

                                                                                                             ‫· فقالوا: نعم سيدي‬

                                                                                         ‫· عند ذلك سألني بفظاظة: بتعرف (ج)؟‬

                                                                                                    ‫· فأجبتو: ال ما بعرف (ج) .‬

  ‫ثم ج دون تعميق وبقيت أنتظر حتى طمبني العميد إلي مكتبو الواسع، فجمست قريباً منو، ولكنو انتيرني بعنف وأمرني بالجموس بعيداً عنو‬
                                                                                                                           ‫خر‬
 ‫في آخر الغرفة فامتثمت، وجمست حيث أ اد. ثم أومأ إلي الح اس فأدخموا قريب زوجتي وىو يرتجف من شدة الخوف، وقد قيدت يداه وغطيت‬
                                                                 ‫ر‬                   ‫ر‬
                                                                         ‫عيناه بقماشة (يسمونيا طماشة)، ودار بينيما الحوار التالي:‬

                                                                                                               ‫· ـ بتعرف ىالل؟‬

                                                                                                                  ‫· ـ نعم سيدي‬

                                                                                                           ‫· ـ شو عالقتو بـ (ج)‬

                                                                                                           ‫· ـ مالو عالقة سيدي‬

                                                                                                                  ‫· ـ طمعوه لب ه‬
                                                                                                                  ‫ر‬

                        ‫ي ىنا؟‬‫ي، وقمت لو ليس لي أي عالقة بالمدعو (ج) فما ىو الداعي الحتجاز‬‫وىنا التفت إلي الضابط وقد نفد صبر‬

   ‫فقال لي بأنني لست الشخص المطموب، ولكنني سأبقي عندىم الميمة الستكمال التحقيق، فذكرتو بأن لدي أطفاالً وأقارب وىم قمقون عمي ال‬
    ‫و‬
                                                        ‫يعرفون مكان وجودي اآلن، فمم يزد أن قال: اتفضل وبك ة منشوف شو بيصير‬
                                                                       ‫ر‬

 ‫وفي حركة سريعة اقتادني الح اس ج الغرفة وقيدوا يدي وأخذوني إلي سجن ع حيث استقبمني سجان عب اسمو عم ان، وكان صوتو‬
             ‫ر‬           ‫مر‬                 ‫الفر‬                                 ‫ر خار‬
‫خ في وجيي بقصد التخويف: حقير... وقف منيح ال ، ثم جرني إلي الزن انة المنفردة رقم (4)، وأقفل من خمفي الباب.‬
                                         ‫ز‬                     ‫و‬                                         ‫غاية في الخشونة فصر‬

   ‫تمفت حولي فإذا ىي زن انة ضيقة في غاية القذا ة وفييا مرحاض تنبعث منو روائح كريية، فجمست عمي األرض وقد أسقط في يدي وعدت‬
                                                                           ‫ر‬                      ‫ز‬
                                         ‫أسترجع الساعات األخي ة التي مرت عمي كأنـيا كابوس عج وكمي أمل أن تنتيي في الصباح.‬
                                                                        ‫مز‬                         ‫ر‬

 ‫كانت ىذه ىي الم ة األولي التي أسجن فييا، فقد أمضيت اغمب حياتي في المالعب وفي طريق االحت اف، بل إنني لم أذىب م ة واحدة إلي‬
           ‫ر‬                     ‫ر‬                                                                       ‫ر‬
 ‫مركز شرطة ولم يكن لدي أي سبب لمخالفة القانون أو ارتكاب الج ائم، فقد كنت ميسور الحال وعندي أربعة أطفال غب في تربيتيم أحسن‬
                   ‫أر‬                                        ‫ر‬
        ‫تربية، وأخذت اليواجس تنتابني حتى غمبني النوم فافترشت األرض والتحفت بطانية قذ ة ونـمت حتي الصباح. في صباح يوم االثنين‬
                                              ‫ر‬
‫0002/7/42، ابتدأ مسمسل عب الذي استمر دون توقف لمدة 11 شير فقد استيقظت عمي أصوات مختمطة من الضرب والشتائم واألنين‬
                                                        ‫اً‬                                ‫الر‬
  ‫واالستغاثة، وعممت بأنيا أول نوبات التعذيب الوحشي الذي كان يتعرض لو المعتقمون داخل ع. كان السجانون يأتون في الصباح الباكر‬
                                       ‫الفر‬
‫ويفتحون أبواب الزنازين بعنف ويخرجون ضحاياىم مقيدين ومغمضي العيون ثم يسوقونيم كالخ اف وأنا أنظر إلييم، وقد ارتعدت مفاصمي من‬
                                       ‫ر‬
‫ىم وسائر أنحاء الجسد دون تمييز، ويرتفع صوت الجالدين وىم يكررون‬
                                                             ‫شدة عب، ثم يبدأ الجمد باألسالك الكيربائية (الكيبالت) عمي ظيور‬
                                                                                                                      ‫الر‬
  ‫نفس األسئمة: مين بتعرف؟ ، شو عالقتك بفالن؟ ، إيـمتي شفتو؟ . وأخذت أفكر كيف كان اعتقالي مثل اعتقال الكثير من ى الء؛ بناء عمي‬
              ‫ؤ‬
‫دليل الياتف الذي عثروا عميو عند قريب زوجتي فاتصموا بي وأحضروني إلي ع، ىذه الطريقة الجائ ة نفسيا ىي التي أودت بحياة كثير من‬
                                 ‫ر‬                    ‫الفر‬
        ‫األبرياء وغيبتيم لسنوات طويمة في غياىب السجون ال لجرم إال أنـيم وجدت أسماؤىم وأرقام ىواتفيم مكتوبة في دليل أحد المشبوىين.‬

‫جني من الزن انة و طمش عيني وقيدني وجرني‬
                          ‫ز‬            ‫كنت أنتظر أن يأتي الجالدون ويأخذونني إلي التعذيب في أي لحظة، وبالفعل جاء أحدىم فأخر‬
‫إلي غرفة التحقيق حيث دخل أحد المحققين وأمر بفك القيد عني وأعطاني ورقة وقمماً ألكتب قصة حياتي كاممة! وعندما كتبت لو قصة حياتي‬
             ‫تناول األو اق وأخذ يصحح ويشطب عمي بعض السطور، ويضيف من عنده فاعترضت عمي ىذا األسموب، وعند ذلك قال لي:‬
                                                                                                      ‫ر‬

                                                                                                                     ‫بدك تعممني شغمي؟‬

  ‫ج من الغرفة ثم عاد ليخبرني بأن العميد قد عج إلصر ي عمي عدم االعت اف، فأخبرتو بأنو ليس لدي ما أعترف بو، وىذا ما عندي،‬
                                                    ‫ر‬                ‫ار‬      ‫انز‬                                      ‫وخر‬
    ‫فأمرني أن أبصم عمي ما كتبت، ثم عاود السؤال عمي (أ) م ة ي عن عالقتي بالمدعو (ج) فأجابو بأنو ليس ىناك أي عالقة، وعندما‬
                                                                 ‫ر أخر‬
   ‫تأكدوا من ذلك أعادوني إلي الزن انة المنفردة وجمست ىناك لمدة ثمانية أيام لم يكممني فييا أحد. كان التعذيب يبدأ يومياً من الساعة الثامنة‬
                                                                                                        ‫ز‬
    ‫صباحاً ويتوقف عند الثانية، ثم يبدأ م ة ي في الثامنة مساء حتي الحادية عش ة، ومع أنني لم أتعرض لمتعذيب فإن خات المعتقمين‬
                 ‫صر‬                              ‫ر‬                                 ‫ر أخر‬
       ‫وأنينيم كانت أشد من لسع السياط التي تصدر صفير عباً قبل أن تحط عمي ظيور المساجين وىم يئنون من شدتيا، ومع أنني كنت‬
                                                                         ‫اً مر‬
    ‫خ‬‫متماسكاً فقد الزمتني حالة عجيبة من اليمع، خاصة عندما أصيبت إحدي السجينات في زن انتيا االنف ادية بانـييار عصبي وأخذت تصر‬
                                ‫ر‬           ‫ز‬
                                                                                            ‫بأعمي صوتيا قبل أن ينقموىا إلي المستشفي.‬

 ‫وفي يوم السبت 0002/7/92 جاء رئيس المحققين في ع ال ائد غسان الجواد وأخذ يمر عمي الزنازين وينظر إلي المساجين بداخميا حتى‬
                                                                    ‫الفر ر‬
                                                                                                  ‫وصل إلي زن انتي ففتح الباب وقال لي:‬
                                                                                                                         ‫ز‬

                                                     ‫ابني نحنا عارفين أنك يء ومنتظرين خبـر من الشام حتى ج عنك اليوم أو بك ة .‬
                                                       ‫ر‬                  ‫نفر‬                           ‫بر‬

   ‫وعرض عمي االنتقال إلي السجن الجماعي ففرحت لذلك وشكرتو، ثم نقموني إلي حيث أشار فوجدت نفسي مع خمسة من المساجين وأخذنا‬
                                                     ‫نتبادل أط اف الحديث فسألت كل واحد منيم عن تـيمتو، واليكم الج ائم التي ارتكبوىا:‬
                                                                      ‫ر‬                                                  ‫ر‬

               ‫ـ كان األول قد امتنع عن التصويت لبشار األسد في انتخابات الرئاسة فجروه إلي السجن وأخذوا يضربونو ضرباً حاً لتمرده!‬
                          ‫مبر‬

 ‫ـ أما الثاني فقد ورد في إحدى تقارير المخاب ات أنو قال: أىل حمب وحماة قبضايات، ألنيم قاوموا ، كان شاباً صغير ولم يكن سنو قد تـجاوز‬
                       ‫اً‬                                                             ‫ر‬
                  ‫أربع سنوات عندما اندلعت أحداث حماة، ومع ذلك فكان يتعرض لمصعقات الكيربائية حتى يعترف بالذي عممو ىذا الكالم!‬
‫ـ وتـحدث الثالث بـحزن عن مكالمة ىاتفية دارت بينو وبين أقاربو قال فييا بأنو سيذىب إلي القرداحة في وفد رسمي لزيا ة قبر الرئيس ال احل،‬
   ‫ر‬               ‫ر‬
‫ولما سألو قريبو ماذا سيمبس، أجاب: كمسون أحمر ، ولم يكن يعمم بـم اقبة المخاب ات لمكالمـتو الـياتفية فاعتقل في ذلك اليوم. وكان الجالدون‬
                                                        ‫ر‬           ‫ر‬
                                                         ‫ينفذون تعيدىم لو بتحويل لون كمسونو إلي األزرق من شدة التعذيب حتي يتوب!‬

                                                     ‫ـ وكان ال ابع مسجوناً بسبب العثور عمي جياز لمتنقيب عن اآلثار في أرض يممكيا.‬
                                                                                                                     ‫ر‬

                                                                                                 ‫ـ واتيم الخامس ببيع السجائر الميربة.‬

  ‫كانوا قد تعرضوا جميعاً لشتي أصناف التعذيب من الجمد والصعق الكيربائي، أما أنا فقد نـجوت من التعذيب ربـما بسبب توسط إدا ة النادي‬
         ‫ر‬
                                                                                                                           ‫لصالحي.‬

‫بعد ثالثة أيام في السجن الجماعي أخبرت بوصول البرقية من دمشق، وكنت أترقبيا عمي أحر من الجمر حتى أعود ألطفالي الذين افتقدوني‬
     ‫ولم يعمموا أين ذىبت، عان ما تالشت آمالي عندما أخبرني المحقق بأنني قد طمبت في الشام وأن عمي الذىاب إلي ىناك الستكمال‬
                                                                                                   ‫وسر‬
                                                                                                                             ‫التحقيق.‬

‫عند ذلك جت مقيداً مع ثالثة آخرين وأركبونا داخل سيارتين في كل واحدة منيا أربعة عناصر مسمحين ببنادق كالشنكوف، ولما وقع ال ائد‬
  ‫ر‬                                                                                                                ‫أخر‬
‫عمي أو اق تسميمنا بعد طول انتظار تحركت السيارتان باتجاه دمشق، وكان عمينا أن نخفض رؤوسنا طول الرحمة، وكمما رفع الواحد منا أسو‬
  ‫ر‬                                                                                                                 ‫ر‬
     ‫كان الحارس ييوي عمي رقبتو بكل ما أوتي من قوة ويقول: نزل اسك ولك كمب ، وبقينا عمي ىذه الحالة حتي وصمنا إلي ع فمسطين.‬
             ‫فر‬                                                ‫ّ ر‬

                                                                                                                     ‫· فرع فلسطين‬

  ‫توقفت السيارتان عند بوابة كبي ة وسط سور عال، وانطمقت لمسافة 07 متر عندما استطعت أن ألـمح عمارتين كبيرتين، ثم اعترضتنا بوابة‬
                                                           ‫اً‬                                 ‫ر‬
  ‫ي استوقفنا عندىا الحرس وجردوا رجال األمن من أسمحتيم، ثم أنزلونا نحن األربعة من السيارتين وأدخمونا إلي مكتب مدير السجن وىو‬‫أخر‬
‫رجل بذيء المسان ممتمئ الجسم حنطي المون برتبة مساعد أول، اسمو أحمد، ويـمتاز بصوت شديد الخشونة. تفرس فينا المدير بنظ ات ممؤىا‬
       ‫ر‬
       ‫خ فجأة: وقف منيح ال حمار ... ثم أمر بنقمنا إلي غرفة مجاو ة، حيث جمسنا ننتظر ونحن نعاني من حر ة الشمس وكث ة‬
       ‫ر‬           ‫ار‬                                  ‫ر‬                                       ‫و‬                 ‫الحقد وصر‬
                ‫الص اصير، فطرقت الباب وطمبت أن أذىب إلي الخالء فأجابني أحد الح اس ىازئاً: استني شوي اح نحولك عالـميريديان !‬
                                      ‫ر‬                    ‫ر‬                                                          ‫ر‬

    ‫بقينا ننتظر أربع ساعات بطوليا ثم دخل عمينا رجل ال يقل خشونة عن مدير السجن ليكتب بياناتنا الكاممة، ويأخذ أغ اضنا إلي صندوق‬
                 ‫ر‬
                                                                                   ‫األمانات، وعندما وصل إلي دار بيننا الحوار التالي:‬

                                                                                                                  ‫· ـ شو اسمك ال؟‬
                                                                                                                    ‫و‬

                                                                                                           ‫· ـ ىالل عبد الر اق عمي‬
                                                                                                                ‫ز‬

                                                                                                                   ‫· ـ شو جنسيتك؟‬

                                                                                                             ‫· ـ جنسيتي ال أصمي؟‬
                                                                                                                    ‫و‬

                                                                                                              ‫· ـ جنسيتك ولك كمب‬
‫· ـ بريطاني‬

                                                  ‫فسكت لب ىة ثم ذىب إلي مكتب المدير الذي استدعاني إلي مكتبو م ة ي وسألني:‬
                                                           ‫ر أخر‬                                                ‫ـر‬

                                                                                                             ‫· ـ شو جنسيتك ال؟‬
                                                                                                               ‫و‬

                                                                                                                     ‫· ـ بريطاني‬

                                                   ‫· ... م ..ك، أنت ع اقي ، ثم خاطب الح اس: نزلوا ىالكمب عمي المنفردة (11) !‬
                                                                                      ‫ر‬                 ‫ر‬

                                       ‫ي وقمت لو: أي منفردة؟ وما ىي تيمتي، ولماذا تعاممونني بيذا األسموب؟‬‫· عند ذلك فقدت صبر‬

      ‫خ بأعمى صوتو: ولك خدو ىالحمار عمي المنفردة (11) ، ولم يكد ينتيي من عبارتو حتي ىجم عمي عدد من الح اس‬
       ‫ر‬                                                                                                 ‫ففوجئت بو يصر‬
    ‫خون بي: نزل اسك ال ، خميك ماشي عالحيط ، وأنزلوني بالساللم إلي القبو حيث أيت عدداً من‬
               ‫ر‬                                                       ‫ر و‬              ‫وجروني بعنف ج المكتب وىم يصر‬
                                                                                                        ‫خار‬
‫األبواب الحديدية عمي جانبي الممر، وكانوا يركضون أمامي وخمفي حتى انتيينا إلي آخ ه ففتحوا أحد ىذه األبواب ورموني في المنفردة (11).‬
                                                ‫ر‬

                                                                                                                ‫· المنفردة (11)‬

‫أطرق السيد ىالل عمي لفت ة وحاول أن يفيمني بجمل مبعث ة بأن كل الذي حكاه لي كان مقدمة قصي ة لفصول المعاناة الطويمة التي أمضاىا‬
                                   ‫ر‬                                   ‫ر‬                           ‫ر‬
    ‫في الزن انة المنفردة لستة أشير متوالية. كان طول الزن انة 081 سم وعرضيا 08 سم تنبعث منيا ائحة كريية ال تصل إلييا سوي كمية‬
                        ‫و‬          ‫ر‬                                  ‫ز‬                                            ‫ز‬
‫ضئيمة من التيوية والنور، ولذلك فقد أصبحت مرتعاً لمقمل والص اصير. ألن طول ىالل 091 سم فمم يكن قادر عمي التمدد لمدة ستة أشير‬
                         ‫اً‬                             ‫و‬     ‫ر‬
                                                                   ‫فانحني ظي ه وأصبح يمشي مشية عجوز تجاوز الثمانين من العمر.‬
                                                                                                                 ‫ر‬

      ‫كان يتذكر األحداث بصعوبة ألنو يريد أن ينسي ىذه الحقبة السوداء من حياتو، ولكن أنين المعذبين ومعاناة المعتقمين كانت تدفعو ألن‬
    ‫خ أصحاب الضمائر الحية لممساعدة في رفع المعاناة عن مئات‬‫يستحضر كل شاردة وواردة ألنو عاىدىم أن يخبر العالم بـما آه ويستصر‬
                                                                  ‫ر‬
                                                 ‫المساجين الذين تم اعتقاليم ـ مثمو ـ عن طريق دليل الياتف دون سابق تيمة أو اشتباه.‬

    ‫ارتـمي ىالل عمي أرض الزن انة وجمس عمي بطانية رطبة نتنة، وأخذت اليواجس تتالعب بو، فتذكر رحمتو البائسة من حماة إلي دمشق،‬
                                                                                                ‫ز‬
‫وطول االنتظار في ع فمسطين وخشونة التعامل التي لقييا من الح اس. لقد أصبح اسمو من اآلن فصاعداً: منفردة (11) والويل لو إذا ذكر‬
                                                               ‫ر‬                                         ‫فر‬
        ‫اسمو الحقيقي، وصار بين عشية وضحاىا سجيناً مسموب اإل ادة ال يممك من أم ه شيئاً، بل إنو فقد اسمو وأصبح رقماً آخر في عداد‬
                                                       ‫ر‬                 ‫ر‬
 ‫ج عنو حال تبين ىذا الخطأ، ولكن لم يكن لديو أي قرينة تدعوه إلي‬‫المفقودين داخل ع فمسطين. لقد الزمو الشك بأن ىنالك خطأ ما وسيفر‬
                                                                                                            ‫فر‬
                                    ‫التفاؤل ... وبقي عمي ىذه الحالة من التفكير العميق حتي غمبو اإلعياء فتكوم في أرض الزن انة ونام.‬
                                            ‫ز‬

                                                                                                        ‫· أول يوم في االنف ادية:‬
                                                                                                            ‫ر‬

    ‫ى ولم أكن أعرف نظام السجن بعد، فطرقت الباب طرقاً متتالياً حتى جاءني‬‫استيقظت وقد قرصتني حش ة في وجيي فتورمت عيني اليسر‬
                                                                                                 ‫ر‬
  ‫سجان ضخم اسمو المعمم حسن، ففتح الباب وقال: شو بدك ال؟ ، فقمت لو: شوف عيني ، فنظر نظ ة لم تكن تبعث عمي االطمئنان، وقال‬
                                  ‫ر‬                                 ‫و‬
‫لي: قرب ال، وعندما اقتربت منو سدد لكمة قاسية عمي عيني اليمني فسقطت عمي أرض الزن انة من شدة األلم، وأقفل الباب و ائي وىو يتمتم‬
            ‫ر‬                               ‫ز‬                                                                       ‫و‬
‫بأقذع الشتائم. ولم ينقض اليوم األول حتي عرفت نظام السجن كامالً، فمم يكن لنا أي حق في طرق األبواب، وكانت الفرصة الرئيسة‬
 ‫لمسجانين كي يشفوا عتيم السادية ىي ج المساجين من الزنازين االنف ادية إلي الخالء... كان ىناك 91 زن انة منفردة و4 مزدوجة وكان‬
                         ‫ز‬                                 ‫ر‬                             ‫خرو‬             ‫نز‬
‫يتناوب 24 سجيناً عمي حمامين ثالث م ات في اليوم فيخرجنا الح اس واحداً واحداً بالركل والجمد ولم يكن يسمح لمواحد منا أن يبقي أكثر من‬
                                                                     ‫ر‬                       ‫ر‬
 ‫نصف دقيقة في بيت الخالء. ال بد من االعت اف بأنني عندما جت لمم ة األولي أكمت نصيباً وافر من الركل والمكم من قبل المعمم حسن،‬
                                    ‫اً‬                      ‫ر‬       ‫خر‬            ‫ر‬              ‫و‬
                     ‫خ في وجيي خة منك ة قائالً:‬
                             ‫ر‬       ‫صر‬        ‫ولم أكن أجد أي مبرر لذلك فاعترضت بصوت مرتفع وذكرتو بأنني إنسان مثمو، فصر‬
                                                                                                    ‫اً‬

                                                                                     ‫ـ خ اس ولك كمب، ىمق بخميك تاكل الخ ـ تبعك !‬
                                                                                                                           ‫ر‬

‫وبسبب ىذا التضييق وانعدام الماء والصابون فقد أصيب أكثرنا بالبواسير وكانت الدماء تغطي حاض، واذا تأخر الواحد منا في الخالء كان‬
                                       ‫المر‬
    ‫ج بالقوة ويجر إلي زن انتو بالركل والضرب. كانت كل زن انة انف ادية قد زودت بوعاء (طاسة) لألكل والشرب، وبسبب األذي الذي كان‬
                                                               ‫ر‬       ‫ز‬                              ‫ز‬                     ‫يخر‬
‫يصيبنا من السجانين في دخول الخالء فقد اضطر الكثير منا لقضاء الحاجة في طاستو كمما اشتد المرض عميو، ثم يغسميا ويعاود استخداميا‬
                                                                                                                  ‫لطعامو من جديد.‬

‫جة األولي فمم أكن أتعرض لوجبات التعذيب التي كانت من نصيب السجناء اآلخرين، ولكن سماع أصوات المعذبين‬‫ألنني لم أكن متيماً بالدر‬
                                                                                                                          ‫و‬
  ‫كان أشد إيالماً عمي النفس من وقع السياط في كثير من األحيان. كانت نوبات التعذيب تبدأ في الساعات المبك ة من الصباح وتستمر حتي‬
                       ‫ر‬
 ‫الواحدة والنصف وىناك نوبة ليمية تبدأ من السابعة مساء حتي العاش ة، وقد تستمر حتي الثالثة بعد منتصف الميل. كنا نسمع شتائم الجالدين‬
                                                                 ‫ر‬
    ‫واستغاثة المعذبين وتوسالتيم، وكنا نـميز طريقة التعذيب من تتابع أنين المعتقمين الذين يخضعون لمتعذيب بواسطة الكرسي األلماني الذي‬
             ‫ي، والتعميق من أيدييم وضربـيم عمي سائر أنحاء الجسد وىم ع اة، وكذلك الجمد باألسالك الكيربائية السميكة.‬
                                                        ‫ر‬                                                         ‫ييشم العمود الفقر‬

    ‫الزمتني حالة عب شديد وكنت أخاف أن يأتي الجالدون في أي لحظة ويجرونني إلي غرفة التعذيب، وكمما سمعت وقع أقدام بالقرب من‬
                                                                                                           ‫ر‬
   ‫زن انتي كانت ترتعد ف ائصي، حتي أمضيت 11 يوماً عمي ىذه الحالة، ولم يفتح باب زن انتي خالل ىذه الفت ة إال لدخول الخالء. كنت أنام‬
                              ‫ر‬                  ‫ز‬                                                        ‫ر‬                 ‫ز‬
   ‫وأجمس عمي البطانية المتعفنة بفعل الرطوبة وانعدام التيوية حتي اسودت مالبسي وأصابتني االلتيابات الجمدية واألو ام، حتي إن السجانين‬
                     ‫ر‬
 ‫كانوا يتأففون من ائحتي كمما مروا بالقرب من زن انتي، ولم تجد توسالتي ليم بتغيير تمك البطانية القذ ة. بعد انقضاء اليوم الحادي عشر في‬
                                 ‫ر‬                                                  ‫ز‬                            ‫ر‬
  ‫المنفردة جاء الجالدون وأصعدوني إلي غرفة التحقيق مطمشاً ، ثم دخل أحد المحققين فأمر بفك الطماشة، وأعطاني ورقة وقمماً ألكتب قصة‬
 ‫حياتي من جديد! وعندما انتييت من الكتاب ة ابتسم المحقق وبشرني بأنني لن أبقي في ع عندىم أكثر من أسبوعين، جوتو أن يأمر بنقمي‬
                   ‫فر‬                      ‫الفر‬
 ‫إلي المياجع الجماعية ألنني لم أعد أحتمل السجن االنف ادي، فطمب مني الصبر، وقال لي: المنفردة أحسن لك. ثم جعت عمي نفس الييئة‬
                   ‫أر‬                                                ‫ر‬
                         ‫التي أتيت بيا إلي زن انتي المنفردة، ومكثت بيا الشيور الستة التالية دون أن يكممني أحد أو يحقق معي من جديد.‬
                                                                                                            ‫ز‬

  ‫كنت مريضاً بالقولون وأعاني من مرض الربو المزمن، وانتشرت الحساسية في جسدي كمو، ومع ذلك فقد كان العالج ممنوعاً عنا طوال فت ة‬
  ‫ر‬
    ‫ي طوال ىذه‬‫السجن. ونتيجة لممرض وفقدان الشيية فقد انخفض وزني 54 كيمو، وطال شاربي حتي غطي فمي، ولم يسمح لي بحمق شعر‬
    ‫الفت ة سوي م ة واحدة، أما المحية فكانت تحمق أسبوعياً ولكن قص الشارب كان ممنوعاً، وكانت الحالقة من أبرز المناسبات عند الجالدين‬
                                                                                                                   ‫ر‬       ‫ر‬
 ‫لممارسة ىواية التعذيب، فكانوا يضربون المساجين عمي رؤوسيم ورقابيم والويل لمن يجرؤ عمي فتح عينيو أثناء الحالقة. وباإلضافة إلي ىذه‬
‫الحالة المزرية فمم يكن يسمح لنا باالغتسال أكثر من م ة كل شيرين وكانت المياه حا ة في الصيف شديدة البرودة في الشتاء، أما المالبس فمم‬
                                                  ‫ر‬                          ‫ر‬
                              ‫يسمح لنا غسميا سوي مرتين طوال فت ة السجن االنف ادي، ولذلك فقد تشققت بفعل ت اكم العرق وكث ة الضرب.‬
                                     ‫ر‬             ‫ر‬                           ‫ر‬             ‫ر‬
‫كان الكالم ممنوعاً طوال الوقت، وأي محاولة لق اءة الق آن كانت تقمع بأسموب وحشي، وذات م ة تشجع السجين في منفردة (71) بق اءة‬
       ‫ر‬                               ‫ر‬                                ‫ر‬       ‫ر‬
‫ح وىو يقول لو: واهلل ما تعيدىا م ة ثانية لشخ بتمك ، وكذلك‬
                       ‫ر‬                                 ‫بعض السور، ولما سمعو السجان حسن اقتحم عميو زن انتو وتناولو بالضرب المبر‬
                                                                                 ‫ز‬
  ‫كان نصيب السجين الذي أخذتو العب ة وىو يمح في الدعاء فسمعو أحد السجانين وأخذ يضربو عمي سائر أنحاء جسده ويقول لو: إذا سمعتك‬
                                                                                          ‫ر‬
                                                                                        ‫عم تدعي م ة ثانية لح أكسر اسك يا عرص .‬
                                                                                                   ‫ر‬               ‫ر‬

   ‫أما أنا فقد دفعت ثـمن عتي اإلنسانية غالياً، عندما سمعت استغاثة مخنوقة من ام أة مصابة بالربو في ميجع النساء فطرقت باب زن انتي‬
      ‫ز‬                                           ‫ر‬                                                      ‫نز‬
‫خ: شو بدك ال كمب ، فأعطيتو بخاخ الربو الذي أحضرتو معي من حماة وقمت لو أعطو لمم أة‬
 ‫ر‬                                                                    ‫و‬          ‫حتي سمعت وقع أقدام السجان حسن وىو يصر‬
‫المسكينة، ولم أكد أنتيي من قولي ىذا حتي لكمني عمي أسي ثالث لكمات أسقطتني عمي األرض وتتابعت بعدىا الركالت والشتائم المقذعة،‬
                                                                       ‫ر‬
  ‫ولم أعد أعي شيئاً حولي إال أنني سمعت المعمم حسن يقفل باب الزن انة وىو يقول: ولك عامل حالك شريف يا عرص، نحنا ما عنا إنسانية‬
                                                             ‫ز‬
                                                                                                                              ‫ىون !‬

 ‫خ في أول الممر: يا كالب ... األكل اليوم (ويمد الواو)‬‫أما صيغة اإلعالن عن وصول الطعام فمم تكن تتغير أبداً... كان السجان رفيق يصر‬
     ‫شوربة ورز ... كل واحد يدير وجيو عمي الحيط ... والمي بشوفو مو داير وجيو لح (فعل قوم لوط) . كان الطعام غاية في القذا ة وسوء‬
          ‫ر‬
  ‫الطبخ، وكنا نأكل مرق الدجاج دون أن ي الدجاج ألن السجانين ومساعدي مدير السجن كانوا يأخذونو قبل أن يصل إلينا، وكثير ما كنت‬
         ‫اً‬                                                                            ‫نر‬
 ‫ي عن الشوربة والمرق وأشربـيا، أما إذا كانت الوجبة بطاطس مسموقة، أو إذا قدم لنا التفاح (في المناسبات)‬‫أرفع الص اصير والحش ات األخر‬
                                                                                                            ‫ر‬          ‫ر‬
    ‫ي فوق‬‫ع. وكان السجانون يخبئون الفواكو والخبز الطر‬‫فكانوا يرمونو عمي رؤوسنا الموجية نحو الجدار، وكنا نحظي ببيضتين طوال األسبو‬
                                                               ‫سقف المنفردة (1) إلخفائيا عن المدير ويأخذونيا معيم بعد انتياء الدوام.‬

  ‫كنا نعاني من البرد الشديد في الشتاء ومن الحر ة الخانقة في فصل الصيف ولم تتغير البطانيات القذ ة التي ورثناىا عن السجناء قبمنا طوال‬
                                     ‫ر‬                                               ‫ار‬
‫فت ة اإلقامة في السجن االنف ادي. وباإلضافة إلي انتشار القمل والص اصير، فقد كنا نعاني كثير من الجرذان التي كانت تقتحم عزلتنا ىرباً من‬
                                           ‫اً‬                     ‫ر‬                                    ‫ر‬                        ‫ر‬
‫القطط الجائعة التي كانوا يرسمونيا لمقضاء عمي ىذه الجرذان، وكثير ما كانت القطط تظفر بصيدىا في فتحات التيوية ونعمم بوفاة الجرذ حين‬
                                                                 ‫اً‬
                                                                                                 ‫يتقاطر دمو عمي رؤوسنا ونحن نيام .‬

       ‫ـ ابتسم ىالل عندما سألتو كيف كان يقضي وقتو في السجن االنف ادي لمدة 081 يوماً متواصمة، وقال لي بأن: الشير في الزن انة مثل‬
             ‫ز‬                                                      ‫ر‬
‫الشيرين والثالثة واألربعة... تمر الساعات الطويمة ويتعاقب الميل والنيار ونحن عمي حالنا. كنت أقاوم وأبحث في خمجات نفسي عن بصيص‬
  ‫أمل وأعد األيام عن طريق الحفر عمي حائط الزن انة، ال أنسي عندما دخمت عمي ف اشة فأنست ليا كثير وأخذت أكمميا وىي ال تجيب، وقد‬
                                ‫اً‬               ‫ر‬                        ‫ز و‬
 ‫خ بأعمي صوتي: لماذا تفعمون بي ىكذا؟ ما ىي تـيمتي بالتحديد؟ أنا ضيف عندكم في ىذه البمد‬‫أصبت عدة م ات بيياج عصبي وكنت أصر‬
                                                                                                           ‫ر‬
                                                                                         ‫أىذه ىي الطريقة التي تعاممون بيا الضيوف؟‬

‫وكنا نختمس الساعات التي ينام فييا السجانون في آخر الميل فنتكمم فيما بيننا ىمساً، وبـيذه الطريقة استطعت التعرف عمي عدد من المساجين‬
                                                                                         ‫في االنف ادية، وكنت آنس لمحديث إلييم كثير.‬
                                                                                          ‫اً‬                             ‫ر‬

                                                                                                     ‫· من قصص الزنازين المنفردة‬
‫ىم لمدة ستة أشير، فكان يتذكر بحزن شديد معاناة السجين في الزن انة‬
   ‫ز‬                                                            ‫طمبت من ىالل أن يحدثني عن بعض السجناء االنف اديين الذين جاور‬
                                                                               ‫ر‬
 ‫ج إلي الخالء، فقد كان يأم ه أن‬
    ‫ر‬                          ‫رقم (91)، ومن سوء المعاممة التي لقييا من السجان (محمد) الذي كان يستمتع بضربو كمما جاء دو ه لمخرو‬
                                     ‫ر‬
   ‫يضع يديو خمف ظي ه ويغمض عينيو ويرفع أسو ... ثم تتردد أصداء صفعة قوية تنخمع ليا قموبنا، ولكن السجان اآلخر في نوبتو (رفيق)‬
                                                                                      ‫ر‬                   ‫ر‬
‫كان يضحك ويقول لو: محمد ... ما سمعت !، فيتميز محمد غضباً ويشتم السجين قائالً: يمعن أبوك يا ابن الكمب، ولك شمون ىيك بتخجمني‬
   ‫قدام صحابي؟ ، ويصفعو صفعة ي ال تعجب صاحبو (رفيق) فيأتي ىو ويقوم بنفس الطقوس السابقة، فيأمر السجين بوضع يديو خمف‬
                                                                                        ‫أخر‬
‫ظي ه، واغماض عينيو ورفع أسو فيمتثل وىو يئن من شدة األلم، ثم يصفعو صفعة أشد من سابقتييا، ويضحك رفيق ضحكة المنتصر ويقول:‬
                                                                                             ‫ر‬                    ‫ر‬
                            ‫ىيك بدي ياك... ح شخ . وكانت ىذه العممية تتكرر مع عدد من المساجين كمما جاء ىم لدخول الخالء.‬
                                           ‫دور‬                                                         ‫رو‬

‫ي ولم يكن يستطيع النوم دون أن يأخذ إب ة في المساء، وكان المسكين يتوسل إلييم‬
                                    ‫ر‬                                      ‫ـ أما السجين في المنفردة (31) فكان مصاباً بـمرض السكر‬
  ‫يومياً لعدة ساعات أن يأتوه باإلب ة ولكن السجانين كانوا يتعمدون التأخر عن ذلك، ثم يأتي أحدىم آخر المطاف مصر عمي أن يعطيو اإلب ة‬
  ‫ر‬                   ‫اً‬                                                                      ‫ر‬
   ‫بنفسو فنسمع خات شديدة من ج اء الطعنة التي يمقاىا من السجان وىو يقول لو: خود... يمعن أبوك عرص ، وقد استمرت ىذه المأساة‬
                                                                                            ‫ر‬               ‫صر‬
                                                                                      ‫بصفة يومية طول إقامتي في السجن االنف ادي.‬
                                                                                         ‫ر‬

 ‫ـ المنفردة (61) كانت ىذه الز انة تتميز عن ىا ب ائحة نتنة تزكم األنوف، ولم يكن يسمح لنزيميا أن ينظف زن انتو أو حتي أن يغتسل أو‬
                       ‫ز‬                                                      ‫غير ر‬             ‫نز‬
                        ‫يغسل مالبسو، وكان كمما ج لمخالء يعي ه السجانون ب ائحتو الكريية ويبصقون عمي وجيو وىو صامت ال يتكمم.‬
                                                                        ‫ر‬            ‫ر‬             ‫خر‬

   ‫ـ المنفردة (71) نزيميا المدعو (ج) نفسو، كان الجالدون ي جونو لمتحقيق يومياً ويتعرض لـمختمف أنواع التعذيب الذي لم ينقطع عنو يوماً‬
                                                                           ‫خر‬
                                                                                ‫واحداً طوال األشير الستة التي قضيتيا في االنف ادية.‬
                                                                                    ‫ر‬

   ‫في (يناير) عام 1002، ساقني الجالدون إلي غرفة التحقيق م ة ي، ولما دخل المحقق سألتو: ألـم ينتو التحقيق بعد؟ ، فأجابني ببرود‬
                                                                   ‫ر أخر‬
‫ج عن‬‫بأنني لست متيماً ولذلك فقد ابتدأوا باألشخاص الميمين، وقد احتاجوا لوقت طويل حتي يأخذوا جميع أقواليم، ولكنو طمأنني بأنني سأخر‬
 ‫قريب. كانت ىذه ىي الم ة األولي التي ج فييا من قبو ع فمسطين، وكان شكمي عباً لمغاية، فقد طال شاربي حتي غطي فمي بأكممو،‬
                                               ‫مر‬                 ‫فر‬             ‫أخر‬          ‫ر‬
  ‫ونقص وزني وتغيرت مالمح وجيي، وماتت كثير من خاليا جسمي فمم أعد قادر عمي المشي أو حتي الوقوف، فاستأذنت المحقق أن أجمس‬
                                                   ‫اً‬
     ‫عمي األرض، وجمس ىو عمي الكرسي فسألني نفس األسئمة التي وجيت لي قبل ستة أشير: اسمي وعممي وعالقتي بـ (ج)، ولما لم يجد‬
 ‫عندي جديداً قال بيدوء: ياهلل ح ، فتوسمت إليو أن ينقمني عمي المياجع الجماعية ألنني لـم أعد أحتمل السجن االنف ادي، فأخذ رقم زن انتي‬
    ‫ز‬                ‫ر‬                                                                               ‫رو‬
 ‫وأمر بإعادتي إلي المنفردة، وبعد تسعة أيام صدرت األوامر بنقمي إلي الميجع رقم (4) جت مع السجانين إلي الميجع المذكور، ولما فتح‬
                                            ‫فخر‬
     ‫الباب جت ائحة كريية ونظرت داخل الزن انة فإذا ىي ممموءة عن ىا، وتضايق المساجين الستة واألربعون من رؤيتي ألنني كنت‬
                                                          ‫آخر‬                   ‫ز‬                          ‫خر ر‬
 ‫سأشاركيم ىذا المكان الضيق (4 ـ 5م). ولم أتمالك نفسي من الص اخ: رجعوني عمي المنفردة... جعوني عمي المنفردة ، فدفعني السجانون‬
                                     ‫ر‬                         ‫ر‬
‫إلي الداخل وأغمقوا الباب. كان المنظر في الداخل كئيباً لمغاية، فمم يكن المكان يتسع لجموس الجميع فاضطر بعضيم لموقوف، ولكنني فرحت‬
 ‫كثير عندما عممت بوجود حمام داخل الزن انة، فاغتسمت ثم حشرت نفسي داخل ىذه الـمجموعة، وكان أول سؤال يوجو إلي ىو سبب سجني،‬
                                                                                 ‫ز‬                                 ‫اً‬
    ‫ج خالل أسبوعين عمي أبعد تقدير، ولم أكن أعمم بأنني سأقضي األشير الخمسة القادمة في ىذا‬‫فأجبتيم بأنني لـم توجو إلي تـيمة، وسأخر‬
                                                                                                                    ‫الميجع الكئيب.‬
‫تغير حالي كثير في الميجع فصرت آكل وأشرب وآنس إلي المساجين وأقضي الساعات الطويمة في التحدث واالستماع إلي المآسي التي‬
                                                                                                          ‫اً‬
                                                                                                                             ‫يروونيا‬

                                                                                                             ‫· من قصص المهجع‬

   ‫ـ طمبت من السيد ىال ل أن يحدثني عن التيم الموجية إلي المساجين في ع فمسطين، فأطرق ىة وأخذ يذكر قصصيم بالتفصيل، وقال‬
                                   ‫لبر‬             ‫فر‬
    ‫لي:ـ أتذكر سميمان الذي قضي أحد عشر شير في الميجع، ولم يكن وحده فقد كانت معو والدتو ( ىا سبعون عاماً) في ميجع النساء.‬
                                  ‫عمر‬                                             ‫اً‬
     ‫كانت تـيمتيم أن أحد أقاربيم في الخ ج اتصل بيم ىاتفياً وسأليم عن حاليم بعد موت حافظ األسد، أجابوا بديية: مكيفين ، وكانت ىذه‬
                                                                                            ‫ار‬
                                                                                                      ‫الكممة كفيمة ىم إلي السجن.‬
                                                                                                                  ‫بجر‬

 ‫ـ أبو أيـمن من الالذقية، رجل كبير في السن عم ه 76 عاما، كانت تـيمتو أنو قابل أحد الـمنتسبين إلي جماعة اإلخوان المسممين أثناء رحمتو‬
                                                                                     ‫ر‬
    ‫إلي الحج في أوائل الثمانينيات وأعطاه ذلك الرجل مبمغ 005 لاير إلحدى األسر المحتاجة في سورية، وبعد مرور سنوات طويمة قرر ذلك‬
  ‫الشخص أن يعود إلي سورية فذىب إلي السفا ة في الدولة التي يقيم فييا وسجل جميع اعت افاتو وذكر اسم أبو أيـمن في الالذقية، وأنو طمب‬
                                               ‫ر‬                                        ‫ر‬
     ‫منو توصيل المبمغ المذكور. وعندما أبرقت السفا ة إلي دمشق كان المسكين أبو أيـمن يعالج في المستشفي ج اء جمطة أصابتو، ولم يكن‬
                           ‫ر‬                                                    ‫ر‬
                                                        ‫المرض ليشفع لو، فقد تم ج ه من المستشفي إلي ع فمسطين الستكمال التحقيق!‬
                                                                                 ‫فر‬                ‫ر‬

‫ج ولديو سبع بنات، وكانت تيمتو الدعوة إلي الكتاب والسنة في صفوف الشباب. عندما أيتو كان قد‬
          ‫ر‬                                                                             ‫ـ محمد شاىر شاب من مدينة حماة متزو‬
‫ي ومسح شع ه بالنجاسة، ونتيجة‬
                 ‫ر‬          ‫قضي سنة ونصفاً، وكان أحد الجالدين قد دأب عمي وضع أسو في حاض وتـمريغ وجيو بحذائو العسكر‬
                                                          ‫المر‬  ‫ر‬
                                         ‫لتكرر ىذا األسموب الوحشي فقد حت وجنتو ولم يعد ينبت الشعر في أج اء من لحيتو وشاربو.‬
                                                           ‫ز‬                                  ‫جر‬

‫ـ وكانت ىنالك مجموعة (حوالي 82) من الشباب السوريين والفمسطينيين الذين تجاوبوا مع االنتفاضة الفمسطينية فقاموا بمحاولة فاشمة لتيريب‬
    ‫بعض األسمحة إلي األرض المحتمة عبر الحدود األردنية، حيث ألقي القبض عمييم، وكنا نستغرب أن يتميز ى الء عن ىم بأشد أنواع‬
                ‫غير‬    ‫ؤ‬
                                                                        ‫التعذيب في قمعة الصمود والتصدي، وتـحديداً في ع فمسطين !‬
                                                                                 ‫فر‬

      ‫ـ وكانت ىنالك أيضاً مـجموعة من الع اقيين الذين حاولوا التسمل عبر الحدود السورية ليذىبوا إلي لبنان، ومنو إلي أوروبا، وقد فر الء‬
        ‫ىؤ‬                                                                                      ‫ر‬
                                              ‫المساكين من الحصار والضيق االقتصادي في بمدىم ليعانوا من الويالت في بمدىم الشقيق.‬

  ‫ح بيا فقد تم‬‫غم من أن األشرطة مصر‬‫ـ وأذكر من المساجين أيضاً جالً تم القبض عميو بتيمة بيع أشرطة إسالمية أمام أحد المساجد، وبالر‬
                                                                                                    ‫ر‬
                                                                                                ‫اعتقالو، وكان يتعرض كذلك لمتعذيب.‬

‫ـ ال أستطيع أن أنسي جالً كان معنا اسمو نعيم، وكانت جمو مقطوعة، وتيمتو أنو قد ساعد في محاولة تيريب األسمحة عبر الحدود السورية‬
                                                                         ‫ر‬                              ‫ر‬                ‫و‬
‫إلي األردن، ومنيا إلي فمسطين. لقد كان الجالدون يضربونو عمي رجمو المتبقية، ولقد أيت بأم عيني المحم يتساقط منيا عندما يعود من حفمة‬
                                                ‫ر‬
 ‫ى لسحب المزيد من االعت افات منو، ولم‬
             ‫ر‬                       ‫غم من تورم رجمو وانتفاخيا فقد كان يستدعي ال ة تمو األخر‬
                                               ‫ـمر‬                                          ‫التعذيب، وكنا نحممو إلي الخالء، وبالر‬
        ‫يكن ىناك شيء أشق عمي نفوسنا من حممو كل يوم وتسميمو إلي الجالدين الذين كانوا يسحمونو إلي غرفة التعذيب، ثم نسمع صياحو‬
                                                                                                                 ‫وتوسالتو واستغاثتو.‬
‫ي، وكان كبير في السن ومصاباً بضعف في القمب، وقد منع السجانون عنو الدواء فكان يتوسل إلييم‬
                                                                             ‫اً‬          ‫وكان معنا عقيد سابق في الجيش السور‬
  ‫بأن يحضروا لو نوعاً من الحبوب التي يضعيا تحت لسانو ولم يكونوا يستجيبون لو، وذات م ة سقط عمي أرض الزن انة ج الزبد من فمو‬
                ‫ز وخر‬                 ‫ر‬
   ‫فطرقنا الباب و جناه محم الً إلي الممر، فكان السجانون يركمونو ويقولون لو: قوم يا عرص ... لو عممت شو ما عممت ما في دوا ، ولما‬
                                                                                                     ‫و‬         ‫أخر‬
  ‫طال بو الحال أحضروا الممرض الذي فحص ضغطو فوجده في حالة خطي ة فرفعوه، وجاءوا بعد فت ة فطمبوا مالبسو وأغ اضو، وقيل لنا بعد‬
                  ‫ر‬                   ‫ر‬                       ‫ر‬
   ‫غم من حزننا عميو فمم نجد أي شعور بالشفقة أو الذنب عند ى الء الجالدين الذين كانوا يقولون لنا بعد‬
                                         ‫ؤ‬                                                        ‫ذلك أنو قد انتقل إلي رحمة اهلل، وبالر‬
                                                                                           ‫ذلك واهلل غير تموتوا كمكم ىون متل ىالكمب .‬

  ‫ىذه ىي الحالة التي كنا عمييا طوال األشير الخمسة التي قضيتيا في الميجع؛ كنا نزدحم مثل قطيع من األغنام في زن انة ال تتسع لنصفنا‬
                   ‫ز‬
      ‫ع بعضنا لمقيام بعممية التيوية بمالبسيم القذ ة، وكان‬
            ‫ر‬                                            ‫نتبادل األدوار في النوم فيقف بعضنا وينام اآلخرون، وفي فصل الصيف كان يتطو‬
‫الجالدون يأتون بين الفينة و ي وينادون باسم الضحية فيتقدم من بيننا خائفاً مرتعشاً، ال نمبث أن نسمع صياحو وأنينو من غرفة التعذيب،‬
                                            ‫و‬                                                      ‫األخر‬
     ‫ومن سوء حظنا أن فتحة تـيوية الميجع كانت تطل عمي غرفة التعذيب فكنا من خالليا نتمكن من معرفة ما يقع عمي إخواننا من البالء.‬

                                                                                                                 ‫· صور من التعذيب‬

         ‫ثم ينتقل ىالل لمحديث عن التعذيب في ع فمسطين، وما يسببو ذلك لو من كوابيس عة، فقد كان الجمد بأسالك الكيرباء الرباعية‬
                                                   ‫مفز‬                                 ‫فر‬
  ‫(الكيبالت) أمر اعتيادياً، ولم ينج منو أحد قط، ولكن أصحاب التيم الخطي ة كانوا يتعرضون ع آخر من التعذيب ىا الكرسي األلماني‬
                   ‫أبرز‬              ‫لنو‬            ‫ر‬                                                       ‫اً‬
  ‫الذي يثبت عميو السجين ثم جع بو إلي الخمف حتي يصبح أسو قريباً من رجميو فيفقد وعيو من شدة األلم، وكثير ما أصيب المساجين من‬
                      ‫اً‬                                               ‫ر‬                         ‫ير‬
       ‫ج اء ذلك بآالم مزمنة في الظير، وعندما يعود إلينا زمالؤنا في الميجع بعد جموسيم عمي ىذا الكرسي كنا نمددىم عمي األرض وندلك‬
                                                                                                                           ‫ر‬
                                                   ‫ىم عن الوقوف أو المشي.‬
                                                                        ‫ىم، ويبقون متمددين عمي حاليم أياماً طويمة بسبب عجز‬
                                                                                                                         ‫ظيور‬

‫جون أس السجين مع يديو ورجميو ويبقي في الطرف اآلخر ظي ه ومؤخرتو ويضرب بعد ذلك بالعصي‬
                             ‫ر‬                                                ‫ر‬    ‫وكان الجالدون يستخدمون الد الب فيخر‬
                                                                                          ‫و‬
                                                                                              ‫حتي يعترف عمي نفسو بكل ما يممي عميو.‬

  ‫وكثير ما كان يشتكي زمالؤنا في الميجع من تعميقيم مثل الخ اف وتعريتيم وضربيم عمي جميع أنـحاء الجسد، ولم يكن الضرب أشد إيالماً‬
                                                                    ‫ر‬                                                   ‫اً‬
      ‫من تحمل الرسغ لسائر ثقل الجسم، فيعود السجين إلي زن انتو وىو غير قادر عمي تحريك يديو وقد يستمر عمي ىذه الحالة لبضعة أيام.‬
                                                                          ‫ز‬

‫كنا نعرف طريقة التعذيب من تتابع صياح الضحية، ثم ينزل المسكين ويحكي لنا ما فعل بو الجالدون، وكثير ما كانوا يأخذون المعتقل ويبقونو‬
                                ‫اً‬
‫واقفاً طول النيار وىو مقيد ومغمض العينين ج غرفة التحقيق، ثم ج المحقق ويقول لو: انزل ولك كمب، بك ة منشوف شغمنا معك فينـزل‬
                       ‫ر‬                                    ‫يخر‬                ‫خار‬
                                                                             ‫م ة ي تحت ضرب الجالدين وركميم حتي يدخل الزن انة.‬
                                                                                ‫ز‬                                        ‫ر أخر‬

                                                                                                                      ‫· مهجع النساء‬

  ‫يقدر ىالل بأن عدد السجينات في ميجع النساء كان حوالي 41 ام أة، وكان بعض النساء يصطحبن أطفالـين فكان في الميجع طفل عم ه‬
  ‫ر‬                                                         ‫ر‬
       ‫خمس سنوات وبنت ىا أربع سنوات و ي ىا 11 سنة كانوا يرون أمياتيم يشتمن بأقذع األلفاظ الفاحشة التي يندي ليا الجبين‬
                                                                                   ‫أخر عمر‬           ‫عمر‬
   ‫ويسمعون أصوات التعذيب، وكنا نرق لبكاء األطفال الذين يذكروننا بأبنائنا فمم يكن أحد منا يعرف حال أىمو بعده النعدام الصمة واالنقطاع‬
                                                                                                                   ‫عن العالم الخارجي.‬
‫كانت ىناك طفمة ىا 61 سنة حافظة لمق آن الكريم و ي ىا 71 سنة جيء بـيما مع والدىما، وكانت ىناك ام أة متزوجة منذ خمسين‬
                  ‫ر‬                                             ‫أخر عمر‬       ‫ر‬                   ‫عمر‬
‫خ بطمب الطبيب، فيجيبين السجان: شو دخمني‬‫يوماً جيء بيا وىي حامل، وأذكر أنني سمعت صوت ثالث نساء يسقطن، وكانت النساء تصر‬
    ‫أنا... ىاي شغمتكن أنتو النسوان... اتصرفوا ، ولم تكن تجدي فيو االستغاثة والولولة والعويل الذي يستمر لفت ة طويمة ثم ينقطع بالتدريج.‬
                             ‫ر‬

  ‫لقد ماتت الشفقة والرحمة في قموب ى الء السجانين الذين لم يكونوا يميزون بين رجل وام أة وطفل، فقد وضعت البنت ذات الستة عشر ربيعاً‬
                                             ‫ر‬                                               ‫ؤ‬
    ‫خ لك امتيا، ولما تكررت ىذه الحادثة ىب المساجين من‬
                                               ‫في إحدي ال زنازين المنفردة، وكان أحد السجانين يفتح عمييا الباب دون إذن فتصر ر‬
    ‫الزنازين المنفردة والمياجع وأخذوا يطرقون بأيدييم العارية عمي األبواب الحديدية غضباً ليذا االستيتار حتي نزل العميد وعدد من الضباط‬
     ‫ونقموا البنت إلي مكان آخر. وعندما استطعنا التواصل مع ميجع النساء عن طريق أنابيب التمديدات الصحية كانت ىذه البنت المسكينة‬
‫تطمب والدىا وتبكي بكاء حار يقطع قموبنا وتشتكي لو من السجان (شادي) الذي كان يصفعيا عمي وجييا ويفحش في السب والشتم، ال ي ال‬
 ‫و ز‬                                                                                           ‫اً‬
  ‫صوتيا يرن بأذني وىي تقول بصوت طفولي يء: بابا... بابا... ىدا الحارس (شادي) عمبيضربني وكل المساجين يشاركون والدىا البكاء‬
                                                                                    ‫بر‬
                                                                                                               ‫من قمة الحيمة واليوان.‬

   ‫وقد حدثني بعض المساجين بأنـيم روا إحدي النساء في غرفة التحقيق وقد ع اىا الجالدون وىي تستر ما تستطيع بيدييا وتولول وتستغيث.‬
                                                        ‫ر‬                                     ‫أ‬
        ‫وكان ميجع النساء يستقبل بين الفينة و ي بعض النساء المتيمات بالدعا ة وتمقي النساء األخريات من سوء خمقين الكثير، وكان‬
                                                        ‫ر‬                             ‫األخر‬
  ‫السجانون يفتحون باب الميجع النسائي ليتمذذوا بمشاىدة رقص ى الء النساء ونحن نسمع كل شيء، واذا اشتكت أي ام أة محتشمة من ذلك‬
                 ‫ر‬                                             ‫ؤ‬
 ‫خ بـين: اخرسوا يا كمبات، ىي أشرف منكن كمكن . بل كانوا يتعمدون اإلساءة إلي الم أة التي تحافظ عمي ىا وينعتونـيا‬
             ‫ستر‬               ‫ر‬                                                                              ‫كان الحارس يصر‬
                                                                                 ‫بأقذع الشتائم، وكنا نسمع ال نستطيع أن نحرك ساكناً.‬
                                                                                                         ‫و‬

                                                                                                                      ‫الفساد‬        ‫·‬

      ‫يتكون قبو سجن ع من ممر طويل فيو 01 مياجع جماعية (4 ـ 5م)، و91 زن انة انف ادية (08 ـ 081)، و4 زنازين مزدوجة بحجم‬
                                           ‫ر‬       ‫ز‬                                                  ‫الفر‬
‫المنفردة مرتين، وكان توضع في بعضيا 8 سجناء، ال ي كيف كانوا يجمسون أو ينامون فييا، بل إن أحد المساجين قد قضي في المزدوجة‬
                                                                        ‫و ندر‬
                              ‫سنة ونصف يشاركو سبعة آخرون في كثير من األحيان. وكان ىناك عدد من المياجع في الطابق األرضي.‬

 ‫كان مدير السجن برتبة مساعد أول واسمو أحمد، ولو ثالثة نواب: شادي وحاتم وأبو عصام، وكانوا غاية في السوء والفظاظة ولم تكن األلفاظ‬
                ‫البذيئة والفاحشة تغادر ألسنتيم عمي اإلطالق، أما الح اس فكانوا ثالث مجموعات من خمسة سجانين، تسمي نوبات، مرتبة‬
                                                                       ‫ر‬

                                                                                                                   ‫عمي النحو التالي:‬

                                                             ‫ـ نوبة المعمم أبو سومر ومعو: امز، وعمي، وخصيم (أبو غضب)، وسامر.‬
                                                                                              ‫ر‬

                                                                              ‫ـ نوبة المعمم حسن ومعو: إب اىيم، ورفيق، ومحمد، وأحمد.‬
                                                                                                       ‫ر‬

                                                                             ‫ـ نوبة المعمم محسن ومعو: سامر، وعمي، وحسام، وجمال.‬

   ‫وقد كانت ىذه المجموعات الثالث تتناوب عمي ح اسة الزنازين. وقد تم اختيار ى الء السجانين بدقة متناىية فكانوا جميعاً من أبناء الطائفة‬
                                                          ‫ؤ‬                             ‫ر‬
   ‫الحاكمة ومن أصحاب السوابق الذين يمتينون األعمال الدنيئة، وكانوا عمي درجة عالية من الغالظة وسوء الخمق فيشتمون بعضيم البعض‬
‫بألفاظ نابية ويتمذذون بتعذيب المساجين ويتسابقون في أذيتيم. لقد كان السجن ىو مصدر رزقيم الوحيد، ونشأت عن ىذه الحاجة سوق ائجة‬
    ‫ر‬
                                                                                                 ‫ال يعرفيا إال من دخل فييا والعياذ باهلل:‬

   ‫ج لمساومة أىالي السجين عمي أغمي ثـمن لقاء زيارتو، وكانوا يقتسمون ىذه‬‫ففي المرحمة األولي يتعاون المدير مع عصابات أمنية في الخار‬
      ‫المبالغ فيما بينيم كل حسب النسبة المتفق عمييا. وقد عممنا بأن المدير كان يحصل 0005 لي ة سورية عن كل زيا ة من خالل عصابة‬
                    ‫ر‬                 ‫ر‬          ‫ّ‬
                                                                                                              ‫تتعاون معو ج السجن.‬
                                                                                                                      ‫خار‬

   ‫ثم يسمم األىالي مدير السجن األموال واأللبسة والمأك الت التي أحضروىا ألبنائيم فيقتسم الغنيمة مع الح اس ال يصل لمسجين من ذلك إال‬
                          ‫ر و‬                                                ‫و‬
‫القميل؛ فإذا ترك األىالي خمسة آالف لي ة يقتطع المدير منيا ثالثة آالف ويقول لمسجين بابتسامة خبيثة: تركولك أىمك ألفين لي ة ، ال يستطيع‬
        ‫ر و‬                                                                                  ‫ر‬
 ‫السجين أن ينبس ببنت شفة. وطالما كنا ننظر إلي السجانين وىم يتخاطفون الكباب والحمويات ويأكمونيا بش ه وىم يتضاحكون بينما ال يصل‬
                           ‫ر‬
                                                                                                                ‫إلي السجناء منيا شيء.‬

   ‫ي الجبن والشاي والسكر والسجائر والصابون، وكانوا يسمون ىذه المناسبة:‬‫وكان يسمح لنا بش اء بعض المواد الغذائية م ة في الشير فنشتر‬
                                                                                     ‫ر‬                        ‫ر‬
     ‫ندوة ، ثم نوقع تـخويالً لممدير بصرف المبمغ المطموب من أموالنا في عيدتو، وتسمي: األمانات ! وكانت ىذه فرصة كبي ة لمنيب والسرقة‬
                   ‫ر‬
    ‫فيناك نـحو 005 سجين في ع فمسطين، فيعمد مدير السجن الي تسجيل البضائع بأسعار مضاعفة ويأخذ الفرق عمي حساب المعتقمين.‬
                                                                                             ‫فر‬

   ‫أما السجانون فكانوا غموننا عمي ش اء ما يحـ ــتاجونو ىم، وعند تسميم البضائع كان السجانون يتجـ ــمعون عمي باب الزن انة ويتـ ـخاطفون ما‬
                     ‫ز‬                                                                               ‫ر‬             ‫ير‬
   ‫يريدونو والويل لـمن يعترض عمييم من المساجين، وأذكر أنني اشتريت عمبتين من جبنة البق ة الضاحكة ولم يصمني منيا عند التسميم سوي‬
                                          ‫ر‬
  ‫ثالث مثمثات من العمبة الثانية! بل إن السجانين كانوا يشربون الشاي ويستخدمون السكر والصابون الذي نشتريو ويقولون لنا: إز جعتوا أنتو‬
             ‫ا‬
                                                                                                                           ‫ع.‬‫نحنا منجو‬

 ‫أما الم حنة التي مرت بيا أسرتي فيي خير مثال لما يتعرض لو أىالي آالف المعتقمين في سورية، فقد استطاع أحد السجانين أن يتعرف عمي‬
‫عنوان أىمي في حماة، فكان يذىب إلييم بنفسو ويدعي بأنني طمبت منو أن يحضر إلي بعض األموال، واستطاع بيذه الطريقة أن يسرق منيم‬
 ‫أكثر من مائة ألف لي ة سورية حتي اضطرت زوجتي لبيع حمييا، وأخذ منيم كميات كبي ة من األجبان والزيتون والمرتديال واألدوية والمالبس،‬
                                                   ‫ر‬                                                       ‫ر‬
    ‫وكان كمما تأخر عميو أقاربي في الدفع يمفق األكاذيب عن حالتي في السجن ليستدر عطفيم ويحثيم عمي بذل المزيد، ولم يكن يخجل من‬
‫زيارتيم وىو يرتدي المالبس التي أرسموىا لي في زيارتو السابقة ليم، ولما عمموا بفساد نيتو وسرقتو انقطعوا عنو، فجاء إلي واعترف لي ببعض‬
   ‫خت، ولكن لم يكن لي حيمة وأنا خمف القضبان، أما س ـ ــبب اعت افو فيو غبتو في ت ـ ــاوني معو ألخذ المزيد، فقد‬
                                          ‫ر‬      ‫ر‬                                                           ‫ما فعل فغضبت لذلك وصر‬
    ‫أعطاني ورقة وقمماً وطمب إلي أن أكتب رسالة لزوجتي حتي تتأكد أنو مرسل من قبمي، ولما امتنعت أخذ يخبرني أخبار سيئة عن زوجتي‬
                  ‫اً‬
 ‫وأ الدي. وعندما فقد األمل من االستم ار في لعبتو انتقم لك امتو الميدو ة عن طريق إخبار زوجتي بأنني قد قتمت تحت التعذيب فخرت مغشياً‬
                                                           ‫ر‬           ‫ر‬                    ‫ر‬                                ‫و‬
                                                                                                  ‫عمييا وقضت في المستشفي عدة أيام.‬

  ‫ولكن التجا ة الحقيقية كان يمارسيا رجال أكبر من السجان، فقد عرض بعضيم عمي والد زوجتي اإلف اج عني لقاء مبمغ مميوني لي ة سورية،‬
         ‫ر‬                          ‫ر‬                                                                             ‫ر‬
    ‫فاجتيد في جمع المبمغ، ولكنو انتقل إلي رحمة اهلل بعد أن أصابتو سكتة قمبية من شدة الحزن، وكان ضعيف الجسم ال يقوي عمي مواجية‬
     ‫ئ الكريم أن يتصور حالة أس ة واحدة من آالف األسر نكبتيا أجي ة األمن السورية؛ فالزوجة في‬
                               ‫ز‬                                ‫ر‬                          ‫الضغوط التي كانت تـمارس عميو. ولمقار‬
  ‫المستشفي ووالدىا في القبر وزوجيا في السجن وأ الدىا يبكون في الميل والنيار ال يعرفون سبب ما حل بـيم من بالء، ومع ذلك فالعصابات‬
                                                                                 ‫و‬
في أقبية فرع فلسطين
في أقبية فرع فلسطين

More Related Content

Viewers also liked

الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلةالاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلةShamKarama
 
أزمة أخلاق
أزمة أخلاقأزمة أخلاق
أزمة أخلاقShamKarama
 
البعث الشيعي في سورية
البعث الشيعي في سوريةالبعث الشيعي في سورية
البعث الشيعي في سوريةShamKarama
 
أأيقاظ قومي أم نيام
أأيقاظ قومي أم نيامأأيقاظ قومي أم نيام
أأيقاظ قومي أم نيامShamKarama
 
عبدالرحمن الكواكبي طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد
عبدالرحمن الكواكبي   طبائع الإستبداد ومصارع الإستعبادعبدالرحمن الكواكبي   طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد
عبدالرحمن الكواكبي طبائع الإستبداد ومصارع الإستعبادShamKarama
 
ثورة لكل السوريين
ثورة لكل السوريينثورة لكل السوريين
ثورة لكل السوريينShamKarama
 
حمامات الدم في تدمر
حمامات الدم في تدمرحمامات الدم في تدمر
حمامات الدم في تدمرShamKarama
 

Viewers also liked (7)

الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلةالاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
الاقتصاد السوري – المشكلات والحلول دكتور عارف دليلة
 
أزمة أخلاق
أزمة أخلاقأزمة أخلاق
أزمة أخلاق
 
البعث الشيعي في سورية
البعث الشيعي في سوريةالبعث الشيعي في سورية
البعث الشيعي في سورية
 
أأيقاظ قومي أم نيام
أأيقاظ قومي أم نيامأأيقاظ قومي أم نيام
أأيقاظ قومي أم نيام
 
عبدالرحمن الكواكبي طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد
عبدالرحمن الكواكبي   طبائع الإستبداد ومصارع الإستعبادعبدالرحمن الكواكبي   طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد
عبدالرحمن الكواكبي طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد
 
ثورة لكل السوريين
ثورة لكل السوريينثورة لكل السوريين
ثورة لكل السوريين
 
حمامات الدم في تدمر
حمامات الدم في تدمرحمامات الدم في تدمر
حمامات الدم في تدمر
 

More from ShamKarama

الطائفة النصيرية
الطائفة النصيريةالطائفة النصيرية
الطائفة النصيريةShamKarama
 
الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية
الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيريةالباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية
الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيريةShamKarama
 
النصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سوريةالنصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سوريةShamKarama
 
أسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجويةأسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجويةShamKarama
 
أسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسي
أسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسيأسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسي
أسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسيShamKarama
 
أسماء المطلوبين في مطار دمشق
أسماء المطلوبين في مطار دمشقأسماء المطلوبين في مطار دمشق
أسماء المطلوبين في مطار دمشقShamKarama
 
Images from syria
Images from syriaImages from syria
Images from syriaShamKarama
 
Photos from syria
Photos from syriaPhotos from syria
Photos from syriaShamKarama
 
Syria that you dont know
Syria that you dont knowSyria that you dont know
Syria that you dont knowShamKarama
 
تقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سوريا
تقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سورياتقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سوريا
تقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سورياShamKarama
 
دراسة عن الثورة السورية
دراسة عن الثورة السوريةدراسة عن الثورة السورية
دراسة عن الثورة السوريةShamKarama
 
العصابات الأسدية شخصيات سيكوباتية
العصابات الأسدية شخصيات سيكوباتيةالعصابات الأسدية شخصيات سيكوباتية
العصابات الأسدية شخصيات سيكوباتيةShamKarama
 
أيام منسية مع العصابة الأسدية
أيام منسية مع العصابة الأسديةأيام منسية مع العصابة الأسدية
أيام منسية مع العصابة الأسديةShamKarama
 
نيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسيات
نيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسياتنيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسيات
نيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسياتShamKarama
 
صفحات مطوية مأساة حماة
صفحات مطوية مأساة حماةصفحات مطوية مأساة حماة
صفحات مطوية مأساة حماةShamKarama
 
Human Rights Violations Committed by the Syrian Regime
Human Rights Violations Committed by the Syrian RegimeHuman Rights Violations Committed by the Syrian Regime
Human Rights Violations Committed by the Syrian RegimeShamKarama
 
The cult the twisted, terrifying last days of assad’s syria
The cult the twisted, terrifying last days of assad’s syriaThe cult the twisted, terrifying last days of assad’s syria
The cult the twisted, terrifying last days of assad’s syriaShamKarama
 
واقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبلية
واقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبليةواقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبلية
واقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبليةShamKarama
 
الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنة
الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنةالخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنة
الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنةShamKarama
 
الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عمل
الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عملالاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عمل
الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عملShamKarama
 

More from ShamKarama (20)

الطائفة النصيرية
الطائفة النصيريةالطائفة النصيرية
الطائفة النصيرية
 
الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية
الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيريةالباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية
الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية
 
النصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سوريةالنصيرية طغاة سورية
النصيرية طغاة سورية
 
أسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجويةأسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
أسماء المطلوبين للمخابرات الجوية
 
أسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسي
أسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسيأسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسي
أسماء المطلوبين لأمن الدولة والأمن السياسي
 
أسماء المطلوبين في مطار دمشق
أسماء المطلوبين في مطار دمشقأسماء المطلوبين في مطار دمشق
أسماء المطلوبين في مطار دمشق
 
Images from syria
Images from syriaImages from syria
Images from syria
 
Photos from syria
Photos from syriaPhotos from syria
Photos from syria
 
Syria that you dont know
Syria that you dont knowSyria that you dont know
Syria that you dont know
 
تقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سوريا
تقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سورياتقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سوريا
تقرير مجموعة الأزمات الدولية بشأن سوريا
 
دراسة عن الثورة السورية
دراسة عن الثورة السوريةدراسة عن الثورة السورية
دراسة عن الثورة السورية
 
العصابات الأسدية شخصيات سيكوباتية
العصابات الأسدية شخصيات سيكوباتيةالعصابات الأسدية شخصيات سيكوباتية
العصابات الأسدية شخصيات سيكوباتية
 
أيام منسية مع العصابة الأسدية
أيام منسية مع العصابة الأسديةأيام منسية مع العصابة الأسدية
أيام منسية مع العصابة الأسدية
 
نيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسيات
نيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسياتنيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسيات
نيغاتيف من ذاكرة المعتقلات السياسيات
 
صفحات مطوية مأساة حماة
صفحات مطوية مأساة حماةصفحات مطوية مأساة حماة
صفحات مطوية مأساة حماة
 
Human Rights Violations Committed by the Syrian Regime
Human Rights Violations Committed by the Syrian RegimeHuman Rights Violations Committed by the Syrian Regime
Human Rights Violations Committed by the Syrian Regime
 
The cult the twisted, terrifying last days of assad’s syria
The cult the twisted, terrifying last days of assad’s syriaThe cult the twisted, terrifying last days of assad’s syria
The cult the twisted, terrifying last days of assad’s syria
 
واقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبلية
واقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبليةواقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبلية
واقع المعارضة السورية والتحديات الراهنة والمستقبلية
 
الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنة
الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنةالخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنة
الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنة
 
الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عمل
الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عملالاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عمل
الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عمل
 

في أقبية فرع فلسطين

  • 1. ‫في أقبية فرع فلسطين‬ ‫نشرت صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن، في عدد الجمعة 31 – 70 – 1002م، مقابمة مع الرياضي الع اقي ىالل عبد الر اق‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫عمي (44 عاما)، والذي يحمل الجنسية البريطانية، وىو العب ك ة سمة محترف، شارك بالعديد من البط الت العربية واآلسيوية، تعاقد مع‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫نادي الجماىير الرياضي في حماة لإلش اف عمى فريق النادي لك ة السمة، اعتقل في سورية بتاريخ 32/7/0002، لوجود اسمو في دليل ىاتف‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫احد المتيمين، وبقي في السجن إلى أن ج عنو بتاريخ 02/6/1002، ىالل عبد الر اق رفض االستجابة لمتيديد بوجوب السكوت، وقرر أن‬ ‫ز‬ ‫أفر‬ ‫يؤدي األمانة التي حممو أياه المعتقمون ىناك، ليوصل معاناتيم إلى العالم، ونحن بدورنا يسرنا أن نعيد نشر المقابمة التي أج اىا د. بشير زين‬ ‫ر‬ ‫العابدين.‬ ‫الرياضي الع اقي هالل عبد الر اق علي يروي قصة معاناته في أشهر سجون دمشق‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫في سورية جريمة كبي ة ترتكب عالنية وبشكل جماعي، ولكن ال يجرؤ أحد أن يتحدث عنيا، ألن الخوض فييا ـ بعرف النظام ـ جريمة ي،‬ ‫أخر‬ ‫ر‬ ‫فخمف حاجز ىاب والخوف الجماعي الذي شيدتو أجي ة المخاب ات عبر أربعة عقود من الزمان؛ يقبع آالف المواطنين داخل السجون‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫اإلر‬ ‫عون مر ة الظمم والقير ويعانون من التعذيب اليومي ويسامون الذل واالضطياد والحرمان...‬ ‫ار‬ ‫السورية في عزلة كاممة عن العالم الخارجي يتجر‬ ‫ىم، بل إن كثير منيم قد فقد األمل بمقاء أىمو وأصبح ـ غم من وجوده ـ في عداد‬ ‫بالر‬ ‫اً‬ ‫أغمب ى الء ال يعرفون تيمتيم ال يعممون مصير‬ ‫و‬ ‫ؤ‬ ‫المفقودين.‬ ‫ىذه قصة شاىد عيان عمي الممارسات القمعية التي ترتكبيا أجي ة األمن في سورية ضد المواطنين، وقد وقعت أحداثيا خالل الفت ة‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫1002/6/22 ـ 0002/7/32، من عيد الرئيس الجديد بشار األسد الذي كان يتحدث قبل أيام قميمة من اعتقال صاحب ىذه القصة عن‬ ‫ي .إنيا ال تختمف كثير عن قصص آالف المعتقمين، ولكنيا تتميز بأن صاحبيا قد امتمك‬ ‫اً‬ ‫الحريات العامة و الشفافية و ك امة المواطن السور‬ ‫ر‬ ‫ج من الصمت ويتحدث عن معاناتو التي استمرت 11 شير في أقبية ع فمسطين .‬ ‫فر‬ ‫اً‬ ‫الج أة ليخر‬ ‫ر‬ ‫تعريف‬ ‫ج من سيدة سورية ولديو أربعة أطفال. يعرفو الكثير من‬‫السيد ىالل عبد الر اق عمي ع اقي األصل من مواليد مدينة كركوك عام 7591 متزو‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫الرياضيين؛ فيو العب ك ة سمة محترف شارك في العديد من البط الت العربية واآلسيوية... يتحدث باعت از عن مواىبو والشيادات التي‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫حصل عمييا كمدرب لك ة السمة من أمريكا وايطاليا. يعيش ىالل عمي منذ فت ة طويمة مع أسرتو في بريطانيا، حيث كان يعمل مدير مبيعات‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫في إحدى الشركات العقارية في مدينة لندن، وكمما حانت فت ة الصيف كان يصطحب زوجتو وأطفالو إلي مدينة حماة لقضاء اإلجا ة مع‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫أقاربيم ىناك. في ىذه األثناء توثقت عالقة ىالل مع عدد من الرياضيين الذين تعرفوا عميو أثناء مشاركتيم في البط الت الدولية، وعندما‬ ‫و‬ ‫عممت إدا ة نادي النواعير في مدينة حماة (أصبح اسمو فيما بعد نادي الجماىير) بخبرتو الطويمة في مجال التدريب تعاقدوا معو لإلش اف‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي صفحات الرياضة في‬‫عمي فريق ك ة السمة لدييم، عان ما صعد النادي إلي الدرجة األولي ألول م ة منذ 31 عاماً مما شد انتباه محرر‬ ‫ر‬ ‫وسر‬ ‫ر‬
  • 2. ‫جريدة الفداء بحماة، وظيرت صور المدرب ىالل عمي خالل شير آذار (مارس) عام 0002 كذلك في جريدة الرياضة األسبوعية، وفي جريدة‬ ‫الثو ة التي أجرت معو مقابمة مطولة حول تاريخو الرياضي.‬ ‫ر‬ ‫كان ىذا النجاح سبباً في تفكير ىالل باإلقامة في سورية لتطوير فريقو الذي أصبح ينافس عمي المركز األول في جة األولي عمي مستوي‬ ‫الدر‬ ‫القطر، ولذلك فقد تقدم بطمب اإلقامة لمدة سنة وأرسل أو اقو إلي مديرية األمن العام.‬ ‫ر‬ ‫ع فقد كان من الصعب أن يقتنع الناس بأن ذلك الشبح الذي غارت عيناه في‬‫ىنا يتوقف السيد ىالل عن الحديث، وقد اغرورقت عيناه بالدمو‬ ‫وجو شاحب قد كان رياضياً في يوم من األيام. كان ىناك تعارض كبير بين وضعو الصحي وتاريخو الرياضي؛ فقد اصفر وجيو وظيرت‬ ‫عميو التجاعيد، مع أنو ال ي ال في ريعان الشباب، وفقد أكثر من 54 كيمو غ اماً من وزنو وأصبح ظي ه محنياً ألنو لم يكن قادر عمي التمدد‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫طوال ستة شيور.‬ ‫إنو يحتاج لسنوات طويمة حتى يسترجع صحتو، أما اآلالم النفسية فإنيا تالزمو بشكل دائم ال يعمم إن كان سيستطيع التخمص منيا في يوم من‬ ‫و‬ ‫األيام، فيو يعاني من فقدان التركيز، ويعاني كذلك من النسيان المزمن الذي كان حمة لو كمما تذكر أبناءه وأقاربو في السجن االنف ادي.‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ـ سألتو: ماذا حصل بعد تقدمك بطمب اإلقامة؟‬ ‫تذكر بأنو كان يروي قصة اعتقالو، وعاد ليقول:‬ ‫· المخاب ات العسكرية بحماة‬ ‫ر‬ ‫في يوم األحد 0002/7/32 اتصل بي شخص من إدا ة المخاب ات العامة وطمب مقابمتي بخصوص أو اق اإلقامة التي تقدمت بـيا، فقابمتو‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي وطمبوا مني م افقتيم‬ ‫ر‬ ‫في النادي حيث طمب مني جواز ي وىوية زوجتي، وفي ىذه األثناء وصل ستة عناصر مسمحين من األمن العسكر‬ ‫سفر‬ ‫ىم، وعندما ىممت بصعود السيا ة خ ابني عبد اهلل:‬ ‫ر صر‬ ‫فامتثمت ألمر‬ ‫وين ايح بابا؟‬ ‫ر‬ ‫لم أكن أممك إجابة واضحة ولكن أحد المسمحين ع باإلجابة عني:‬ ‫تطو‬ ‫ـ بابا بده يغيب شي ساعتين زمان و اجع .‬ ‫ر‬ ‫صاحبت العناصر إلي مركز المخاب ات العسكرية بحماة والذي يت أسو العميد أحمد حموم وىو عبا ة عن ثالثة طوابق دونـيا بوابة كبي ة ال‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ىا أي عما ات ي في الطريق إلي دمشق، وعندما توقفت السيا ة ترجمنا منيا وأدخمني المسمحون إلي غرفة مقف ة ال توجد فييا غير‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر أخر‬ ‫تجاور‬ ‫طاولة واحدة، وبقيت أنتظر لفت ة طويمة وأفكر في سبب وجودي ىنا، فقبل أيام قميمة داىمت المخاب ات منزل أحد أقارب زوجتي لعالقة كانت‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫تربطو برجل كردي اسمو (ج) اعتقل بسبب نشاطو في صفوف الشباب في مدينة حماة، ولكنني لم أكن أعرف المدعو (ج) ولم أكن أعمم أي‬ ‫شيء عن نشاطو، بل كان اىتمامي محصور بالتدريب في نادي النواعير وكثير من تالميذي أعضاء في حزب البعث وأجي ة األمن، ولم يكن‬ ‫ز‬ ‫اً‬ ‫ي في ىذه الغرفة قد يكون بسبب تشابو في األسماء أو خطأ وقع فيو‬‫لدي كثير من المعارف في مدينة حماة. ثم أخذت أفكر ىة بأن احتجاز‬ ‫لبر‬ ‫أحد المخبرين فمم أرتكب ـ في عممي ـ أي مخالفة لمقانون، وترجح الظن لدي بأنيم يريدون أن يسألوني عن قريب زوجتي المدعو (أ). في ىذه‬
  • 3. ‫األثناء كان الح اس يستفزونني بحمل أسمحتيم وينظرون إلي بأعين ممؤىا التحدي واالستخفاف. ثم انقطع الصمت الطويل بدخول جل متوسط‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫الطول لو شارب كبير، يمبس زياً مدنياً وقد عممت فيما بعد أنو العميد محمد الشعار.‬ ‫نظر إلي العميد بازد اء ثم سأل الح اس:‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫· ىادا ىو ىالل؟‬ ‫· فقالوا: نعم سيدي‬ ‫· عند ذلك سألني بفظاظة: بتعرف (ج)؟‬ ‫· فأجبتو: ال ما بعرف (ج) .‬ ‫ثم ج دون تعميق وبقيت أنتظر حتى طمبني العميد إلي مكتبو الواسع، فجمست قريباً منو، ولكنو انتيرني بعنف وأمرني بالجموس بعيداً عنو‬ ‫خر‬ ‫في آخر الغرفة فامتثمت، وجمست حيث أ اد. ثم أومأ إلي الح اس فأدخموا قريب زوجتي وىو يرتجف من شدة الخوف، وقد قيدت يداه وغطيت‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫عيناه بقماشة (يسمونيا طماشة)، ودار بينيما الحوار التالي:‬ ‫· ـ بتعرف ىالل؟‬ ‫· ـ نعم سيدي‬ ‫· ـ شو عالقتو بـ (ج)‬ ‫· ـ مالو عالقة سيدي‬ ‫· ـ طمعوه لب ه‬ ‫ر‬ ‫ي ىنا؟‬‫ي، وقمت لو ليس لي أي عالقة بالمدعو (ج) فما ىو الداعي الحتجاز‬‫وىنا التفت إلي الضابط وقد نفد صبر‬ ‫فقال لي بأنني لست الشخص المطموب، ولكنني سأبقي عندىم الميمة الستكمال التحقيق، فذكرتو بأن لدي أطفاالً وأقارب وىم قمقون عمي ال‬ ‫و‬ ‫يعرفون مكان وجودي اآلن، فمم يزد أن قال: اتفضل وبك ة منشوف شو بيصير‬ ‫ر‬ ‫وفي حركة سريعة اقتادني الح اس ج الغرفة وقيدوا يدي وأخذوني إلي سجن ع حيث استقبمني سجان عب اسمو عم ان، وكان صوتو‬ ‫ر‬ ‫مر‬ ‫الفر‬ ‫ر خار‬ ‫خ في وجيي بقصد التخويف: حقير... وقف منيح ال ، ثم جرني إلي الزن انة المنفردة رقم (4)، وأقفل من خمفي الباب.‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫غاية في الخشونة فصر‬ ‫تمفت حولي فإذا ىي زن انة ضيقة في غاية القذا ة وفييا مرحاض تنبعث منو روائح كريية، فجمست عمي األرض وقد أسقط في يدي وعدت‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫أسترجع الساعات األخي ة التي مرت عمي كأنـيا كابوس عج وكمي أمل أن تنتيي في الصباح.‬ ‫مز‬ ‫ر‬ ‫كانت ىذه ىي الم ة األولي التي أسجن فييا، فقد أمضيت اغمب حياتي في المالعب وفي طريق االحت اف، بل إنني لم أذىب م ة واحدة إلي‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫مركز شرطة ولم يكن لدي أي سبب لمخالفة القانون أو ارتكاب الج ائم، فقد كنت ميسور الحال وعندي أربعة أطفال غب في تربيتيم أحسن‬ ‫أر‬ ‫ر‬ ‫تربية، وأخذت اليواجس تنتابني حتى غمبني النوم فافترشت األرض والتحفت بطانية قذ ة ونـمت حتي الصباح. في صباح يوم االثنين‬ ‫ر‬
  • 4. ‫0002/7/42، ابتدأ مسمسل عب الذي استمر دون توقف لمدة 11 شير فقد استيقظت عمي أصوات مختمطة من الضرب والشتائم واألنين‬ ‫اً‬ ‫الر‬ ‫واالستغاثة، وعممت بأنيا أول نوبات التعذيب الوحشي الذي كان يتعرض لو المعتقمون داخل ع. كان السجانون يأتون في الصباح الباكر‬ ‫الفر‬ ‫ويفتحون أبواب الزنازين بعنف ويخرجون ضحاياىم مقيدين ومغمضي العيون ثم يسوقونيم كالخ اف وأنا أنظر إلييم، وقد ارتعدت مفاصمي من‬ ‫ر‬ ‫ىم وسائر أنحاء الجسد دون تمييز، ويرتفع صوت الجالدين وىم يكررون‬ ‫شدة عب، ثم يبدأ الجمد باألسالك الكيربائية (الكيبالت) عمي ظيور‬ ‫الر‬ ‫نفس األسئمة: مين بتعرف؟ ، شو عالقتك بفالن؟ ، إيـمتي شفتو؟ . وأخذت أفكر كيف كان اعتقالي مثل اعتقال الكثير من ى الء؛ بناء عمي‬ ‫ؤ‬ ‫دليل الياتف الذي عثروا عميو عند قريب زوجتي فاتصموا بي وأحضروني إلي ع، ىذه الطريقة الجائ ة نفسيا ىي التي أودت بحياة كثير من‬ ‫ر‬ ‫الفر‬ ‫األبرياء وغيبتيم لسنوات طويمة في غياىب السجون ال لجرم إال أنـيم وجدت أسماؤىم وأرقام ىواتفيم مكتوبة في دليل أحد المشبوىين.‬ ‫جني من الزن انة و طمش عيني وقيدني وجرني‬ ‫ز‬ ‫كنت أنتظر أن يأتي الجالدون ويأخذونني إلي التعذيب في أي لحظة، وبالفعل جاء أحدىم فأخر‬ ‫إلي غرفة التحقيق حيث دخل أحد المحققين وأمر بفك القيد عني وأعطاني ورقة وقمماً ألكتب قصة حياتي كاممة! وعندما كتبت لو قصة حياتي‬ ‫تناول األو اق وأخذ يصحح ويشطب عمي بعض السطور، ويضيف من عنده فاعترضت عمي ىذا األسموب، وعند ذلك قال لي:‬ ‫ر‬ ‫بدك تعممني شغمي؟‬ ‫ج من الغرفة ثم عاد ليخبرني بأن العميد قد عج إلصر ي عمي عدم االعت اف، فأخبرتو بأنو ليس لدي ما أعترف بو، وىذا ما عندي،‬ ‫ر‬ ‫ار‬ ‫انز‬ ‫وخر‬ ‫فأمرني أن أبصم عمي ما كتبت، ثم عاود السؤال عمي (أ) م ة ي عن عالقتي بالمدعو (ج) فأجابو بأنو ليس ىناك أي عالقة، وعندما‬ ‫ر أخر‬ ‫تأكدوا من ذلك أعادوني إلي الزن انة المنفردة وجمست ىناك لمدة ثمانية أيام لم يكممني فييا أحد. كان التعذيب يبدأ يومياً من الساعة الثامنة‬ ‫ز‬ ‫صباحاً ويتوقف عند الثانية، ثم يبدأ م ة ي في الثامنة مساء حتي الحادية عش ة، ومع أنني لم أتعرض لمتعذيب فإن خات المعتقمين‬ ‫صر‬ ‫ر‬ ‫ر أخر‬ ‫وأنينيم كانت أشد من لسع السياط التي تصدر صفير عباً قبل أن تحط عمي ظيور المساجين وىم يئنون من شدتيا، ومع أنني كنت‬ ‫اً مر‬ ‫خ‬‫متماسكاً فقد الزمتني حالة عجيبة من اليمع، خاصة عندما أصيبت إحدي السجينات في زن انتيا االنف ادية بانـييار عصبي وأخذت تصر‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫بأعمي صوتيا قبل أن ينقموىا إلي المستشفي.‬ ‫وفي يوم السبت 0002/7/92 جاء رئيس المحققين في ع ال ائد غسان الجواد وأخذ يمر عمي الزنازين وينظر إلي المساجين بداخميا حتى‬ ‫الفر ر‬ ‫وصل إلي زن انتي ففتح الباب وقال لي:‬ ‫ز‬ ‫ابني نحنا عارفين أنك يء ومنتظرين خبـر من الشام حتى ج عنك اليوم أو بك ة .‬ ‫ر‬ ‫نفر‬ ‫بر‬ ‫وعرض عمي االنتقال إلي السجن الجماعي ففرحت لذلك وشكرتو، ثم نقموني إلي حيث أشار فوجدت نفسي مع خمسة من المساجين وأخذنا‬ ‫نتبادل أط اف الحديث فسألت كل واحد منيم عن تـيمتو، واليكم الج ائم التي ارتكبوىا:‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ـ كان األول قد امتنع عن التصويت لبشار األسد في انتخابات الرئاسة فجروه إلي السجن وأخذوا يضربونو ضرباً حاً لتمرده!‬ ‫مبر‬ ‫ـ أما الثاني فقد ورد في إحدى تقارير المخاب ات أنو قال: أىل حمب وحماة قبضايات، ألنيم قاوموا ، كان شاباً صغير ولم يكن سنو قد تـجاوز‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫أربع سنوات عندما اندلعت أحداث حماة، ومع ذلك فكان يتعرض لمصعقات الكيربائية حتى يعترف بالذي عممو ىذا الكالم!‬
  • 5. ‫ـ وتـحدث الثالث بـحزن عن مكالمة ىاتفية دارت بينو وبين أقاربو قال فييا بأنو سيذىب إلي القرداحة في وفد رسمي لزيا ة قبر الرئيس ال احل،‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ولما سألو قريبو ماذا سيمبس، أجاب: كمسون أحمر ، ولم يكن يعمم بـم اقبة المخاب ات لمكالمـتو الـياتفية فاعتقل في ذلك اليوم. وكان الجالدون‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ينفذون تعيدىم لو بتحويل لون كمسونو إلي األزرق من شدة التعذيب حتي يتوب!‬ ‫ـ وكان ال ابع مسجوناً بسبب العثور عمي جياز لمتنقيب عن اآلثار في أرض يممكيا.‬ ‫ر‬ ‫ـ واتيم الخامس ببيع السجائر الميربة.‬ ‫كانوا قد تعرضوا جميعاً لشتي أصناف التعذيب من الجمد والصعق الكيربائي، أما أنا فقد نـجوت من التعذيب ربـما بسبب توسط إدا ة النادي‬ ‫ر‬ ‫لصالحي.‬ ‫بعد ثالثة أيام في السجن الجماعي أخبرت بوصول البرقية من دمشق، وكنت أترقبيا عمي أحر من الجمر حتى أعود ألطفالي الذين افتقدوني‬ ‫ولم يعمموا أين ذىبت، عان ما تالشت آمالي عندما أخبرني المحقق بأنني قد طمبت في الشام وأن عمي الذىاب إلي ىناك الستكمال‬ ‫وسر‬ ‫التحقيق.‬ ‫عند ذلك جت مقيداً مع ثالثة آخرين وأركبونا داخل سيارتين في كل واحدة منيا أربعة عناصر مسمحين ببنادق كالشنكوف، ولما وقع ال ائد‬ ‫ر‬ ‫أخر‬ ‫عمي أو اق تسميمنا بعد طول انتظار تحركت السيارتان باتجاه دمشق، وكان عمينا أن نخفض رؤوسنا طول الرحمة، وكمما رفع الواحد منا أسو‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫كان الحارس ييوي عمي رقبتو بكل ما أوتي من قوة ويقول: نزل اسك ولك كمب ، وبقينا عمي ىذه الحالة حتي وصمنا إلي ع فمسطين.‬ ‫فر‬ ‫ّ ر‬ ‫· فرع فلسطين‬ ‫توقفت السيارتان عند بوابة كبي ة وسط سور عال، وانطمقت لمسافة 07 متر عندما استطعت أن ألـمح عمارتين كبيرتين، ثم اعترضتنا بوابة‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫ي استوقفنا عندىا الحرس وجردوا رجال األمن من أسمحتيم، ثم أنزلونا نحن األربعة من السيارتين وأدخمونا إلي مكتب مدير السجن وىو‬‫أخر‬ ‫رجل بذيء المسان ممتمئ الجسم حنطي المون برتبة مساعد أول، اسمو أحمد، ويـمتاز بصوت شديد الخشونة. تفرس فينا المدير بنظ ات ممؤىا‬ ‫ر‬ ‫خ فجأة: وقف منيح ال حمار ... ثم أمر بنقمنا إلي غرفة مجاو ة، حيث جمسنا ننتظر ونحن نعاني من حر ة الشمس وكث ة‬ ‫ر‬ ‫ار‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫الحقد وصر‬ ‫الص اصير، فطرقت الباب وطمبت أن أذىب إلي الخالء فأجابني أحد الح اس ىازئاً: استني شوي اح نحولك عالـميريديان !‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫بقينا ننتظر أربع ساعات بطوليا ثم دخل عمينا رجل ال يقل خشونة عن مدير السجن ليكتب بياناتنا الكاممة، ويأخذ أغ اضنا إلي صندوق‬ ‫ر‬ ‫األمانات، وعندما وصل إلي دار بيننا الحوار التالي:‬ ‫· ـ شو اسمك ال؟‬ ‫و‬ ‫· ـ ىالل عبد الر اق عمي‬ ‫ز‬ ‫· ـ شو جنسيتك؟‬ ‫· ـ جنسيتي ال أصمي؟‬ ‫و‬ ‫· ـ جنسيتك ولك كمب‬
  • 6. ‫· ـ بريطاني‬ ‫فسكت لب ىة ثم ذىب إلي مكتب المدير الذي استدعاني إلي مكتبو م ة ي وسألني:‬ ‫ر أخر‬ ‫ـر‬ ‫· ـ شو جنسيتك ال؟‬ ‫و‬ ‫· ـ بريطاني‬ ‫· ... م ..ك، أنت ع اقي ، ثم خاطب الح اس: نزلوا ىالكمب عمي المنفردة (11) !‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي وقمت لو: أي منفردة؟ وما ىي تيمتي، ولماذا تعاممونني بيذا األسموب؟‬‫· عند ذلك فقدت صبر‬ ‫خ بأعمى صوتو: ولك خدو ىالحمار عمي المنفردة (11) ، ولم يكد ينتيي من عبارتو حتي ىجم عمي عدد من الح اس‬ ‫ر‬ ‫ففوجئت بو يصر‬ ‫خون بي: نزل اسك ال ، خميك ماشي عالحيط ، وأنزلوني بالساللم إلي القبو حيث أيت عدداً من‬ ‫ر‬ ‫ر و‬ ‫وجروني بعنف ج المكتب وىم يصر‬ ‫خار‬ ‫األبواب الحديدية عمي جانبي الممر، وكانوا يركضون أمامي وخمفي حتى انتيينا إلي آخ ه ففتحوا أحد ىذه األبواب ورموني في المنفردة (11).‬ ‫ر‬ ‫· المنفردة (11)‬ ‫أطرق السيد ىالل عمي لفت ة وحاول أن يفيمني بجمل مبعث ة بأن كل الذي حكاه لي كان مقدمة قصي ة لفصول المعاناة الطويمة التي أمضاىا‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫في الزن انة المنفردة لستة أشير متوالية. كان طول الزن انة 081 سم وعرضيا 08 سم تنبعث منيا ائحة كريية ال تصل إلييا سوي كمية‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫ضئيمة من التيوية والنور، ولذلك فقد أصبحت مرتعاً لمقمل والص اصير. ألن طول ىالل 091 سم فمم يكن قادر عمي التمدد لمدة ستة أشير‬ ‫اً‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫فانحني ظي ه وأصبح يمشي مشية عجوز تجاوز الثمانين من العمر.‬ ‫ر‬ ‫كان يتذكر األحداث بصعوبة ألنو يريد أن ينسي ىذه الحقبة السوداء من حياتو، ولكن أنين المعذبين ومعاناة المعتقمين كانت تدفعو ألن‬ ‫خ أصحاب الضمائر الحية لممساعدة في رفع المعاناة عن مئات‬‫يستحضر كل شاردة وواردة ألنو عاىدىم أن يخبر العالم بـما آه ويستصر‬ ‫ر‬ ‫المساجين الذين تم اعتقاليم ـ مثمو ـ عن طريق دليل الياتف دون سابق تيمة أو اشتباه.‬ ‫ارتـمي ىالل عمي أرض الزن انة وجمس عمي بطانية رطبة نتنة، وأخذت اليواجس تتالعب بو، فتذكر رحمتو البائسة من حماة إلي دمشق،‬ ‫ز‬ ‫وطول االنتظار في ع فمسطين وخشونة التعامل التي لقييا من الح اس. لقد أصبح اسمو من اآلن فصاعداً: منفردة (11) والويل لو إذا ذكر‬ ‫ر‬ ‫فر‬ ‫اسمو الحقيقي، وصار بين عشية وضحاىا سجيناً مسموب اإل ادة ال يممك من أم ه شيئاً، بل إنو فقد اسمو وأصبح رقماً آخر في عداد‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ج عنو حال تبين ىذا الخطأ، ولكن لم يكن لديو أي قرينة تدعوه إلي‬‫المفقودين داخل ع فمسطين. لقد الزمو الشك بأن ىنالك خطأ ما وسيفر‬ ‫فر‬ ‫التفاؤل ... وبقي عمي ىذه الحالة من التفكير العميق حتي غمبو اإلعياء فتكوم في أرض الزن انة ونام.‬ ‫ز‬ ‫· أول يوم في االنف ادية:‬ ‫ر‬ ‫ى ولم أكن أعرف نظام السجن بعد، فطرقت الباب طرقاً متتالياً حتى جاءني‬‫استيقظت وقد قرصتني حش ة في وجيي فتورمت عيني اليسر‬ ‫ر‬ ‫سجان ضخم اسمو المعمم حسن، ففتح الباب وقال: شو بدك ال؟ ، فقمت لو: شوف عيني ، فنظر نظ ة لم تكن تبعث عمي االطمئنان، وقال‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫لي: قرب ال، وعندما اقتربت منو سدد لكمة قاسية عمي عيني اليمني فسقطت عمي أرض الزن انة من شدة األلم، وأقفل الباب و ائي وىو يتمتم‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫و‬
  • 7. ‫بأقذع الشتائم. ولم ينقض اليوم األول حتي عرفت نظام السجن كامالً، فمم يكن لنا أي حق في طرق األبواب، وكانت الفرصة الرئيسة‬ ‫لمسجانين كي يشفوا عتيم السادية ىي ج المساجين من الزنازين االنف ادية إلي الخالء... كان ىناك 91 زن انة منفردة و4 مزدوجة وكان‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫خرو‬ ‫نز‬ ‫يتناوب 24 سجيناً عمي حمامين ثالث م ات في اليوم فيخرجنا الح اس واحداً واحداً بالركل والجمد ولم يكن يسمح لمواحد منا أن يبقي أكثر من‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫نصف دقيقة في بيت الخالء. ال بد من االعت اف بأنني عندما جت لمم ة األولي أكمت نصيباً وافر من الركل والمكم من قبل المعمم حسن،‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫خر‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫خ في وجيي خة منك ة قائالً:‬ ‫ر‬ ‫صر‬ ‫ولم أكن أجد أي مبرر لذلك فاعترضت بصوت مرتفع وذكرتو بأنني إنسان مثمو، فصر‬ ‫اً‬ ‫ـ خ اس ولك كمب، ىمق بخميك تاكل الخ ـ تبعك !‬ ‫ر‬ ‫وبسبب ىذا التضييق وانعدام الماء والصابون فقد أصيب أكثرنا بالبواسير وكانت الدماء تغطي حاض، واذا تأخر الواحد منا في الخالء كان‬ ‫المر‬ ‫ج بالقوة ويجر إلي زن انتو بالركل والضرب. كانت كل زن انة انف ادية قد زودت بوعاء (طاسة) لألكل والشرب، وبسبب األذي الذي كان‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫يخر‬ ‫يصيبنا من السجانين في دخول الخالء فقد اضطر الكثير منا لقضاء الحاجة في طاستو كمما اشتد المرض عميو، ثم يغسميا ويعاود استخداميا‬ ‫لطعامو من جديد.‬ ‫جة األولي فمم أكن أتعرض لوجبات التعذيب التي كانت من نصيب السجناء اآلخرين، ولكن سماع أصوات المعذبين‬‫ألنني لم أكن متيماً بالدر‬ ‫و‬ ‫كان أشد إيالماً عمي النفس من وقع السياط في كثير من األحيان. كانت نوبات التعذيب تبدأ في الساعات المبك ة من الصباح وتستمر حتي‬ ‫ر‬ ‫الواحدة والنصف وىناك نوبة ليمية تبدأ من السابعة مساء حتي العاش ة، وقد تستمر حتي الثالثة بعد منتصف الميل. كنا نسمع شتائم الجالدين‬ ‫ر‬ ‫واستغاثة المعذبين وتوسالتيم، وكنا نـميز طريقة التعذيب من تتابع أنين المعتقمين الذين يخضعون لمتعذيب بواسطة الكرسي األلماني الذي‬ ‫ي، والتعميق من أيدييم وضربـيم عمي سائر أنحاء الجسد وىم ع اة، وكذلك الجمد باألسالك الكيربائية السميكة.‬ ‫ر‬ ‫ييشم العمود الفقر‬ ‫الزمتني حالة عب شديد وكنت أخاف أن يأتي الجالدون في أي لحظة ويجرونني إلي غرفة التعذيب، وكمما سمعت وقع أقدام بالقرب من‬ ‫ر‬ ‫زن انتي كانت ترتعد ف ائصي، حتي أمضيت 11 يوماً عمي ىذه الحالة، ولم يفتح باب زن انتي خالل ىذه الفت ة إال لدخول الخالء. كنت أنام‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫وأجمس عمي البطانية المتعفنة بفعل الرطوبة وانعدام التيوية حتي اسودت مالبسي وأصابتني االلتيابات الجمدية واألو ام، حتي إن السجانين‬ ‫ر‬ ‫كانوا يتأففون من ائحتي كمما مروا بالقرب من زن انتي، ولم تجد توسالتي ليم بتغيير تمك البطانية القذ ة. بعد انقضاء اليوم الحادي عشر في‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫المنفردة جاء الجالدون وأصعدوني إلي غرفة التحقيق مطمشاً ، ثم دخل أحد المحققين فأمر بفك الطماشة، وأعطاني ورقة وقمماً ألكتب قصة‬ ‫حياتي من جديد! وعندما انتييت من الكتاب ة ابتسم المحقق وبشرني بأنني لن أبقي في ع عندىم أكثر من أسبوعين، جوتو أن يأمر بنقمي‬ ‫فر‬ ‫الفر‬ ‫إلي المياجع الجماعية ألنني لم أعد أحتمل السجن االنف ادي، فطمب مني الصبر، وقال لي: المنفردة أحسن لك. ثم جعت عمي نفس الييئة‬ ‫أر‬ ‫ر‬ ‫التي أتيت بيا إلي زن انتي المنفردة، ومكثت بيا الشيور الستة التالية دون أن يكممني أحد أو يحقق معي من جديد.‬ ‫ز‬ ‫كنت مريضاً بالقولون وأعاني من مرض الربو المزمن، وانتشرت الحساسية في جسدي كمو، ومع ذلك فقد كان العالج ممنوعاً عنا طوال فت ة‬ ‫ر‬ ‫ي طوال ىذه‬‫السجن. ونتيجة لممرض وفقدان الشيية فقد انخفض وزني 54 كيمو، وطال شاربي حتي غطي فمي، ولم يسمح لي بحمق شعر‬ ‫الفت ة سوي م ة واحدة، أما المحية فكانت تحمق أسبوعياً ولكن قص الشارب كان ممنوعاً، وكانت الحالقة من أبرز المناسبات عند الجالدين‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫لممارسة ىواية التعذيب، فكانوا يضربون المساجين عمي رؤوسيم ورقابيم والويل لمن يجرؤ عمي فتح عينيو أثناء الحالقة. وباإلضافة إلي ىذه‬ ‫الحالة المزرية فمم يكن يسمح لنا باالغتسال أكثر من م ة كل شيرين وكانت المياه حا ة في الصيف شديدة البرودة في الشتاء، أما المالبس فمم‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫يسمح لنا غسميا سوي مرتين طوال فت ة السجن االنف ادي، ولذلك فقد تشققت بفعل ت اكم العرق وكث ة الضرب.‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
  • 8. ‫كان الكالم ممنوعاً طوال الوقت، وأي محاولة لق اءة الق آن كانت تقمع بأسموب وحشي، وذات م ة تشجع السجين في منفردة (71) بق اءة‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ح وىو يقول لو: واهلل ما تعيدىا م ة ثانية لشخ بتمك ، وكذلك‬ ‫ر‬ ‫بعض السور، ولما سمعو السجان حسن اقتحم عميو زن انتو وتناولو بالضرب المبر‬ ‫ز‬ ‫كان نصيب السجين الذي أخذتو العب ة وىو يمح في الدعاء فسمعو أحد السجانين وأخذ يضربو عمي سائر أنحاء جسده ويقول لو: إذا سمعتك‬ ‫ر‬ ‫عم تدعي م ة ثانية لح أكسر اسك يا عرص .‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫أما أنا فقد دفعت ثـمن عتي اإلنسانية غالياً، عندما سمعت استغاثة مخنوقة من ام أة مصابة بالربو في ميجع النساء فطرقت باب زن انتي‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫نز‬ ‫خ: شو بدك ال كمب ، فأعطيتو بخاخ الربو الذي أحضرتو معي من حماة وقمت لو أعطو لمم أة‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫حتي سمعت وقع أقدام السجان حسن وىو يصر‬ ‫المسكينة، ولم أكد أنتيي من قولي ىذا حتي لكمني عمي أسي ثالث لكمات أسقطتني عمي األرض وتتابعت بعدىا الركالت والشتائم المقذعة،‬ ‫ر‬ ‫ولم أعد أعي شيئاً حولي إال أنني سمعت المعمم حسن يقفل باب الزن انة وىو يقول: ولك عامل حالك شريف يا عرص، نحنا ما عنا إنسانية‬ ‫ز‬ ‫ىون !‬ ‫خ في أول الممر: يا كالب ... األكل اليوم (ويمد الواو)‬‫أما صيغة اإلعالن عن وصول الطعام فمم تكن تتغير أبداً... كان السجان رفيق يصر‬ ‫شوربة ورز ... كل واحد يدير وجيو عمي الحيط ... والمي بشوفو مو داير وجيو لح (فعل قوم لوط) . كان الطعام غاية في القذا ة وسوء‬ ‫ر‬ ‫الطبخ، وكنا نأكل مرق الدجاج دون أن ي الدجاج ألن السجانين ومساعدي مدير السجن كانوا يأخذونو قبل أن يصل إلينا، وكثير ما كنت‬ ‫اً‬ ‫نر‬ ‫ي عن الشوربة والمرق وأشربـيا، أما إذا كانت الوجبة بطاطس مسموقة، أو إذا قدم لنا التفاح (في المناسبات)‬‫أرفع الص اصير والحش ات األخر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي فوق‬‫ع. وكان السجانون يخبئون الفواكو والخبز الطر‬‫فكانوا يرمونو عمي رؤوسنا الموجية نحو الجدار، وكنا نحظي ببيضتين طوال األسبو‬ ‫سقف المنفردة (1) إلخفائيا عن المدير ويأخذونيا معيم بعد انتياء الدوام.‬ ‫كنا نعاني من البرد الشديد في الشتاء ومن الحر ة الخانقة في فصل الصيف ولم تتغير البطانيات القذ ة التي ورثناىا عن السجناء قبمنا طوال‬ ‫ر‬ ‫ار‬ ‫فت ة اإلقامة في السجن االنف ادي. وباإلضافة إلي انتشار القمل والص اصير، فقد كنا نعاني كثير من الجرذان التي كانت تقتحم عزلتنا ىرباً من‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫القطط الجائعة التي كانوا يرسمونيا لمقضاء عمي ىذه الجرذان، وكثير ما كانت القطط تظفر بصيدىا في فتحات التيوية ونعمم بوفاة الجرذ حين‬ ‫اً‬ ‫يتقاطر دمو عمي رؤوسنا ونحن نيام .‬ ‫ـ ابتسم ىالل عندما سألتو كيف كان يقضي وقتو في السجن االنف ادي لمدة 081 يوماً متواصمة، وقال لي بأن: الشير في الزن انة مثل‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫الشيرين والثالثة واألربعة... تمر الساعات الطويمة ويتعاقب الميل والنيار ونحن عمي حالنا. كنت أقاوم وأبحث في خمجات نفسي عن بصيص‬ ‫أمل وأعد األيام عن طريق الحفر عمي حائط الزن انة، ال أنسي عندما دخمت عمي ف اشة فأنست ليا كثير وأخذت أكمميا وىي ال تجيب، وقد‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫ز و‬ ‫خ بأعمي صوتي: لماذا تفعمون بي ىكذا؟ ما ىي تـيمتي بالتحديد؟ أنا ضيف عندكم في ىذه البمد‬‫أصبت عدة م ات بيياج عصبي وكنت أصر‬ ‫ر‬ ‫أىذه ىي الطريقة التي تعاممون بيا الضيوف؟‬ ‫وكنا نختمس الساعات التي ينام فييا السجانون في آخر الميل فنتكمم فيما بيننا ىمساً، وبـيذه الطريقة استطعت التعرف عمي عدد من المساجين‬ ‫في االنف ادية، وكنت آنس لمحديث إلييم كثير.‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫· من قصص الزنازين المنفردة‬
  • 9. ‫ىم لمدة ستة أشير، فكان يتذكر بحزن شديد معاناة السجين في الزن انة‬ ‫ز‬ ‫طمبت من ىالل أن يحدثني عن بعض السجناء االنف اديين الذين جاور‬ ‫ر‬ ‫ج إلي الخالء، فقد كان يأم ه أن‬ ‫ر‬ ‫رقم (91)، ومن سوء المعاممة التي لقييا من السجان (محمد) الذي كان يستمتع بضربو كمما جاء دو ه لمخرو‬ ‫ر‬ ‫يضع يديو خمف ظي ه ويغمض عينيو ويرفع أسو ... ثم تتردد أصداء صفعة قوية تنخمع ليا قموبنا، ولكن السجان اآلخر في نوبتو (رفيق)‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫كان يضحك ويقول لو: محمد ... ما سمعت !، فيتميز محمد غضباً ويشتم السجين قائالً: يمعن أبوك يا ابن الكمب، ولك شمون ىيك بتخجمني‬ ‫قدام صحابي؟ ، ويصفعو صفعة ي ال تعجب صاحبو (رفيق) فيأتي ىو ويقوم بنفس الطقوس السابقة، فيأمر السجين بوضع يديو خمف‬ ‫أخر‬ ‫ظي ه، واغماض عينيو ورفع أسو فيمتثل وىو يئن من شدة األلم، ثم يصفعو صفعة أشد من سابقتييا، ويضحك رفيق ضحكة المنتصر ويقول:‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ىيك بدي ياك... ح شخ . وكانت ىذه العممية تتكرر مع عدد من المساجين كمما جاء ىم لدخول الخالء.‬ ‫دور‬ ‫رو‬ ‫ي ولم يكن يستطيع النوم دون أن يأخذ إب ة في المساء، وكان المسكين يتوسل إلييم‬ ‫ر‬ ‫ـ أما السجين في المنفردة (31) فكان مصاباً بـمرض السكر‬ ‫يومياً لعدة ساعات أن يأتوه باإلب ة ولكن السجانين كانوا يتعمدون التأخر عن ذلك، ثم يأتي أحدىم آخر المطاف مصر عمي أن يعطيو اإلب ة‬ ‫ر‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫بنفسو فنسمع خات شديدة من ج اء الطعنة التي يمقاىا من السجان وىو يقول لو: خود... يمعن أبوك عرص ، وقد استمرت ىذه المأساة‬ ‫ر‬ ‫صر‬ ‫بصفة يومية طول إقامتي في السجن االنف ادي.‬ ‫ر‬ ‫ـ المنفردة (61) كانت ىذه الز انة تتميز عن ىا ب ائحة نتنة تزكم األنوف، ولم يكن يسمح لنزيميا أن ينظف زن انتو أو حتي أن يغتسل أو‬ ‫ز‬ ‫غير ر‬ ‫نز‬ ‫يغسل مالبسو، وكان كمما ج لمخالء يعي ه السجانون ب ائحتو الكريية ويبصقون عمي وجيو وىو صامت ال يتكمم.‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫خر‬ ‫ـ المنفردة (71) نزيميا المدعو (ج) نفسو، كان الجالدون ي جونو لمتحقيق يومياً ويتعرض لـمختمف أنواع التعذيب الذي لم ينقطع عنو يوماً‬ ‫خر‬ ‫واحداً طوال األشير الستة التي قضيتيا في االنف ادية.‬ ‫ر‬ ‫في (يناير) عام 1002، ساقني الجالدون إلي غرفة التحقيق م ة ي، ولما دخل المحقق سألتو: ألـم ينتو التحقيق بعد؟ ، فأجابني ببرود‬ ‫ر أخر‬ ‫ج عن‬‫بأنني لست متيماً ولذلك فقد ابتدأوا باألشخاص الميمين، وقد احتاجوا لوقت طويل حتي يأخذوا جميع أقواليم، ولكنو طمأنني بأنني سأخر‬ ‫قريب. كانت ىذه ىي الم ة األولي التي ج فييا من قبو ع فمسطين، وكان شكمي عباً لمغاية، فقد طال شاربي حتي غطي فمي بأكممو،‬ ‫مر‬ ‫فر‬ ‫أخر‬ ‫ر‬ ‫ونقص وزني وتغيرت مالمح وجيي، وماتت كثير من خاليا جسمي فمم أعد قادر عمي المشي أو حتي الوقوف، فاستأذنت المحقق أن أجمس‬ ‫اً‬ ‫عمي األرض، وجمس ىو عمي الكرسي فسألني نفس األسئمة التي وجيت لي قبل ستة أشير: اسمي وعممي وعالقتي بـ (ج)، ولما لم يجد‬ ‫عندي جديداً قال بيدوء: ياهلل ح ، فتوسمت إليو أن ينقمني عمي المياجع الجماعية ألنني لـم أعد أحتمل السجن االنف ادي، فأخذ رقم زن انتي‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫رو‬ ‫وأمر بإعادتي إلي المنفردة، وبعد تسعة أيام صدرت األوامر بنقمي إلي الميجع رقم (4) جت مع السجانين إلي الميجع المذكور، ولما فتح‬ ‫فخر‬ ‫الباب جت ائحة كريية ونظرت داخل الزن انة فإذا ىي ممموءة عن ىا، وتضايق المساجين الستة واألربعون من رؤيتي ألنني كنت‬ ‫آخر‬ ‫ز‬ ‫خر ر‬ ‫سأشاركيم ىذا المكان الضيق (4 ـ 5م). ولم أتمالك نفسي من الص اخ: رجعوني عمي المنفردة... جعوني عمي المنفردة ، فدفعني السجانون‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫إلي الداخل وأغمقوا الباب. كان المنظر في الداخل كئيباً لمغاية، فمم يكن المكان يتسع لجموس الجميع فاضطر بعضيم لموقوف، ولكنني فرحت‬ ‫كثير عندما عممت بوجود حمام داخل الزن انة، فاغتسمت ثم حشرت نفسي داخل ىذه الـمجموعة، وكان أول سؤال يوجو إلي ىو سبب سجني،‬ ‫ز‬ ‫اً‬ ‫ج خالل أسبوعين عمي أبعد تقدير، ولم أكن أعمم بأنني سأقضي األشير الخمسة القادمة في ىذا‬‫فأجبتيم بأنني لـم توجو إلي تـيمة، وسأخر‬ ‫الميجع الكئيب.‬
  • 10. ‫تغير حالي كثير في الميجع فصرت آكل وأشرب وآنس إلي المساجين وأقضي الساعات الطويمة في التحدث واالستماع إلي المآسي التي‬ ‫اً‬ ‫يروونيا‬ ‫· من قصص المهجع‬ ‫ـ طمبت من السيد ىال ل أن يحدثني عن التيم الموجية إلي المساجين في ع فمسطين، فأطرق ىة وأخذ يذكر قصصيم بالتفصيل، وقال‬ ‫لبر‬ ‫فر‬ ‫لي:ـ أتذكر سميمان الذي قضي أحد عشر شير في الميجع، ولم يكن وحده فقد كانت معو والدتو ( ىا سبعون عاماً) في ميجع النساء.‬ ‫عمر‬ ‫اً‬ ‫كانت تـيمتيم أن أحد أقاربيم في الخ ج اتصل بيم ىاتفياً وسأليم عن حاليم بعد موت حافظ األسد، أجابوا بديية: مكيفين ، وكانت ىذه‬ ‫ار‬ ‫الكممة كفيمة ىم إلي السجن.‬ ‫بجر‬ ‫ـ أبو أيـمن من الالذقية، رجل كبير في السن عم ه 76 عاما، كانت تـيمتو أنو قابل أحد الـمنتسبين إلي جماعة اإلخوان المسممين أثناء رحمتو‬ ‫ر‬ ‫إلي الحج في أوائل الثمانينيات وأعطاه ذلك الرجل مبمغ 005 لاير إلحدى األسر المحتاجة في سورية، وبعد مرور سنوات طويمة قرر ذلك‬ ‫الشخص أن يعود إلي سورية فذىب إلي السفا ة في الدولة التي يقيم فييا وسجل جميع اعت افاتو وذكر اسم أبو أيـمن في الالذقية، وأنو طمب‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫منو توصيل المبمغ المذكور. وعندما أبرقت السفا ة إلي دمشق كان المسكين أبو أيـمن يعالج في المستشفي ج اء جمطة أصابتو، ولم يكن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫المرض ليشفع لو، فقد تم ج ه من المستشفي إلي ع فمسطين الستكمال التحقيق!‬ ‫فر‬ ‫ر‬ ‫ج ولديو سبع بنات، وكانت تيمتو الدعوة إلي الكتاب والسنة في صفوف الشباب. عندما أيتو كان قد‬ ‫ر‬ ‫ـ محمد شاىر شاب من مدينة حماة متزو‬ ‫ي ومسح شع ه بالنجاسة، ونتيجة‬ ‫ر‬ ‫قضي سنة ونصفاً، وكان أحد الجالدين قد دأب عمي وضع أسو في حاض وتـمريغ وجيو بحذائو العسكر‬ ‫المر‬ ‫ر‬ ‫لتكرر ىذا األسموب الوحشي فقد حت وجنتو ولم يعد ينبت الشعر في أج اء من لحيتو وشاربو.‬ ‫ز‬ ‫جر‬ ‫ـ وكانت ىنالك مجموعة (حوالي 82) من الشباب السوريين والفمسطينيين الذين تجاوبوا مع االنتفاضة الفمسطينية فقاموا بمحاولة فاشمة لتيريب‬ ‫بعض األسمحة إلي األرض المحتمة عبر الحدود األردنية، حيث ألقي القبض عمييم، وكنا نستغرب أن يتميز ى الء عن ىم بأشد أنواع‬ ‫غير‬ ‫ؤ‬ ‫التعذيب في قمعة الصمود والتصدي، وتـحديداً في ع فمسطين !‬ ‫فر‬ ‫ـ وكانت ىنالك أيضاً مـجموعة من الع اقيين الذين حاولوا التسمل عبر الحدود السورية ليذىبوا إلي لبنان، ومنو إلي أوروبا، وقد فر الء‬ ‫ىؤ‬ ‫ر‬ ‫المساكين من الحصار والضيق االقتصادي في بمدىم ليعانوا من الويالت في بمدىم الشقيق.‬ ‫ح بيا فقد تم‬‫غم من أن األشرطة مصر‬‫ـ وأذكر من المساجين أيضاً جالً تم القبض عميو بتيمة بيع أشرطة إسالمية أمام أحد المساجد، وبالر‬ ‫ر‬ ‫اعتقالو، وكان يتعرض كذلك لمتعذيب.‬ ‫ـ ال أستطيع أن أنسي جالً كان معنا اسمو نعيم، وكانت جمو مقطوعة، وتيمتو أنو قد ساعد في محاولة تيريب األسمحة عبر الحدود السورية‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫إلي األردن، ومنيا إلي فمسطين. لقد كان الجالدون يضربونو عمي رجمو المتبقية، ولقد أيت بأم عيني المحم يتساقط منيا عندما يعود من حفمة‬ ‫ر‬ ‫ى لسحب المزيد من االعت افات منو، ولم‬ ‫ر‬ ‫غم من تورم رجمو وانتفاخيا فقد كان يستدعي ال ة تمو األخر‬ ‫ـمر‬ ‫التعذيب، وكنا نحممو إلي الخالء، وبالر‬ ‫يكن ىناك شيء أشق عمي نفوسنا من حممو كل يوم وتسميمو إلي الجالدين الذين كانوا يسحمونو إلي غرفة التعذيب، ثم نسمع صياحو‬ ‫وتوسالتو واستغاثتو.‬
  • 11. ‫ي، وكان كبير في السن ومصاباً بضعف في القمب، وقد منع السجانون عنو الدواء فكان يتوسل إلييم‬ ‫اً‬ ‫وكان معنا عقيد سابق في الجيش السور‬ ‫بأن يحضروا لو نوعاً من الحبوب التي يضعيا تحت لسانو ولم يكونوا يستجيبون لو، وذات م ة سقط عمي أرض الزن انة ج الزبد من فمو‬ ‫ز وخر‬ ‫ر‬ ‫فطرقنا الباب و جناه محم الً إلي الممر، فكان السجانون يركمونو ويقولون لو: قوم يا عرص ... لو عممت شو ما عممت ما في دوا ، ولما‬ ‫و‬ ‫أخر‬ ‫طال بو الحال أحضروا الممرض الذي فحص ضغطو فوجده في حالة خطي ة فرفعوه، وجاءوا بعد فت ة فطمبوا مالبسو وأغ اضو، وقيل لنا بعد‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫غم من حزننا عميو فمم نجد أي شعور بالشفقة أو الذنب عند ى الء الجالدين الذين كانوا يقولون لنا بعد‬ ‫ؤ‬ ‫ذلك أنو قد انتقل إلي رحمة اهلل، وبالر‬ ‫ذلك واهلل غير تموتوا كمكم ىون متل ىالكمب .‬ ‫ىذه ىي الحالة التي كنا عمييا طوال األشير الخمسة التي قضيتيا في الميجع؛ كنا نزدحم مثل قطيع من األغنام في زن انة ال تتسع لنصفنا‬ ‫ز‬ ‫ع بعضنا لمقيام بعممية التيوية بمالبسيم القذ ة، وكان‬ ‫ر‬ ‫نتبادل األدوار في النوم فيقف بعضنا وينام اآلخرون، وفي فصل الصيف كان يتطو‬ ‫الجالدون يأتون بين الفينة و ي وينادون باسم الضحية فيتقدم من بيننا خائفاً مرتعشاً، ال نمبث أن نسمع صياحو وأنينو من غرفة التعذيب،‬ ‫و‬ ‫األخر‬ ‫ومن سوء حظنا أن فتحة تـيوية الميجع كانت تطل عمي غرفة التعذيب فكنا من خالليا نتمكن من معرفة ما يقع عمي إخواننا من البالء.‬ ‫· صور من التعذيب‬ ‫ثم ينتقل ىالل لمحديث عن التعذيب في ع فمسطين، وما يسببو ذلك لو من كوابيس عة، فقد كان الجمد بأسالك الكيرباء الرباعية‬ ‫مفز‬ ‫فر‬ ‫(الكيبالت) أمر اعتيادياً، ولم ينج منو أحد قط، ولكن أصحاب التيم الخطي ة كانوا يتعرضون ع آخر من التعذيب ىا الكرسي األلماني‬ ‫أبرز‬ ‫لنو‬ ‫ر‬ ‫اً‬ ‫الذي يثبت عميو السجين ثم جع بو إلي الخمف حتي يصبح أسو قريباً من رجميو فيفقد وعيو من شدة األلم، وكثير ما أصيب المساجين من‬ ‫اً‬ ‫ر‬ ‫ير‬ ‫ج اء ذلك بآالم مزمنة في الظير، وعندما يعود إلينا زمالؤنا في الميجع بعد جموسيم عمي ىذا الكرسي كنا نمددىم عمي األرض وندلك‬ ‫ر‬ ‫ىم عن الوقوف أو المشي.‬ ‫ىم، ويبقون متمددين عمي حاليم أياماً طويمة بسبب عجز‬ ‫ظيور‬ ‫جون أس السجين مع يديو ورجميو ويبقي في الطرف اآلخر ظي ه ومؤخرتو ويضرب بعد ذلك بالعصي‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫وكان الجالدون يستخدمون الد الب فيخر‬ ‫و‬ ‫حتي يعترف عمي نفسو بكل ما يممي عميو.‬ ‫وكثير ما كان يشتكي زمالؤنا في الميجع من تعميقيم مثل الخ اف وتعريتيم وضربيم عمي جميع أنـحاء الجسد، ولم يكن الضرب أشد إيالماً‬ ‫ر‬ ‫اً‬ ‫من تحمل الرسغ لسائر ثقل الجسم، فيعود السجين إلي زن انتو وىو غير قادر عمي تحريك يديو وقد يستمر عمي ىذه الحالة لبضعة أيام.‬ ‫ز‬ ‫كنا نعرف طريقة التعذيب من تتابع صياح الضحية، ثم ينزل المسكين ويحكي لنا ما فعل بو الجالدون، وكثير ما كانوا يأخذون المعتقل ويبقونو‬ ‫اً‬ ‫واقفاً طول النيار وىو مقيد ومغمض العينين ج غرفة التحقيق، ثم ج المحقق ويقول لو: انزل ولك كمب، بك ة منشوف شغمنا معك فينـزل‬ ‫ر‬ ‫يخر‬ ‫خار‬ ‫م ة ي تحت ضرب الجالدين وركميم حتي يدخل الزن انة.‬ ‫ز‬ ‫ر أخر‬ ‫· مهجع النساء‬ ‫يقدر ىالل بأن عدد السجينات في ميجع النساء كان حوالي 41 ام أة، وكان بعض النساء يصطحبن أطفالـين فكان في الميجع طفل عم ه‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫خمس سنوات وبنت ىا أربع سنوات و ي ىا 11 سنة كانوا يرون أمياتيم يشتمن بأقذع األلفاظ الفاحشة التي يندي ليا الجبين‬ ‫أخر عمر‬ ‫عمر‬ ‫ويسمعون أصوات التعذيب، وكنا نرق لبكاء األطفال الذين يذكروننا بأبنائنا فمم يكن أحد منا يعرف حال أىمو بعده النعدام الصمة واالنقطاع‬ ‫عن العالم الخارجي.‬
  • 12. ‫كانت ىناك طفمة ىا 61 سنة حافظة لمق آن الكريم و ي ىا 71 سنة جيء بـيما مع والدىما، وكانت ىناك ام أة متزوجة منذ خمسين‬ ‫ر‬ ‫أخر عمر‬ ‫ر‬ ‫عمر‬ ‫خ بطمب الطبيب، فيجيبين السجان: شو دخمني‬‫يوماً جيء بيا وىي حامل، وأذكر أنني سمعت صوت ثالث نساء يسقطن، وكانت النساء تصر‬ ‫أنا... ىاي شغمتكن أنتو النسوان... اتصرفوا ، ولم تكن تجدي فيو االستغاثة والولولة والعويل الذي يستمر لفت ة طويمة ثم ينقطع بالتدريج.‬ ‫ر‬ ‫لقد ماتت الشفقة والرحمة في قموب ى الء السجانين الذين لم يكونوا يميزون بين رجل وام أة وطفل، فقد وضعت البنت ذات الستة عشر ربيعاً‬ ‫ر‬ ‫ؤ‬ ‫خ لك امتيا، ولما تكررت ىذه الحادثة ىب المساجين من‬ ‫في إحدي ال زنازين المنفردة، وكان أحد السجانين يفتح عمييا الباب دون إذن فتصر ر‬ ‫الزنازين المنفردة والمياجع وأخذوا يطرقون بأيدييم العارية عمي األبواب الحديدية غضباً ليذا االستيتار حتي نزل العميد وعدد من الضباط‬ ‫ونقموا البنت إلي مكان آخر. وعندما استطعنا التواصل مع ميجع النساء عن طريق أنابيب التمديدات الصحية كانت ىذه البنت المسكينة‬ ‫تطمب والدىا وتبكي بكاء حار يقطع قموبنا وتشتكي لو من السجان (شادي) الذي كان يصفعيا عمي وجييا ويفحش في السب والشتم، ال ي ال‬ ‫و ز‬ ‫اً‬ ‫صوتيا يرن بأذني وىي تقول بصوت طفولي يء: بابا... بابا... ىدا الحارس (شادي) عمبيضربني وكل المساجين يشاركون والدىا البكاء‬ ‫بر‬ ‫من قمة الحيمة واليوان.‬ ‫وقد حدثني بعض المساجين بأنـيم روا إحدي النساء في غرفة التحقيق وقد ع اىا الجالدون وىي تستر ما تستطيع بيدييا وتولول وتستغيث.‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫وكان ميجع النساء يستقبل بين الفينة و ي بعض النساء المتيمات بالدعا ة وتمقي النساء األخريات من سوء خمقين الكثير، وكان‬ ‫ر‬ ‫األخر‬ ‫السجانون يفتحون باب الميجع النسائي ليتمذذوا بمشاىدة رقص ى الء النساء ونحن نسمع كل شيء، واذا اشتكت أي ام أة محتشمة من ذلك‬ ‫ر‬ ‫ؤ‬ ‫خ بـين: اخرسوا يا كمبات، ىي أشرف منكن كمكن . بل كانوا يتعمدون اإلساءة إلي الم أة التي تحافظ عمي ىا وينعتونـيا‬ ‫ستر‬ ‫ر‬ ‫كان الحارس يصر‬ ‫بأقذع الشتائم، وكنا نسمع ال نستطيع أن نحرك ساكناً.‬ ‫و‬ ‫الفساد‬ ‫·‬ ‫يتكون قبو سجن ع من ممر طويل فيو 01 مياجع جماعية (4 ـ 5م)، و91 زن انة انف ادية (08 ـ 081)، و4 زنازين مزدوجة بحجم‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫الفر‬ ‫المنفردة مرتين، وكان توضع في بعضيا 8 سجناء، ال ي كيف كانوا يجمسون أو ينامون فييا، بل إن أحد المساجين قد قضي في المزدوجة‬ ‫و ندر‬ ‫سنة ونصف يشاركو سبعة آخرون في كثير من األحيان. وكان ىناك عدد من المياجع في الطابق األرضي.‬ ‫كان مدير السجن برتبة مساعد أول واسمو أحمد، ولو ثالثة نواب: شادي وحاتم وأبو عصام، وكانوا غاية في السوء والفظاظة ولم تكن األلفاظ‬ ‫البذيئة والفاحشة تغادر ألسنتيم عمي اإلطالق، أما الح اس فكانوا ثالث مجموعات من خمسة سجانين، تسمي نوبات، مرتبة‬ ‫ر‬ ‫عمي النحو التالي:‬ ‫ـ نوبة المعمم أبو سومر ومعو: امز، وعمي، وخصيم (أبو غضب)، وسامر.‬ ‫ر‬ ‫ـ نوبة المعمم حسن ومعو: إب اىيم، ورفيق، ومحمد، وأحمد.‬ ‫ر‬ ‫ـ نوبة المعمم محسن ومعو: سامر، وعمي، وحسام، وجمال.‬ ‫وقد كانت ىذه المجموعات الثالث تتناوب عمي ح اسة الزنازين. وقد تم اختيار ى الء السجانين بدقة متناىية فكانوا جميعاً من أبناء الطائفة‬ ‫ؤ‬ ‫ر‬ ‫الحاكمة ومن أصحاب السوابق الذين يمتينون األعمال الدنيئة، وكانوا عمي درجة عالية من الغالظة وسوء الخمق فيشتمون بعضيم البعض‬
  • 13. ‫بألفاظ نابية ويتمذذون بتعذيب المساجين ويتسابقون في أذيتيم. لقد كان السجن ىو مصدر رزقيم الوحيد، ونشأت عن ىذه الحاجة سوق ائجة‬ ‫ر‬ ‫ال يعرفيا إال من دخل فييا والعياذ باهلل:‬ ‫ج لمساومة أىالي السجين عمي أغمي ثـمن لقاء زيارتو، وكانوا يقتسمون ىذه‬‫ففي المرحمة األولي يتعاون المدير مع عصابات أمنية في الخار‬ ‫المبالغ فيما بينيم كل حسب النسبة المتفق عمييا. وقد عممنا بأن المدير كان يحصل 0005 لي ة سورية عن كل زيا ة من خالل عصابة‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫تتعاون معو ج السجن.‬ ‫خار‬ ‫ثم يسمم األىالي مدير السجن األموال واأللبسة والمأك الت التي أحضروىا ألبنائيم فيقتسم الغنيمة مع الح اس ال يصل لمسجين من ذلك إال‬ ‫ر و‬ ‫و‬ ‫القميل؛ فإذا ترك األىالي خمسة آالف لي ة يقتطع المدير منيا ثالثة آالف ويقول لمسجين بابتسامة خبيثة: تركولك أىمك ألفين لي ة ، ال يستطيع‬ ‫ر و‬ ‫ر‬ ‫السجين أن ينبس ببنت شفة. وطالما كنا ننظر إلي السجانين وىم يتخاطفون الكباب والحمويات ويأكمونيا بش ه وىم يتضاحكون بينما ال يصل‬ ‫ر‬ ‫إلي السجناء منيا شيء.‬ ‫ي الجبن والشاي والسكر والسجائر والصابون، وكانوا يسمون ىذه المناسبة:‬‫وكان يسمح لنا بش اء بعض المواد الغذائية م ة في الشير فنشتر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ندوة ، ثم نوقع تـخويالً لممدير بصرف المبمغ المطموب من أموالنا في عيدتو، وتسمي: األمانات ! وكانت ىذه فرصة كبي ة لمنيب والسرقة‬ ‫ر‬ ‫فيناك نـحو 005 سجين في ع فمسطين، فيعمد مدير السجن الي تسجيل البضائع بأسعار مضاعفة ويأخذ الفرق عمي حساب المعتقمين.‬ ‫فر‬ ‫أما السجانون فكانوا غموننا عمي ش اء ما يحـ ــتاجونو ىم، وعند تسميم البضائع كان السجانون يتجـ ــمعون عمي باب الزن انة ويتـ ـخاطفون ما‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫ير‬ ‫يريدونو والويل لـمن يعترض عمييم من المساجين، وأذكر أنني اشتريت عمبتين من جبنة البق ة الضاحكة ولم يصمني منيا عند التسميم سوي‬ ‫ر‬ ‫ثالث مثمثات من العمبة الثانية! بل إن السجانين كانوا يشربون الشاي ويستخدمون السكر والصابون الذي نشتريو ويقولون لنا: إز جعتوا أنتو‬ ‫ا‬ ‫ع.‬‫نحنا منجو‬ ‫أما الم حنة التي مرت بيا أسرتي فيي خير مثال لما يتعرض لو أىالي آالف المعتقمين في سورية، فقد استطاع أحد السجانين أن يتعرف عمي‬ ‫عنوان أىمي في حماة، فكان يذىب إلييم بنفسو ويدعي بأنني طمبت منو أن يحضر إلي بعض األموال، واستطاع بيذه الطريقة أن يسرق منيم‬ ‫أكثر من مائة ألف لي ة سورية حتي اضطرت زوجتي لبيع حمييا، وأخذ منيم كميات كبي ة من األجبان والزيتون والمرتديال واألدوية والمالبس،‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫وكان كمما تأخر عميو أقاربي في الدفع يمفق األكاذيب عن حالتي في السجن ليستدر عطفيم ويحثيم عمي بذل المزيد، ولم يكن يخجل من‬ ‫زيارتيم وىو يرتدي المالبس التي أرسموىا لي في زيارتو السابقة ليم، ولما عمموا بفساد نيتو وسرقتو انقطعوا عنو، فجاء إلي واعترف لي ببعض‬ ‫خت، ولكن لم يكن لي حيمة وأنا خمف القضبان، أما س ـ ــبب اعت افو فيو غبتو في ت ـ ــاوني معو ألخذ المزيد، فقد‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ما فعل فغضبت لذلك وصر‬ ‫أعطاني ورقة وقمماً وطمب إلي أن أكتب رسالة لزوجتي حتي تتأكد أنو مرسل من قبمي، ولما امتنعت أخذ يخبرني أخبار سيئة عن زوجتي‬ ‫اً‬ ‫وأ الدي. وعندما فقد األمل من االستم ار في لعبتو انتقم لك امتو الميدو ة عن طريق إخبار زوجتي بأنني قد قتمت تحت التعذيب فخرت مغشياً‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫عمييا وقضت في المستشفي عدة أيام.‬ ‫ولكن التجا ة الحقيقية كان يمارسيا رجال أكبر من السجان، فقد عرض بعضيم عمي والد زوجتي اإلف اج عني لقاء مبمغ مميوني لي ة سورية،‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫فاجتيد في جمع المبمغ، ولكنو انتقل إلي رحمة اهلل بعد أن أصابتو سكتة قمبية من شدة الحزن، وكان ضعيف الجسم ال يقوي عمي مواجية‬ ‫ئ الكريم أن يتصور حالة أس ة واحدة من آالف األسر نكبتيا أجي ة األمن السورية؛ فالزوجة في‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫الضغوط التي كانت تـمارس عميو. ولمقار‬ ‫المستشفي ووالدىا في القبر وزوجيا في السجن وأ الدىا يبكون في الميل والنيار ال يعرفون سبب ما حل بـيم من بالء، ومع ذلك فالعصابات‬ ‫و‬